الثلاثاء 14 يناير 2025

المصور

مزايا مصرية لجذب الاستثمارات الأجنبية

  • 14-1-2025 | 00:24

صورة أرشيفية

طباعة
  • بقلم : د. عبد المنعم السيد

رغم الأزمات الاقتصادية والجيوسياسية العالمية والإقليمية إلا أن مصر ما زالت جاذبة للاستثمارات بل وتعتبر أولى الدول الإفريقية جذبا للاستثمارات الأجنبية، ولا تزال مصر وجهة جذابة للمستثمرين الأجانب لعدة أسباب:

 

أولا.. الموقع الجغرافى الاستراتيجى، فمصر تُعد بوابة بين إفريقيا، وآسيا، وأوروبا، ما يمنحها ميزة تنافسية كبيرة فى جذب الاستثمارات خاصة قناة السويس، باعتبارها واحدة من أهم الممرات المائية فى العالم، والتى تجعل مصر مركزًا لوجستيًا عالميًا.

 

ثانيا.. البنية التحتية المطورة، فهناك استثمارات ضخمة فى الطرق، والموانئ، والمطارات، والمدن الجديدة، مثل العاصمة الإدارية الجديدة، وأيضا تطوير المناطق الصناعية والمناطق الاقتصادية الخاصة.

 

ثالثا.. اتفاقيات التجارة الحرة، فعضوية مصر فى اتفاقيات مثل الكوميسا، ومنطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، واتفاقية التجارة الحرة مع الاتحاد الأوروبى كل هذه الاتفاقيات تسهل الوصول إلى أكثر من 1.3 مليار مستهلك بدون قيود جمركية.

 

رابعا.. التنوع الاقتصادى فالاقتصاد المصرى متنوع، ويشمل قطاعات مثل الطاقة، الزراعة، السياحة، الصناعة، والبنية التحتية، وهذا التنوع يُقلل المخاطر على المستثمرين ويُعزز من استدامة الاستثمارات.

 

خامسا.. الإصلاحات الاقتصادية، وذلك عبر تطبيق برنامج إصلاح اقتصادى ناجح بالتعاون مع صندوق النقد الدولى، فتم تحرير سعر الصرف، تحسين البيئة التنظيمية، وتقديم حوافز استثمارية جديدة.

 

سادسا.. القوى العاملة، فمصر لديها قاعدة عريضة من القوى العاملة المؤهلة وبتكاليف تنافسية مقارنةً بالدول الأخرى.

 

سابعا.. الدعم الحكومى، من خلال إنشاء وحدة لحل مشكلات المستثمرين، إضافة إلى إطلاق مبادرات لجذب الاستثمارات، مثل قانون الاستثمار الجديد الذى يُوفر إعفاءات ضريبية وحوافز للمستثمرين.

 

ثامنا.. المشروعات القومية الكبرى، وأهمها مشروعات مثل العاصمة الإدارية، محور قناة السويس، ومحطات الطاقة التى تجذب استثمارات ضخمة.

 

تاسعا.. وأخيرا الاستقرار السياسى، فرغم الأزمات الإقليمية، إلا أن مصر تُحافظ على استقرارها السياسى، وهو عامل جذب رئيسى للمستثمرين فخطة جذب الاستثمار إلى السوق المصرى تعتمد على استهداف وجذب الاستثمارات من دول وشركات معينة، وهى الدول والشركات المتقدمة فى القطاعات المستهدف تنميتها من الحكومة المصرية، والقادرة أيضًا على ضخ استثمارات ضخمة تساهم فى زيادة معدلات نمو الاقتصاد المصرى.

