يخر تاريخنا الثقافي والفني بنجوم مضيئة، عاشت تتلألأ في حياتنا، من مؤلفين وممثلين ومخرجين، ونجومًا خلف الستار، أضافوا الكثير بالتزامهم وإخلاصهم و مواهبهم وإبداعهم في مسيرة المسرح المصري والعربي، و أسعدوا الجمهور بكل ما قدموا، تركوا إرثًا فنيًا في الحركة الفنية المصرية وحفروا أسماءهم في عالم الإبداع بما قدموه بعروض مسرحنا المصري.
ومع بوابة «دار الهلال» نواصل تسليط الضوء يوميًا على رحلة أحد صناع رحلة المسرح المصري على الخشبة، ومن عالم الكواليس، وخلف الستار و لنسافر معه في سطورنا تحت عنوان «نجوم المسرح المصري».
واللقاء اليوم مع الكفنانة القديرة.. كريمة مختار «أم العيال»
هي إحدى أيقونات الدراما المصرية المحفورة في ذاكرة الجمهور ، وخاصة جمهور المسرح المصري، بمشاركتها المتميزة في مسرحية «العيال كبرت»، والتي لن ينساها الجمهور المصري والعربي أيضًا فقد عُرفت طيلة حياتها، باسم الشخصية الدرامية لتي قدمتها وحفرت في ذاكرة ووجدان الجمهور، إنه دور الأم الحنون الطيبة التي تؤثر زوجها و أبنائها وراحتهم فأصبحت رمزًا للأم في حياتنا ، كما أنها تألقتبتقديم دور الأم بمختلف الوسائط الفنية بامسرح والسينما والتلفزيون بمسيرتها الطويلة مع الفن المصري إنها «أم العيال.. زينب» الفنانة القديرة الراحلة كريمة مختار.
وستظل كريمة مختار رمزًا من رموز الفن الأصيل، ونموذجا مثاليا للأم الطيبة الحنون وللعطاء بلا حدود، حيث ارتبطت في ذاكرتنا دائما بملامحها الطيبة وابتسامتها الرقيقة وبنبرات صوتها الدافئ الحنون، وأيضًا ببساطة أدائها الطبيعي دون افتعال.
الميلاد وبداية الرحلة
ولدت كريمة مختار في القاهرة في مثل هذا اليوم 16 ينايرعام 1934م، و تخرجت في المعهد العالى للفنون المسرحية «قسم التمثيل».
وبدأت كريمة مختار علاقتها بالفن منذ طفولتها حيث عملت مع «بابا شارو»، الإذاعي الكبيرمحمد محمود شعبان، في برنامجه الشهير للأطفال، واستمرت في العمل لسنوات في اﻹذاعة ولكنها لم تستطع العمل في المسرح أو السينما في البداية بسبب رفض عائلتها لاحترافها الفن، و الفرصة الحقيقية للانطلاق قد جاءتها بعد زواجها من المخرج والممثل القدير نور الدمرداش.
واشتهرت كريمة مختار بأداء دور الأم الحنون التي تعطي دائمًا بحب كبير وصدق وإخلاص، وقد امتلكت الشجاعة لتجسيد هذا الدور مبكرًا، و غامرت في كثير من الأعمال بتجسيدها لشخصية الأم لبعض زميلاتها بالمعهد أو لمن هن أكبر منها عمرًا، فكانت امتدادا لمجموعة الأمهات اللاتي اشتهرن بطيبتهن بالسينما المصرية،
بدأت كريمة مختارحياتها الفنية بمجال المسرح بعد تخرجها من معهد الفنون المسرحية، فقدمت أكبر عدد من مشاركاتها المسرحية خلال فترة الستينيات، بالقرن الماضي.
وتتمثل مشاركات كريمة مختار بالمسرح المصري فيما يلي..
شاركت كريمة مختار بالعديد من فرق مسارح الدولة حيث شارك في مسرحية «الأرض».. «مع فرقة المسرح الحديث» 1962م، ومع فرقة «المسرح العالمي»، «مجنون ليلى» عام 1963م، و مسرحية «قيس ولبنى» 1963م مع فرقة «المسرح القومي»، و مسرحية «نور الظلام» مع فرقة «مسرح الحكيم» في عام 1971م، و مسرحية «أيوب الجديد»، مع فرقة مسرح الطليعة عام 1973م.
فرق القطاع الخاص
شاكت كريمة مختار مع العديد من فرق القطاع الخاص حيث شاركت مع فرقة «أنصار التمثيل والسينما في تقديم مسرحية «كسبنا القضية» 1960 ،وشاركت مع فرقة «المسرح الحر في مسرحية " في مسرحية ميرامار 1969م.
