الإثنين 20 يناير 2025

ثقافة

أحمد محرم.. صاحب «الإلياذة الإسلامية»

  • 20-1-2025 | 03:44

أحمد محرم

طباعة
  • همت مصطفى

 أحد أهم  شعراء القومية والإسلام، وهو وواحد من أعلامِ الشِّعر العربيّ، و كان من دعاة الإصلاح الاجتماعي والوحدة الوطنية، فكان  دئم يدعو المصريين إلى التسامح والمحبة فيما بينهم، وهو صاحب صاحب «الإلياذة الإسلامية» إنه الشاعر المصري أحمد محرم.

  الميلاد والنشأة

ولد أحمد محرم بقرية «إبيا الحمراء» بالدلنجات، التابعة لمحافظة البحيرة في 20 يناير عام 1877م، وهو من عائلة ذات أصول شركسية، نشأ في دمنهور وتربى تربية دينية فيها، وبدأ يقرأ منذ صغره السيرة النبوية والتاريخ، وحفظ الحديث الشريف والشعر، وطالع الكثير من النصوص الأدبية.

بدأَ الشاعر أحمدُ مُحرَّم حياتَه التعليميّة في  مسقط رسه،  وكن يرتاد  مكتبةِ القرية، وتعلَّم فيها أُسسَ الكتابةِ، والقراءةِ، وبدأ بحفظِ القرآنِ الكريم حتى أتمَّ حفظَه وهو في الثانية عشرة من عُمره، ثمَّ التحقَ بمدرسةِ العقادين الابتدائيّة، ومدرسةِ الجيزة في القاهرة، وبعد ذلك بدأَ أحمد مُحرَّم يتتلمذُ على يدِ طائفةٍ من عُلماءِ جامعةِ الأزهر، فأخذَ عنهم علومَ اللغة العربيّة، ومنها: النحوُ، والعروضُ، والشِّعرُ، واكتسبَ معرفةً جيّدةً في هذه العلومِ، وغيرها من علوم العربيّة، وأرادَ أن يستزيدَ في علمه؛ فتوجَّه نحو دراسةِ، وحفظِ التراثِ الأدبيّ العربيّ في مراحلِه المختلفة، ولم يتوقَّف أحمدُ مُحرَّم عن طلبِ العِلم، ودراسةِ الشِّعرِ. 

من شعراء الإحياء والبعث

منحت نشأة «محرم» الدينية، روحا قوميةً وطنية  بداخله؛ حيث عاصر الشاعر الكفاح الوطني لكل من الزعيمين مصطفى كامل، وسعد زغلول وتأثر بهما، فلم يتعارض عنده الوطني مع الديني، واعتاد «محرم» عقد ندوته الشعرية كل ليلة بقهوة المسيري بدمنهور، التي ارتادها مفكرو الإسكندرية والبحيرة وشعراؤها.

انتمى أحمد محرم إلى مدرسة الإحياء والبعث في الشعر العربي لحديث؛ وهي المدرسة التي كنت تضم كبار الشعراء أمثال: محمود سامي البارودي، وأحمد شوقي، وحافظ إبراهيم،  نذر «محرم»  نفسه مدافعًا عن الخلافة الإسلامية أمام المفكرين والأدباء الشاميين، لذين تبنوا الدعوة القومية في ذلك الوقت.

سمات شعر أحمد محرم

تميَّز أحمد مُحرَّم بشخصيّتِه الشعريّةِ الحُرّةِ المُلتزِمة، حيث بثَّ في شِعرِه روحَ الوطنيّةِ ضمنَ المنهجِ الإسلاميّ، وبرزَ كمُدافعٍ عن الوحدةِ الإسلاميّةِ، وحذّرَ من الضياعِ، والتفريقِ الذي تسعى إليهِ الدُّوَل الاستعماريّةُ، أمثال: بريطانيا، وفرنسا، كما كانَ من الشُّعراءِ الذين جدَّدوا الصياغةِ الشعريّةِ بعد أن تأثَّرت، وتدهورت خلالَ عصرِ الخلافةِ العُثمانيّةِ،

وظهرَ مُتميّزاً عن غيرِه من الشُّعراء في تصويرِ البطولاتِ الإسلاميّة من معاركَ، وغزواتٍ، ومختلفِ الوقائعِ الثابتةِ، مُعتمِدا في ذلك على سيرةِ الرسولِ «صلّى الله عليه وسلّم».