 

تستهدف مصر جذب الاستثمارات بشكل رئيسى من 30 دولة تقريبًا وهى دول مجلس التعاون الخليجى ومجموعة تحالف بريكس وعلى رأسها الصين والهند وروسيا واليابان وأمريكا وإنجلترا وعدد من دول الاتحاد الأوروبى، وهى الدول التى تمتلك الخبرات والموارد التى تستهدف مصر الاستفادة منها، وتقوم ركائز السياسة الاستثمارية فى مصر على الاستثمار من أجل التصدير ودعم النمو، واستهداف الاستثمارات فى القطاعات ذات الأولوية، وتحسين بيئة الاستثمار، ولتحقيق مستهدفات السياسات الاستثمارية لابد من التكاتف والتناغم بين كافة الأجهزة الحكومية والسياسات الاقتصادية ومحاربة الروتين والبيرقراطية وأيضا تقديم الحوافز الاستثمارية للمستثمرين، ووضع مصر على خريطة الاستثمار العالمى، وبدأت الدولة بالاستثمار الذاتى خاصة خلال الفترة من 2014 وحتى 2020 من خلال المشروعات القومية التى تُعد من الركائز الأساسية لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وهى تُساهم فى تحسين البنية التحتية ودفع عجلة الاقتصاد نحو النمو.

 

وتأتى أهمية المشروعات القومية فى خلق فرص عمل كبيرة للشباب، ما يُقلل من معدلات البطالة ويُحسن مستوى المعيشة، إضافة إلى تحفيز الاقتصاد فتُسهم المشروعات القومية فى تنشيط قطاعات اقتصادية متعددة، مثل الإنشاءات، والصناعة، والزراعة، ما يزيد من الناتج المحلى الإجمالى، كذلك تحسين البنية التحتية من خلال تطوير شبكات الطرق، والكهرباء، والمياه، والصرف الصحى، ما يُحسن بيئة الاستثمار والخدمات المقدمة للمواطنين، أيضا جذب الاستثمار فوجود بنية تحتية متطورة ومشروعات كبرى يجعل مصر بيئة جاذبة للاستثمارات المحلية والأجنبية، ما يُسهم فى زيادة التدفقات الاستثمارية، إلى جانب تعزيز التنمية المستدامة، فتهدف هذه المشروعات إلى تحقيق التنمية فى مختلف المحافظات، خاصة المناطق المهمشة، ما يُسهم فى تقليل الفجوة بين المناطق الحضرية والريفية، استكمالا لذلك دعم القطاعات الاستراتيجية مثل الطاقة، الزراعة، والصناعة، ما يُحقق الاكتفاء الذاتى ويُقلل الاعتماد على الاستيراد، وأخيرا رفع كفاءة الخدمات العامة مثل مشروعات الإسكان الاجتماعى والمستشفيات والمدارس التى تُحسن جودة الحياة للمواطنين.

 

وكان الهدف من المشروعات القومية تهيئة المناخ الاستثمارى وجذب الاستثمارات المحلية والأجنبية ووضع مصر على خريطة الاستثمار العالمى حيث تزامن مشروعات البنية التحتية مع إصلاح تشريعى لجذب الاستثمارات وتم إصدار قانون الاستثمار رقم 72 لسنة 2017 وقانون 15 لسنة 2017 بشأن الهيئة العامة للتنمية الصناعية، وأيضا قانون المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر لسنة 2020، وقد أقامت مصر عدة اتفاقيات دولية وقعت عليها والتى تساعد على زيادة الصادرات المصرية وفتح أسواق جديدة للمنتجات والسلع المصرية، وكذلك الاستفادة من التحالفات التى انضمت إليها مصر وعلى رأسها تحالف بريكس، كما أن على الدولة تدعيم وتشجيع ريادة الأعمال والشركات الناشئة، وكذلك الشركات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر نجحت مصر العام 2024 فى جذب 9,8 مليار دولار استثمارا أجنبيا مباشرا بخلاف 35 مليار دولار صفقة رأس الحكمة.

 

وبالرغم من أن الرقم يعد الأعلى فى إفريقيا إلا أن الإمكانات والمزايا النسبية التى تمتلكها مصر تؤهلها لجذب المزيد من الاستثمارات، وعلى الدولة المصرية جذب شركات عالمية للتعاون فى أنظمة التجارة والترانزيت والسياحة. وتوطين عشرات الصناعات كبديل عن الاستيراد لتوفير نحو 30 مليار دولار من الواردات على الأقل، وبدأت مصر بجذب الاستثمارات فى العديد من القطاعات خاصة قطاع الصناعة وجذب استثمارات أجنبية مباشرة، خاصة من كيانات عالمية حيث استطاعت مصر الاتفاق مع مجموعة لوتاى الصينية، التى تُعد من أكبر منتجى الأقمشة المصبوغة والقمصان فى العالم.