وقدمت المسرحية الشهيرة أحد أيقونات المسرح المصري والعربي «العيال كبرت» مع فرقة «الفنانين المتحدين» 1979م للمخرج الكبير سمير العصفوري، ومن تأليف بهجت قمر
و قدمت مسرحية «بداية ونهاية» 1986 مع جمعية فناني وإعلامي الجيزة، وشاركت في مسرحية «ملاعيب» لفرقة «محمد فوزي» 2000م.
وشاركت كريمة مختار أيضًا في بعض المسرحيات المصورة للعرض التلفزيوني ومن بينها.. صادوه 1988م، الدخان «المسرح التلفزيون الجديد» 1990م.
وتعاونت كريمة مختار من خلال المسرحيات التي شاركت بها في مسيرة المسرح المصري مع نخبة من كبار المخرجين من بينهم الأساتذة والفنانين.. نور الدمرداش، كمال يس، سعد أردش، كمال حسين، جلال الشرقاوي، نجيب سرور، محمد الطوخي، كامل يوسف، محمود السباع، سمير العصفوري، عبد الغفار عودة، مراد منير، أشرف زكي.
كريمة مختار والملك ثنائي فني متميز
نجحت الفنانة كريمة مختار في تكوين ثنائي فني متميز مع الفنان القديرفريد شوقي، ملك الشاشة بمختلف مجالات الفنون فشاركته في المسرح في بطولة مسرحية «بداية ونهاية»، وفي الدراما التلفزيونية بمسلسلات« البخيل وأنا، العرضحالجي، صابر يا عم صابر، وفي السينما بأفلام «الشيطان يعظ، يارب ولد، وتمضي الأيام، أنقذوا هذه العائلة، ومضى قطار العمر، كل شيء قبل أن ينتهي العمر، وبالوالدين إحسانا، الليلة الموعودة، امرأة مطلقة، الجبابرة».
200 عملًا فنيًا
شاركت كريمة مختار فيما يقرب من 200 عملًا فنيًا، جسدت في أغلبها دور الأم ببراعة، ومن بينها خمسة عشر مسرحية، غير أن الجمهور غالبيته لا يتذكر لها الكثيرون سوى مشاركتها بمسرحية «العيال كبرت» مع الفنان القديرحسن مصطفى، والفنانين وسعيد صالح ويونس شلبي وأحمد زكي.
في السينما أكثر من 30 فيلمًا
شاركت كريمة مختار في بطولة أكثر من ثلاثين فيلمًا، جسدت في أغلبها دور الأم الحنون ومن بينهم «الحفيد، أميرة حبي أنا، وبالوالدين إحسانا، الليلة الموعودة، إسماعيلية رايح جاي، الفرح ».
وشاركت في عدد كبير من المسلسلات والسهرات التلفزيونية يزيد عددها عن مائة مسلسلا، من بينها «أدهم وزينات والثلاث بنات، يتربى في عزو، البخيل وأنا، رحلة السيد أبو العلا البشري، من الذي لا يحب فاطمة، هالة والدراويش، نحن لا نزرع الشوك، عايش في الغيبوبة، المطعم، والحب أقوى، يتربى في عزو، الأبطال، الفرسان، الإمام سفيان الثوري، الأنصار، أبو ذر الغفاري، محمد رسول الله، لا إله إلا الله».
وشاركت كريمة مختار أيضًا في الكثير من الأعمال الدرامية والبرامج الإذاعية، ومن أهم مشاركاتها «قصر الشوق، جارة القمر، يا عيني على الصبر، حظك هذا الأسبوع، ليلة الفرح».
ثمار الرحلة .. جوائز وتكريم
حصلت الفنانة القديرة كريمة مختار على عدد كبير من مظاهر التكريم ومن بينها: التكريم بالدورة الثالثة لمهرجان المسرح العربي للجمعية المصرية لهواة المسرح بالقاهرة عام 2004،
و نالت درع التكريم من مهرجان أوسكار السينما المصرية»عام 2008، ومن منظمة «اليونيسيف»عام 2008 لجهودها في تقديم أفلام توعية
و تم تكريم كريمة مختار بالمهرجان القومي للمسرح المصري بدورته الخامسة عام 2010م
مهرجانات السينما
حصدت كريمة مختار عددا كبير من الجوائز ومن بينهاعدة جوائز من مهرجانات السينما، جائزة أفضل ممثلة عن دورها في مسلسل «يتربى في عزو» من مهرجان القاهرة للإعلام العربي الثالث عشر عام 2007، ونالت الفنانة القديرة عدة جوائز من وزارة الصحة لجهودها التطوعية في تقديم أفلام إرشادية خاصة بحملة الدعوة لتنظيم الأسرة.
ورحلت الفنانة القديرة كريمة مختار عن عالمنا يوم الخميسفي 12 يناير 2017 لكنها باقية في تاريخ ومسيرة الفن المصري بكل ما قدمت من أدوار بكل جهد كبير وإخلاص للفن لتسعد الجمهور خلدت في ذاكراتنا ووجداننا وخلدت بدور «أم العيال.. ازينب».