أحدثها الجنيه الإلكتروني «المركزى».. ورحلة «رقمنة الخدمات»
صورة أرشيفية
أحدثها الجنيه الإلكتروني «المركزى».. ورحلة «رقمنة الخدمات»
تقرير: أميرة جاد
كشف تقرير الاستقرار المالي، الصادر عن البنك المركزي في أكتوبر الجارى، عن الخطط المستقبلية المستهدفة للبنك لاستكمال رقمنة الخدمات المالية داخل القطاع المصرفى، ويستهدف «المركزي» تنفيذ ثلاث خطط رئيسية، وهي
«مشروع إصدار العملة الرقمية ومشروع الإقراض الرقمى من خلال محافظ الهاتف المحمول»، إلى جانب منظومة الهوية المالية والتي تهدف التعرف على هوية العملاء إلكترونيا (E-KYC).
وفيما يتعلق بمشروع إصدار العملات الرقمية كشف «المركزي» أنه تم الانتهاء من المرحلة الأولى من دراسة المشروع، والتى خلصت إلى إعداد تقرير الدراسة وتحليل مشروع العملة الرقمية للبنك المركزى المصرى، ويتناول التقرير الجوانب المختلفة للمشروع بدءًا من نظرة عامة على البنية المالية التحتية لأنظمة وخدمات الدفع في مصر، واعتبارات تطبيق العملة الرقمية للبنك المركزى المصرى بما يشمل الأهداف الاستراتيجية ونماذج العمل وتقييم المزايا والمخاطر بجانب تطبيق العملة الرقمية، بالإضافة إلى قابلية التطبيق من حيث عوامل الأمن السيبراني والتقنيات التكنولوجية المستخدمة والجوانب القانونية والتشريعية وكفاءة النظام المالي، بحسب ما جاء في التقرير الذي قال إن معظم الدول المتقدمة حاليا تعكف على دراسة وتطبيق إثبات المفهوم POC Proof Ot Concept، باعتبارها خطوة مهمة فى المشروع، ومن هنا بدأ البنك المركزى المصرى فى الإعداد لهذه المرحلة «POC» حيث تضيف مرحلة إثبات المفهوم أنشطة الجانب العملي التطبيقى إلى الدراسة النظرية لبحث مدى جدوى إطلاق العملة الرقمية وكيفية تطبيقها وتهيئة الكوادر والخبرات لدى الإدارات المرتبطة بالمشروع، وكانت وثيقة أبرز التوجهات الاستراتيجية الصادر عن مجلس الوزراء فى يناير الماضى قد حددت 2030 الإصدار الجنيه الرقمي.
أما مشروع الإقراض الرقمى من خلال محافظ الهاتف المحمول فأدى إلى إتاحة الاقتراض الإلكتروني لعميل محافظ الهاتف المحمول بصورة لحظية من خلال قناة مؤمنة بناء على السلوك الائتماني لهم Alternative Credit Scoring وتم إصدار القواعد الخاصة بهذه الخدمة. ويقوم البنك المركزي بالعمل مع الشركة المصرية للاستعلام الائتماني Score للانتهاء من الجوانب الفنية الخاصة بالمشروع ليتمكن المواطن من الاقتراض بصورة لحظية على مدار الساعة عن طريق محفظته الإلكترونية.
بينما تسعى منظومة أعرف عميلك الإلكترونية إلى تطوير القطاع المصرفى المصرى من خلال توفير وسيلة إلكترونية آمنة لمستخدمى الخدمات المالية تمكنهم من إنشاء هوية مالية إلكترونية تسمح بالتحقق من بيانات العملاء الكترونيا بما تمكنهم من فتح حسابات البنوك بشكل إلكتروني عن بعد بدون الذهاب إلى فرع البنك (Remotely). مما ينعكس بالإيجاب على عملية إدراج عملاء جدد لدى البنوك بطرق إلكترونية سهلة وسريعة وآمنة، وكذلك خفض الإجراءات الورقية، وخفض التكدس على فروع البنوك للتسجيل والحصول على الخدمات المالية.
إدراج البنك المركزي عملية إصدار الجنيه الرقمي ضمن خطط البنك الرقمية يأتي في سياق دولى تقوم فيه 134 دولة تمثل 98 في المائة من الاقتصاد العالمي تستكشف الآن الإصدارات الرقمية من عملاتها، مع أكثر من نصفها في مراحل التطوير المتقدمة أو التجريبية أو الإطلاق وهو ما يؤكده البحث الذي أجراه المجلس الأطلسي والذي قامت به جميع دول مجموعة العشرين باستثناء الأرجنتين.