 

وعن تفاصيل المشروع ستتم إقامته على مساحة 500,000 متر مربع، والتكلفة الاستثمارية تُقدر بـ 385 مليون دولار، وسيكون المصنع مُخصصًا بالكامل للإنتاج من أجل التصدير، ما يعنى تعزيز حصيلة العملة الصعبة.

 

وتتمثل أهمية المشروع لمصر فى عدة نقاط:

 

1. تعزيز قطاع الصناعة:

 

يُسهم المشروع فى تطوير صناعة المنسوجات فى مصر، التى تُعد من الصناعات الرئيسية فى الاقتصاد المصرى.

 

2. جذب استثمارات أجنبية:

 

استثمار بهذا الحجم يُعزز مكانة مصر كوجهة جاذبة للاستثمار الأجنبى المباشر، خاصة مع توافر بنية تحتية محدثة ومناطق صناعية مُجهزة.

 

3. فرص العمل:

 

يُتوقع أن يُوفر المشروع عددًا كبيرًا من فرص العمل، سواء بشكل مباشر فى المصنع أو بشكل غير مباشر من خلال دعم الصناعات والخدمات المرتبطة.

 

4. زيادة الصادرات:

 

توجيه الإنتاج بالكامل للتصدير سيدعم ميزان المدفوعات المصرى، ويزيد من الإيرادات الدولارية للدولة.

 

5. الاستفادة من الموقع الجغرافي:

 

فمصر تُعد بوابة لأسواق أوروبا وإفريقيا والشرق الأوسط، ما يجعلها موقعًا استراتيجيًا للمصنع لتوسيع شبكات التصدير.

 

وقد اختارت مجموعة لوتاى مصر لعدة أسباب منها توافر العمالة الماهرة، فمصر لديها تاريخ طويل فى صناعة المنسوجات، ما يجعلها بيئة مناسبة لإقامة مثل هذا المشروع، أيضا اتفاقيات التجارة الدولية فمصر عضو فى اتفاقيات تُسهل تصدير المنتجات إلى أسواق متعددة، مثل اتفاقية الكوميسا واتفاقية التجارة الحرة مع الاتحاد الأوروبى.

 

6- المناطق الصناعية المجهزة: وجود مناطق صناعية مؤهلة بمرافق عالية الجودة، بخلاف الحوافز الاستثمارية مثل الإعفاءات الضريبية والتسهيلات المقدمة للمستثمرين الأجانب.

 

ومن المتوقع أن يساهم هذا فى رفع قيمة الصادرات المصرية من المنسوجات والملابس الجاهزة، وزيادة تنافسية المنتجات المصرية فى الأسواق العالمية، ودعم الاقتصاد المصرى من خلال جذب مزيد من المستثمرين فى القطاع الصناعى.

 

ويعد استثمار مجموعة لوتاى فى مصر انعكاسا لثقة الشركات العالمية فى مناخ الاستثمار المصرى، ويُبرز الجهود الحكومية لجذب استثمارات ضخمة تُساهم فى تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة، وفى نفس السياق اتفقت الحكومة مع شركة جنرال إلكتريك هيلثكير (GE Healthcare) الذى يُمثل خطوة هامة فى مجال توطين الصناعات الطبية فى مصر، وخاصة تصنيع أجهزة السونار، التى تُعد من الأجهزة الطبية الضرورية لتشخيص الأمراض وتقديم الرعاية الصحية، والمشروع يركز على تصنيع أجهزة السونار المستخدمة فى التصوير الطبى وتشخيص الأمراض، وهى من الأجهزة الأساسية فى المستشفيات والمراكز الصحية، ويهدف لتعزيز التصنيع المحلى للمعدات الطبية، وتقليل الاعتماد على الاستيراد، وأيضا رفع جودة الخدمات الصحية المقدمة فى مصر.

