تحركات واسعة تسير فيها الحكومة لتسهيل حصول المصريين العاملين فى الخارج على الخدمات المالية المختلفة، الرقمى منها وغير الرقمي، بدءًا من فتح الحساب فى السفارات والقنصليات، وانتهاء بتسهيل تحويل الأموال من الخارج بشكل لحظى، حيث أعلنت وزارة الخارجية عن موافقة البنك المركزى المصرى على فتح الحسابات المصرفية للمصريين العاملين فى الخارج عن طريق السفارات والقنصليات المصرية فى مختلف الدول.
فتح حسابات للمغتربين من السفارات وتحويل المدخرات عبر «إنستا باى»
مخطط إغلاق «قنوات التحويلات» غير الشرعية
وبحسب «الخارجية»، تقتصر الإجراءات على توجه العميل إلى أقرب مقر البعثات الدبلوماسية أو القنصلية بالخارج لإتمام إجراءات فتح حساب مصرفى فى أى بنك يختاره من البنوك العاملة فى مصر، حيث ستقوم السفارات والقنصليات بالتصديق على صحة توقيع المواطن، ثم إعادة التصديق على طلب فتح الحساب فى مكاتب التصديق داخل مصر، وتقديم المستند بعد ذلك لفتح الحساب واعتماد التوقيعات دون الحاجة لوجود المواطن أمام موظفى البنك فى مصر، وستكون خدمة فتح الحسابات المصرفية للعاملين فى الخارج من خلال السفارات والقنصليات، متاحة فى 20 دولة كمرحلة أولى، على أن يتم تقديم الخدمة قريبًا بمجرد انتهاء الإعدادات الخاصة بها.
يأتى الإعلان عن خدمة فتح الحسابات المصرفية للعاملين بالخارج من خلال السفارات والقنصليات بعد أسابيع من الكشف عن إتاحة خدمات التحويل اللحظى للعاملين بالخارج من خلال تطبيق «إنستا باى» بدءًا من 2025، حيث يستطيع العميل المستخدم للتطبيق أن يستخدم خدمة تحويل الأموال من الخارج، وذلك من خلال إجراء تحويل لحظى للأموال بالعملة الأجنبية من الدولة التى يقيم بها العميل ويتم تحويل الأموال وإرسالها بالجنيه المصرى فى حسابه أو المحفظة الذكية، وذلك مقابل رسوم يتم فرضها كرسوم تحويل، حيث يتم تبديل العملة الأجنبية إلى عملة الجنيه المصرى، وهو ما يسهّل على المغتربين وذويهم إرسال واستقبال المدخرات وإنهاء معاناة الحوالات العادية.
فى 2022، أطلقت تطبيق «إنستا باي» لخدمة المواطنين فى داخل مصر، ووصل عدد العملاء إلى 11.5 مليون عميل بالتطبيق نفذوا 400 مليون معاملة بقيمة 800 مليار جنيه 2023، ومن المتوقع تنفيذ معاملات بقيمة 1.2 تريليون عبر التطبيق خلال العام الجارى 2024، بحسب بيانات البنك المركزى المصري.
وحول التحركات الحكومية لتطوير ورقمنة الخدمات المالية للمصريين العاملين بالخارج، قالت إيمان عبدالمنعم، المحلل المالى للاقتصاد الكلى: إن «الدولة تسير فى خطة الرقمنة المالية منذ سنوات، وقد قطعت فيها شوطًا كبيرًا، ومن الطبيعى أن تشمل خدمات المالية الرقمية المصريين داخل وخارج مصر، والإجراءات الأخيرة تأتى فى نفس السياق العام للرقمنة المالية، هذا من الناحية التقنية، أما من الناحية المالية، فتستهدف الحكومة إغلاق كافة القنوات غير الشرعية، مثل سماسرة العملة، من خارج القطاع المصرفى التى يلجأ إليها المغتربون لتحويل مدخراتهم إلى ذويهم داخل مصر، وهو ما يؤدى بالنهاية لزيادة التحويلات بالعملة الأجنبية لشرايين الاقتصاد المصرى الذى تضررت موارده الدولارية كثيرًا جراء الصراعات الممتدة بالمنطقة العربية منذ بدء الحرب على غزة أكتوبر 2023، حيث انخفضت إيرادات قناة السويس والتى بلغت 70 فى المائة منذ اندلاع الحرب على غزة وبنحو 43 فى المائة خلال التسعة أشهر الأولى من العام الجاري، وهو ما يخلق أهمية نسبية للزيادات التى سجلتها تحويلات المصريين العاملين فى الخارج فى نفس الفترة لتعويض جزء من خسائر إيرادات قناة السويس.
وأضافت «عبدالمنعم»: تسهيل الخدمات المالية أمام تحويلات المصريين العاملين بالخارج بمثابة استغلال لحالة الزخم الذى شهدته التحويلات عقب الإجراءات الإصلاحية التى اعتمدتها الحكومة فى مارس الماضى والتى قضت على السوق السوداء للعملة، ودفعت نحو زيادة التحويلات بنسبة 65.5 فى المائة خلال أغسطس الماضى، لتسجل إجمالى التحويلات 2.6 مليار دولار فى مقابل 1.6 مليار دولار فى أغسطس 2023، بحسب بيانات حديثة صادرة عن البنك المركزي، والتى رصدت زيادة إجمالى التحويلات خلال الثمانية أشهر الأولى من العام الجارى بنحو 36.4 فى المائة مسجلة 18.1 مليار دولار فى الفترة من يناير إلى أغسطس 2024، فى مقابل 13.3 مليار دولار خلال نفس الفترة من العام الماضي، وتحتل مصر المركز الخامس عالميًا، بعد الهند والمكسيك والصين والفلبين فى استقبال التحويلات الواردة من الخارج عن المواطنين العاملين خارجها.
يُشار هنا، إلى أنه بحسب بيانات مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء، فخطة مصر نحو الخدمات المالية الإقليمية لن تقف عند إتاحة «إنستا باى» خارج مصر ولا فتح الحسابات لغير المقيمين من خلال القنصليات والسفارات المصرية بالخارج، حيث تخطط مصر لتبنى معيار «ISO20022» العالمى للمدفوعات، وهو «نظام عالمى لتوحيد رسائل المدفوعات المالية، يسمح بنقل معلومات مالية أكثر تفصيلًا ودقة بين البنوك بطريقة أسرع وأسهل»، والذى سيساهم فى تحقيق التكامل بين أنظمة الدفع المحلية والإقليمية، وتسهيل المعاملات عبر الحدود ما سيعزز كفاءة وشفافية عمليات الدفع، ويفتح آفاقًا جديدة للابتكار فى مجال الخدمات المالية؛ حيث يمكن العملاء من الاستفادة من هذه التطورات من خلال الحصول على تجربة دفع أكثر سلاسة ومرونة، حيث يمكنهم إجراء معاملاتهم المالية فى أى وقت ومن أى مكان وبأقل تكلفة.