أثار فيديو متداول على وسائل التواصل الاجتماعي لطالبة وشقيقتها تتعديان بالضرب المبرح على تلميذة بالصف السادس الابتدائي بإحدى المدارس الدولية بالتجمع، حالة غضب وتخوف شديد بين أولياء الأمور عن ما يحدث من عنف خلف أسوار بعض المدارس، الأمر الذي دفعنا للتساؤل عن البعد النفسي للعنف ما بين الطالبات، وكيفية التصدي له؟.
وحول هذا السياق، أوضح الدكتور جمال فرويز استشاري الطب النفسي، في تصريح خاص لبوابة "دار الهلال"، أن العنف بين الطلاب يعد حالة معقدة تتأثر بعوامل متعددة منها المرحلة العمرية والتنشئة الاجتماعية مضيفًا أنه في المراحل المبكرة من العمر كالابتدائي والإعدادي، غالبًا ما يكون الحرمان العاطفي الشديد في الأسرة هو المحرك الرئيسي لهذا السلوك، حيث يشهد الأطفال صراعات أسرية تؤثر على نفسيتهم وتدفعهم إلى التصرف بعنف، كما أن البيئة المحيطة، سواء كانت الأسرة أو المجتمع، تلعب دورًا كبيرًا في تشكيل سلوك الطفل، فالعنف المنزلي أو العنف الكائن في المنطقة التي يعيش فيها الطفل يساهم في تعزيز سلوكيات عدوانية لديه.
وأشار فرويز إلى أن السلوك العنيف في المجتمع لم يعد مرتبط بالنوع بل أصبح يشمل الذكر والأنثى، فتزايد معدلات اضطرابات الشخصية وتغير القيم المجتمعية أدت إلى ظهور سلوكيات عدوانية بين الفتيات مثل الاعتداء على زميلاتهن، هذه الظاهرة الغريبة وغير المسبوقة تستدعي البحث عن أسبابها، والتي قد تتعلق بمشاكل نفسية واجتماعية.
وأكد أستشاري الطب النفسي أن تداول مثل هذا المقطع العنيف بين بنات المدارس يكشف أن تصوير اللقطة ونشرها على السوشيال ميديا أصبح الأهم في حياتنا المعاصرة لدرجة أن البعض يفضل تسجيل الأحداث حتى المؤلمة والمأساوية بدلًا من تقديم العون لمن يحتاجه، وذلك بهدف تحقيق الشهرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي وكسب المتابعين والإعجابات، وكأن حياة الإنسان أصبحت مجرد محتوى رقمي.
واختتم فرويز حديثه قائلًا إن الأسرة هي المسؤولة عن تكوين شخصية الأبناء وغرس القيم والمبادئ في نفوسهم، ومع تزايد الانشغالات الحياتية وتأثير التكنولوجيا على العلاقات الأسرية، تتراجع دور الأسرة في توجيه الأبناء وحل المشكلات، فبدلًا من أن يكون الأب والأم قدوة حسنة لأبنائهم ومصدرًا للحب والدعم، أصبح كل فرد منشغلًا بعالمه الخاص، مما يؤدي إلى تدهور العلاقات الأسرية وزيادة المشكلات الاجتماعية.