 

ولا شك أن أهمية المشروع تتمثل فى توطين الصناعة الطبية، فالمشروع يُسهم فى نقل التكنولوجيا والمعرفة المتقدمة إلى السوق المصرية، مما يدعم تطوير الكوادر البشرية المصرية فى مجال التصنيع الطبى، إلى جانب تقليل التكلفة فتصنيع الأجهزة محليًا سيُخفض تكاليف توفيرها للمستشفيات، مما ينعكس على تحسين الرعاية الصحية بأسعار مناسبة، مع تعزيز مكانة مصر كمركز إقليمى، فيُمكن أن تتحول مصر إلى مركز إقليمى لتصنيع وتصدير الأجهزة الطبية إلى أسواق إفريقيا والشرق الأوسط، إضافة إلى ذلك خلق فرص عمل، فالمشروع سيوفر العديد من فرص العمل المباشرة وغير المباشرة فى مجال التصنيع والصيانة والخدمات المرتبطة.

 

وأخيرا.. رفع جودة الخدمات الصحية فتوافر أجهزة سونار محلية الصنع بجودة عالمية سيُسهم فى توسيع نطاق التشخيص الطبى وخفض تكاليف العلاج. تعمل الحكومة على توفير تسهيلات استثمارية للمشروع، مع تهيئة البنية التحتية اللازمة لإنجاح المشروع، وتقديم حوافز استثمارية لجذب مزيد من الشركات العالمية.

 

وتأتى أهمية التعاون مع GE Healthcare: • جنرال إلكتريك هيلثكير باعتبارها من أكبر الشركات العالمية فى قطاع الأجهزة الطبية والتكنولوجيا الصحية، والتعاون معها يعكس ثقة الشركات العالمية فى مناخ الاستثمار المصرى والإمكانات المتاحة، ومن المتوقع تحسين منظومة الرعاية الصحية فى مصر، وتعزيز قطاع الصناعات الطبية والتكنولوجية، وزيادة الصادرات المصرية من الأجهزة الطبية إلى الأسواق العالمية، فهذا المشروع يُعتبر خطوة مهمة نحو تحقيق رؤية مصر 2030 لتحسين جودة الخدمات الصحية وتعزيز التصنيع المحلى فى القطاعات الاستراتيجية.

 

كما أنه على الحكومة التواصل مع كبار رجال الأعمال وأيضا كبرى الشركات العالمية على مستوى العالم، كما يجب تحديد الأولويات والقطاعات ذات الأولوية التى تحتاج لها الدولة والتى تساعد الدولة على زيادة الصادرات التى تجاوزت 42 مليار دولار فى عام 2023 وتقليل معدلات البطالة والتى حاليا فى حدود 6,5 فى المائة، ولا شك أن التسويق الاستثمارى أصبح جزءًا لا يتجزأ من استراتيجية الاستثمار العالمية، والتى تحدد وسائل وطرق الوصول للمستثمرين وطرح الفرص الاستثمارية المتاحة فى مصر عليهم ومساعدة المستثمرين العرب والأجانب فى العثور على الشراكات الناجحة والفرص الاستثمارية فى مصر فى القطاعات (الصناعية – التجارية – الزراعية – الخدمية - الخ) وأيضًا توفير المعلومات والبيانات الموثقة التى تسهل على المستثمر إعداد دراسات الجدوى واتخاذ القرار الاستثمارى للوصول إلى استثمار آمن ومربح.

 

ومن أهم خطوات التسويق للفرص الاستثمارية توفير خريطة مصر الاستثمارية التى تم إعدادها وتضم حاليًا 1252 فرصة استثمارية مطروحة من جهات حكومية متعددة، كما تضم الفرص مشروعات مطروحة من شركات خاصة، ويجب زيادة عدد الفرص المعروضة على الخريطة لتعكس الفرص الاستثمارية الموجودة فى مصر ولا شك أن قدرة مصر على جذب الاستثمارات رغم الأزمات الحالية والجيوسياسية تُعد شهادة على قوة الاقتصاد المصرى واستراتيجية الحكومة فى تعزيز مناخ الاستثمار، رغم التحديات العالمية والإقليمية، مثل التوترات الجيوسياسية، وتأثير التضخم العالمى، وارتفاع تكاليف التمويل..

أخبار الساعة

الاكثر قراءة