 أحمد محرم.. شاعر «الإلياذة الإسلامية»

ومن الدواوين الشعرية التي  قدمها الشاعر أحمد محرم، وتميز به عن غيره من الشعراء..  «ديوان مجد الإسلام» أو ما أطلق عليه: «الإلياذة الإسلامية»؛ ووالذي يمثل ملحمة شعرية قام من خلالها بتصوير البطولة الإسلامية في السيرة النبوية، حيث نظمها في ثلاثة آلاف بيت، وبتسلسل زمني مرتب على وزن واحد.

وقدم أحمد محرم بـ «ديوان مجد الإسلام»  الوقائع الثابتة، والمعارك والغزوات فصورها مجردةً من الخيال الواهم والأحداث المفتعلة، ونشر منها أجزاء بجريدة البلاغ، وجريدة الفتح، ومجلة الأزهر.

وكانت هذه الملحمة بعد نشر أجزاء منها سببا في شهرته بالعالم العربي رغم أن أحمد محرم لم ينشر هذا الديوان في حياته، وبقي مخطوطًا حتى طبع في القاهرة سنة1963م.

وعندما برزت على ساحة العمل الوطني قضية فلسطين ومأساة شعبها بعد «وعد بلفور» سنة 1917م، كان أحمد محرم في طليعة الشعراء العرب الذين أيقظوا الوجدان والشعور، وعلا صوتهم بالجهاد والنضال، وجعل من شعره أداة لبث الحمية في النفوس.

وأراد أحمد محرم أن يحاكي بذلك شعر الملاحم عند الغرب، وبخاصة إلياذة «هوميروس» المعروفة وهي ملحمة شعرية، وكتب أثر ذلك عدة دواوين.

مؤلفت أخرى

 ووضعَ الأديبُ أحمدُ مُحرَّم قَبلَ وفاتِه العديدَ من المُؤلَّفات والتي من أهمِّها: الدواوينُ الشعريّة، ومنها: ديوانُ «الأقصى الحزين»، وديوانُ «مجد الإسلام»، وديوانُ «السياسات»، وديوانُ «الاجتماعيّات والمراثي».

وكتب أحمد محرم المقالاتُ: ومنها مقالاتٌ نُشِرَت في العديد من المجلّات، والصُحف، مثل: «أنيس الجليس»، و«المفتاح»، والاستقلال»، و«الثرية»، و«الهلال»، و«المُقتطَف».

وقدم العديد من الأبحاثُ النقديّة، ومنها: «بحثٌ في الشِّعر العصريّ، وآراء في تعليم المرأة وتربيتها، ونَقدُ الشاعر حافظ إبراهيم، ومقالاتٌ في السياسة، وبحثٌ في شعر الهِجاء».
جوائز ورحيل

نال الشاعر الكبير أحمد محرم  شهادة الامتياز بين شعراء النيل من لجنة التحكيم في عيد جلوس الخديو عباس حلمي عام 1916م، ونال أيضًا عدة جوائز في مسابقات شعرية ونثرية أخرى.

ورحل  الشاعر أحمد محرم عن عالمنا  في 13 يونيو عام 1945م، عن عمر يناهز الثمانية والستين عامًا بعد أن ترك إرثًا شعريًّا عظيمًا بقي خالد في تاريخ  ومسيرة الشعر  العربي القديم والحديث.

الاكثر قراءة