في السياق نفسه ووفقا لصندوق النقد الدولي، فإن هناك أكثر من 100 بنك مركزي حول العالم يخطط لتطوير وإصدار عملة رقمية خاصة به على رأسها الاتحاد الأوربي الذي يخطط الإطلاق اليورو الرقمي والولايات المتحدة التي تخطط لإطلاق الدولار الرقمي، إضافة إلى الصين التي تعتبر الرائدة في ذلك المجال حيث وصل مستخدمو اليوان الرقمي في أواخر 2021 إلى 140 مليون مستخدم ونحو 1.5 مليون تاجر.
ويعرف الخبير المصرفى ماجد فهمى، رئيس بنك التنمية الصناعية الأسبق العملة الرقمية بأنها نسخ رقمية من النقود الورقية التي تصدرها البنوك المركزية وتنظم العمل بها، ويتاح استخدام الجنيه الرقمي عبر أجهزة الموبايل في التحويلات والتجارة وتبادل الاموال بين الأفراد والمؤسسات.
وقال «فهمي» إن العملات الرقمية تتمتع بعدد من المميزات أهمها سهولة التتبع من قبل البنك المركزي وبالتالي مكافحة غسل الأموال وتمويلات الإرهاب بالإضافة إلى كونها تكافح التهرب الضريبي وتسهل عملية التحكم في السيولة داخل الاقتصاد الرسمي.
وأضاف أن إصدار جنيه رقمي لا بد وأن تسبقه عدة إجراءات أهمها استكمال الإصلاح الاقتصادي بزيادة الإيرادات وحل مستدام لمشكلة العملة الأجنبية للحفاظ على مستويات آمنة من السيولة المحلية والأجنبية، بالإضافة إلى ضم الاقتصاد غير الرسمي للمنظومة من خلال حوافز مالية وإجرائية متنوعة، إضافة إلى العمل على نشر الثقافة العالية الرقمية، وهو ما يجعل عملية إصدار عملة رقمية أمرا يمثل جدوى مهمة في عملية الشمول المالي التي بدأتها مصر منذ سنوات.
في السياق نفسه قال الدكتور محمد عبد العال الخبير المصرفى، إن العملة الرقمية تتميز بأنها ليست متقلبة مثل العملات المشفرة حيث يقوم كل بنك مركزي لكل دولة بإنشاء عملة خاصة به والإشراف عليها وتنظيم إصدارها، وسيكون الجنيه المصرى الرقمي بمثابة النظير الإلكتروني للجنيه الورقى التقليدي، وسيتم التعامل به من خلال أنظمة الدفع الإلكترونية، وتؤكد هذه الخطوة التزام الحكومة بتبنى التحول الرقمي، وتقليل الاعتماد على المعاملات بالعملة الورقية، ومن المعروف أن العملات الرقمية تختلف عن العملات المشفرة، حيث لا تخضع الأخيرة لأي نوع من أنواع رقابة البنوك المركزية ولا يوجد أي إفصاح عن طبيعة تعاملاتها ولا أصحاب الحيازات من تلك العملات المشفرة وأشار «عبدالعال» إلى أن الجنيه المصري الرقمي لا يزال تحت الدراسات الأولية الآن وربما يصدر في عام 2030
وبالطبع في حينه سيصدر له تشريعات تحكم إصداره وفقا للأصول المتبعة لدى البنك المركزي المصري..
وبحسب مركز معلومات مجلس الوزراء فإن إصدار الجنيه الرقمي مرهون بوجود بنية تحتية تكنولوجية قوية مثل شبكات الإنترنت والهاتف المحمول، بجانب تعزيز الاستثمار في مجالات الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني والبلوك تشين لتفادي مخاطر القرصنة وتحديد النظام المالي، بجانب معوقات أخرى مثل معارضة الأفراد لاستخدامها بسبب تحكم البنوك في استخدام تلك العملات.
