يحيى العلمي.. «حاوي الدراما المصرية»

مخرجٌ مصريٌ بارع،  نُقِشَ اسمه في ذاكرة السينما والتلفزيون العربي بمدادٍ من إبداعٍ وتألق، وهو  يُعدُّ أحد عمالقة الفن السابع، حيث برع في نسج حكاياتٍ عميقةٍ تأخذنا من واقعنا إلى عوالم مُفعمة بالمشاعر والمعاني، أعماله الفنية ليست مجرّد مشاهد تُعرض على الشاشة، بل هي لوحات نابضة بالحياة، يتداخل فيها السرد الدرامي مع التفاصيل الإنسانية الدقيقة.

وهو واحد من أهم مخرجي وصناع الدراما المصرية في القرن العشرين، وبسببه أصبح لها جمهور كبير في مختلف الدول العربية، فهو من استطاع أن يظل بأعماله باقيًا رغم رحيله منذ 22عامًا، وترك بصمة مهمة وكبيرة،  في مساء الفن المصري، ورصيدًا كبيرًا من الأعمال الفنية التى تعلق بها الجمهور، وجعلت أعماله أيقونات  مميزة ومضيئة فى عالم الفن، إنه حاوي الدراما المصرية في القرن العشرين المخرج يحيى العلمي.

وكان يحيى العلمي رمزًا للتجديد والإبداع، حيث استطاع أن يلامس القلوب عبر مسلسلاته ومنها «رأفت الهجان»، الذي أصبح علامة فارقة في تاريخ الدراما العربية، من خلال رؤيته الفنية المتفردة، أعطى الشخصيات أبعادًا إنسانية جعلتها حقيقية وقريبة منا، وكان يُتقن تحويل الكلمات المكتوبة إلى صورٍ تنبض بالحياة، بأسلوبٍ مدهشٍ يجمع بين العمق والبساطة.

بداية الرحلة

ولد يحيى العلمي في 5 يوليو 1941م بالزقازيق، بمحافظة الشرقية، وحصل على ليسانس الحقوق من جامعة عين شمس في 1962م، ثم حصل على دورات تدريبية في الإخراج التلفزيوني في ألمانيا وبريطانيا في الستينيات في القرن الماضي وحصل على دبلوم التليفزيون من لندن في 1971م.

وبدأ عمله في السينما والتليفزيون في بداية الستينيات، وأخرج العديد من الأوبريتات الغنائية.

تدرج«العلمي» في المناصب الإدارية بالتلفزيون حيث تولى إدارة استوديو «5» ثم شغل منصب رئيس قطاع الإنتاج السينمائي إلى جانب عمله كنائب لرئيس قطاع الإنتاج.

وعمل بالتدريس كأستاذ غير متفرغ في معهد السينما ومعهد الفنون المسرحية والإخراج الإذاعي وشعبة الإذاعة بالأزهر، وتولى منصب رئيس قطاع الإنتاج باتحاد الإذاعة والتلفزيون ثم منصب رئيس الإنتاج الدرامي بمدينة الإنتاج الإعلامي.

وتزوج «العلمي» من الفنانة تهاني راشد، وعمل معًا فى مسلسل «رأفت الهجان» فقط .

نجوم الجيل الثاني

وشكّل يحيى العلمي مع كل من المخرجين محمد فاضل، وإسماعيل عبد الحافظ، نجوم الجيل الثاني من مخرجي التلفزيون المصري في بداياته الأولى، بعد الجيل الأول الذي تكون من الراحلين نور الدمرداش، وحمادة عبد الوهاب، ويوسف مرزوق.

حاوي الدراما 

قدم المخرج يحيى العلمي العديد من المسلسلات في اتجاهات متنوعة ومختلفة، منها عن عالم الجاسوسية، و دراما السيرة الذاتية والاجتماعية، التاريخية ومنها الاجتماعية التي تتناول مشكلات الأسر المصرية، والكوميدية، وعاشت دراما  العلمي لعقود طويلة بين الجمهور منها حتى أيامنا، ومنها..«رجل عاش مرتين، العملاق، أديب، العنكبوت، الأيام، زينب والعرش، دموع في عيون وقحة، و رأفت الهجان، و دموع صاحبة الجلالة، هو وهي، الزيني بركات، لا، نصف ربيع الآخر، الحاوي، خيال الظل».

شخصيات عاشت  بين الجمهور

وظلت أبطال وشخصيات يحيى العلمي والممثلين الذين قدموها دائمًا في ذاكرة الجمهور، والتي قدمها نجوم الدراما المصرية منهم: أحمد زكي «طه حسين»، محمود عبد العزيز «رأفت الهجان»، عادل إمام «جمعة الشوان»، أحمد بدير «الزيني بركات»، يحيى الفخراني «ربيع الحسيني»، وغيرهم من الفنانين، منهم سعاد حسني، فاروق الفيشاوي،عزت العلايلي، نور الشريف، كمال الشناوي ومحمود ياسين، وميرفت أمين، سهير رمزي، وغيرهم.

أفلام متميزة 

 ومن أعمال يحيى العلمي للسينما المتميزة  ومنها لكبار الأدباء والكتاب مثل: «شباب يرقص فوق النار، الليلة الموعودة، تزوير في أوراق رسمية، الخدعة الخفية، طائر الليل الحزين، خطيئة ملاك، الدموع الساخنة، لقاء مع الماضي، خطايا الحب، ليل ورغبة، وقدم فيلم شلة الأنس للدكتور مصطفى محمود، كما قدم فيلم «جذور» في الهواء للأديب الكبير ثروت أباظة.

تكريم حاوي الدراما  المصرية 

حصل «الحاوي» يحيى العلمي على العديد من الجوائز منها جائزة الدولة التشجيعية في الفنون من المجلس الأعلى للثقافة، جائزة الإنتاج من التليفزيون 1982، وجائزة مهرجان التراشال الألماني واتحاد الإذاعات الأفريقية 1985م.

ورحل المخرج المبدع يحيى العلمي عن عالمنا  في مثل هذا اليوم 19 يناير 2002 عن عمر يناهز 60 عامًا، تاركا أثره وبصماته الفنية في عقول ووجدان جماهير الدراما  في مصر والوطن العربي.