الأربعاء 15 يناير 2025

المصور

«منظومة التمكين الاقتصادى».. خطوة لخفض «البطالة»

  • 14-1-2025 | 12:42

صورة أرشيفية

طباعة
  • تقرير: محمود أيوب

«التمكين الاقتصادى للأسر الأكثر فقرًا» أداة فعالة لخفض معدلات البطالة، حيث تُساهم فى تحفيز الإنتاجية وزيادة المشاركة الاقتصادية، من خلال تمكين هذه الأسر بتوفير فرص عمل مستدامة وتعليم المهارات وتقديم الدعم المالى، كما يتم تشجيعهم على المشاركة الفعّالة فى الأنشطة الاقتصادية.

 

ويعتبر تمويل المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر، إضافة إلى تأهيل الأفراد للعمل فى مختلف الصناعات، عاملًا مهمًا فى خلق فرص عمل جديدة داخل المجتمعات المحلية، مما يُقلل من الاعتماد على الدعم الحكومى، كذلك يعزز قدرة الأسر على مواجهة التحديات الاقتصادية، ويوفر لهم الموارد المالية التى تمكنهم من تحسين ظروفهم المعيشية، مما يساهم فى تقليص معدلات البطالة فى الفئات الأكثر احتياجًا.

 

وفى خطوة تعكس التزام الحكومة بتعزيز التمكين الاقتصادى كأداة رئيسية لمحاربة الفقر والبطالة، أعلنت وزارة التضامن الاجتماعى مؤخرًا تأسيس «التحالف المالى الاستراتيجى للتمكين الاقتصادى»، الذى يضم عددًا من الوزارات والجهات الشريكة والخبراء، بهدف وضع منظومة شاملة لدعم الإقراض الصغير ومتناهى الصغر، وتعزيز فرص العمل وتحسين حياة الفئات الأكثر احتياجًا.

 

وخلال الاجتماع الأول للتحالف، أكدت وزيرة التضامن الاجتماعى، الدكتورة مايا مرسى، أن «الجهود الوطنية تسعى لتوحيد الرؤى فى تطوير آليات التمكين الاقتصادى، للوصول إلى المناطق الأكثر فقرًا وتمكين الفئات المستحقة من تحقيق اندماج مستدام فى الاقتصاد المحلى»، وتأتى هذه الخطوة ضمن منظومة وطنية طموحة تستهدف توفير خدمات مالية مبتكرة وتوسيع نطاق المشروعات الصغيرة، مع التركيز على تعزيز الصناعات المحلية وإشراك الفئات المهمشة فى عجلة الإنتاج.

 

التحالف ليس فقط مبادرة وطنية، بل هو جزء من رؤية استراتيجية تُقارن بالتجارب العالمية الرائدة، مثل تجارب بنجلاديش والهند والصين، التى استطاعت تحقيق نقلة نوعية فى خفض معدلات الفقر من خلال برامج إقراض صغيرة موجهة بعناية، ووفقًا لبيانات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، ارتفع معدل البطالة فى مصر إلى 6.7فى المائة فى الربع الثالث من عام 2024، مقارنة بـ6.5فى المائة فى الربع الثانى من نفس العام، لكن يبقى التمكين الاقتصادى من خلال دعم المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر، وتقديم التدريب المهنى، وتحفيز الاستثمار المحلى خطوة إيجابية نحو تقليص هذه المعدلات.

 

وفى إطار ذلك تسعى مصر بداية العام الجديد لإطلاق «المنظومة المالية» للاستراتيجية المقترحة للتمكين الاقتصادى للأسر الأكثر فقرًا، التى عرضتها وزيرة التضامن الاجتماعى «د. مايا» مؤخرًا فى اجتماع مع رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى، حيث تم مناقشتها مع عدد من الوزراء استعدادًا لعرضها بشكل نهائى على الرئيس عبدالفتاح السيسى تمهيدًا لإطلاقها.

 

وبحسب الوزيرة، تستهدف المرحلة الأولى للمنظومة التوسع فى البنية التحتية لتوفير الخدمات المالية والمصرفية عبر زيادة المنافذ فى جميع أنحاء الجمهورية، مما يساهم فى وصول هذه الخدمات إلى المستفيدين، مشيرةً إلى أن مصر تمتلك بنيةً تحتيةً متطورةً فى مجال الرقمنة والشمول المالى، مما يُسهل تطبيق تجارب مشابهة عالميًا.

 

كما أضافت «د. مايا»، أن «المنظومة المقترحة ستسهم فى توفير خدمات مالية أساسية تدعم إنشاء المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وتخلق فرص عمل، وتدعم الاستقرار الاقتصادى للمجتمعات المحلية، حيث تشمل المجالات المستهدفة لتمويل المنظومة عددًا من البرامج مثل الإقراض الميسر، والتأمين متناهى الصغر، وبرامج التأمينات الاجتماعية والادخار الرقمى، فضلًا عن منصات إلكترونية لتسهيل تقديم هذه الخدمات».

 

وتشمل المنظومة كما أشارت الوزيرة، فئات متعددة كالمسنين، والأشخاص ذوى الإعاقة، والمستفيدين من البرامج الاجتماعية، والشباب، والفلاحين، والحرفيين، ورواد الأعمال، وأصحاب المشروعات متناهية الصغر، مشيرةً إلى أن الفئات المستهدفة تتراوح بين برامج قصيرة الأجل (من 3 إلى 6 أشهر) ومتوسطة الأجل (من 6 أشهر إلى 3 سنوات) وطويلة الأجل (من 3 إلى 5 سنوات).