مشروع الهوية المالية الرقمية والذي يضعه البنك المركزي ضمن خططه الرقمية للشمول المالى يتكامل مع مخطط البنوك الرقمية التي يتم تعريفها بقانون البنك المركزي والجهاز المصرفي رقم 194 الصادر لسنة 2020 بأنها «البنوك الرقمية التي تقدم خدمات مصرفية عبر القنوات أو منصات رقمية باستخدام التقنيات التكنولوجية عبر الإنترنت فقط، وتشمل بعض وظائف المعاملات للنظام المصرفي الأساسي التي تقدمها كافة البنوك التقليدية من فتح حسابات جارية وتوفيرها بجانب طرح أوعية ادخارية طويلة وقصيرة الأجل، وقروض الأشخاص بالإضافة إلى السحب النقدي تحويل أموال إدارة الحسابات دفع الفواتير، كما تخوض تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، بجانب تمويل المؤسسات والمصانع، بالإضافة إلى القطاعات الإنتاجية الأخرى.
وفي هذا السياق، قال «عبدالعال» إن «البنوك الرقمية تحقق الكثير من المزايا سواء للشركات أو المؤسسات صاحبة تلك البنوك أو العملاء، حيث تسمح البنوك الرقمية للأفراد بالوصول إلى حساباتهم المصرفية وإجراء المعاملات في أي وقت ومن أي مكان يفضل توفرها عبر الإنترنت على مدار الساعة وطوال أيام الأسبوع. ويتم اعتماد المعاملات بالتوقيع الإلكتروني، كما تعتبر البنوك الرقمية عادة أقل كلفة من البنوك التقليدية، حيث إنها لا تحتاج إلى هيكل تكاليف مرتفع وهو الأمر الذي يعكس في النهاية إمكانية تقديم خدمات ومنتجات بعوائد أفضل أو تكاليف أقل، وبالتالي يكون هناك مجال التعظيم مؤشرات وهوامش الربحية المساهمي البنك، وتعزيز المراكز التنافسية لتلك البنوك.
وتابع: كما تتميز البنوك الرقمية بالقدرة على تنفيذ المعاملات بشكل فوري وبسرعة أعلى من البنوك التقليدية، كما تتميز بكونها مركزا للابتكار والتطوير التقني في صناعة وفنون الخدمات والمنتجات المصرفية وعن طريق استخدام تطبيقات وآليات للتشفير المتقدمة لحماية بيانات العملاء وتأمين المعاملات المالية عبر الإنترنت فإنها توفر قدرا كبيرا من الأمان والحماية المصرفية.
بشار هنا، إلى أنه تأتي خطط المركزي المستقبلية رقمنة الخدمات المالية استكمالا للمنظومة الرقمية التي يعمل عليها البنك المركزي التي يعمل عليها المركزي منذ سنوات والتي نجحت مؤخرا في تطبيق نظام مقاصة الشيكات بالصورة EG-CCH، والذي بعد من أهم أنظمة الدفع التي يحرص البنك المركزي على تطويرها في المرحلة الحالية بالشكل الذي يتيح توقف تداول الشبكات الورقية عند مرحلة إيداعها في البنوك للتحصيل، والاعتماد بدلا من ذلك على صورة رقمية الكترونية مؤمنة.
لا تقتصر الرقمنة على الشيكات وإنما امتدت لتعاملات مالية كثيرة داخل القطاع المصرفي، حيث أسس وشغل البنك المركزي «شبكة المدفوعات اللحظية (IPN) وهي منظومة وطنية لتنفيذ التحويلات اللحظية وربط كافة البنوك العاملة داخل جمهورية مصر العربية، وتعتبر واحدة من أهم الإنجازات التقنية التي تقوم بخدمة البنية التحتية للتكنولوجيا المالية حيث إنها تعتمد على بنية تحتية رقمية تتيح التكامل مع شركات التكنولوجيا المالية وخلق فرص هائلة لتقديم حلول مبتكرة لكافة فئات المجتمع، وقد تم الإطلاق الفعلى للمنظومة بتاريخ 22 مارس 2022، ومن خلال شبكة المدفوعات الرقمية ثم ربط 34 بنكا من إجمالي 35 بنكا على المنظومة حتى مارس 2024 كما ارتفع عدد المعاملات الخاصة بالخدمة، حيث سجل ما يزيد على 93 مليون معاملة خلال الربع الأول لعام 2024 بإجمالي قيم تزيد عن 565 مليار جنيه بحسب بيانات البنك المركزي.