 

وفى هذا السياق يرى الدكتور صلاح هاشم رئيس منتدى «دراية» للسياسات العامة ودراسات التنمية أن برامج التمكين الاقتصادى تسعى لتقديم المساعدات للفقراء للبدء بمشاريعهم الخاصة فهى تساهم فى تخفيض نِسَب الفقر، من خلال إيجاد فرص العمل للعديد من العائلات.

 

تُعد تجربة مصر رائدة فى تمكين الفقراء، خاصة أن نسبة ما يقرب من 80 فى المائة منهم فى الريف ومعدل الأمية بينهم 62 فى المائة مما يستلزم طرقًا مبتكرة فى التمكين الاقتصادى.

 

وأعطت الدولة الأولوية لدمج التمكين الاقتصادى مع النظم الغذائية، وجعل الفقراء ينتجون لتلبية احتياجاتهم، وتأسست تعاونيات محلية ودولية تخدم هذا الهدف.

 

ومن المبادرات التى تم تنفيذها فى مصر إطلاق برنامج «فرصة» لإيجاد 50 ألف فرصة عمل ذاتى ولدى الغير بميزانية 50 مليون دولار والتى جارٍ تنفيذ 35 ألف مشروع منها بالتعاون مع 18 جمعية أهلية فى ثمانى محافظات، ومبادرة الرئيس عبدالفتاح السيسى لتوفير سلالات ماشية عالية الإنتاج للمزارعين الصغار، لمكافحة انخفاض إنتاجية حيوانات المزرعة المحلية بميزانية 150 مليون جنيه مصرى لصغار المزارعين، بالتعاون مع وزارة الأوقاف ووزارة الزراعة وبنك التنمية الزراعية وبدأ العمل فيها فى أبريل 2022.

 

من جانبها، أكدت الدكتورة يمن الحماقى، أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس، أهمية التمكين الاقتصادى للفقراء كأحد الأساليب الرئيسية لتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة، مضيفة أننا «نتحدث عن التمكين الاقتصادى للفقراء منذ سنوات، وقد طالبت به مرارًا لفترات طويلة، لأن الدول التى حققت معجزات اقتصادية مثل الصين، قدمت أكبر تجربة ناجحة فى التمكين الاقتصادى للفقراء، فقد استطاعت خلال الفترة من 2005 إلى 2015 انتشال 750 مليون مواطن من تحت خط الفقر، وذلك من خلال التمكين الاقتصادى».

 

وأشارت «الحماقى»، إلى أن «المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر هى العنصر الرئيسى فى سلاسل الإنتاج ودعم التصدير»، مؤكدة أننا بحاجة إلى تعزيز الصناعات الغذائية التى يستهلكها الشعب، وإلى تقديم حوافز لإشراك القطاع الخاص، بالإضافة إلى توجيه جزء من المشتريات الحكومية الضخمة إلى الصناعات الصغيرة لتشغيلها، كما يجب تأهيل المواطنين ليصبحوا أصحاب مشروعات ناجحة، مما يساهم فى توسيع قاعدة المشروعات الصغيرة.

 

وتابعت: حاليًا، مشاركة المشروعات الصغيرة فى التصدير لا تتجاوز 4 فى المائة، وهو أدنى معدل عالميًا، مما يعكس أهمية تحسين الأداء على أرض الواقع، لدينا تجربة برنامج «فرصة» ضمن إطار «تكافل وكرامة»، ولكن هذه التجربة لم تُحلل بعد ولم تظهر نتائجها، فالمشكلة تكمن فى غياب الرقابة وإجراءات التنفيذ الواضحة وتحديد المسئوليات»

 

وأوضحت «د. يمن»، أن «تطبيق المنظومة المالية الاستراتيجية للتمكين الاقتصادى يمكن أن يحقق فوائد كبيرة، وسيقلل هذا التطبيق معدلات البطالة، ويزيد من فرص التشغيل، ويعزز مصادر الدخل للأسر الفقيرة، مما يساعدها على مواجهة ارتفاع الأسعار وتقليل مستويات الفقر، بالإضافة إلى تعزيز الطاقات الإنتاجية وزيادة الصادرات».

 

وعن كيفية تحقيق ذلك، أشارت «الحماقى» إلى أهمية منح حوافز اقتصادية للصناعات الصغيرة، إضافة إلى بناء قدرات الأفراد المستفيدين لضمان نجاح مشروعاتهم وقدرتهم على سداد القروض، كما تؤكد ضرورة إنشاء تجمعات صناعية بالمناطق الجغرافية بناءً على الموارد المتاحة، واستهداف الشباب بمختلف الأعمار والمستويات التعليمية لتوسيع دائرة المشاركة.

 

كذلك، شددت «د. يمن»، على أهمية اختيار المشروعات المناسبة للتمكين الاقتصادي، موضحة أنه يجب التركيز على المشروعات التى تستهلك عمالة كثيفة، مثل الملابس الجاهزة والمفروشات والصناعات الغذائية، حيث توفر هذه المشروعات فرصًا هائلة إذا تم تنفيذها بأسلوب علمى ومنظم، كما يجب دراسة سلاسل الإمداد وربطها بفرص التصدير، لأن التصدير هو المدخل الرئيسى لفتح الأسواق.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة