أفاض واستفاض الوزير محمد عبد اللطيف وزير التربية والتعليم في شرح مشروع نظام البكالوريا المقترح – لا يزال مشروعا قيد الحوار والنقاش – الوزير مستمع جيد وردوده على الأسئلة والاستفسارات حاضرة، لا يتململ من سؤال، ولا يضيق صدره من انتقاد، يتلقى الانتقادات بعقل مفتوح وصدر رحب، يمتلك ناصية مشروعه، يشرحه بوضوح دون لبس أو خلط، يعرف نقاط قوته، واثق من أدواته، يستحق وصف خبير تعليم قبل أن يكون وزيرا.
هذه خلاصة انطباعات شخصية عن حوار ونقاش امتد أكثر من ثلاث ساعات في رحاب وزارة التربية والتعليم وفى إطار الحوار المجتمعى حول نظام البكالوريا والذى جمع في هذه الجلسة وزيري التعليم العالي والتربية والتعليم مع عدد كبير من رؤساء مجالس إدارات وتحرير الصحف والمواقع والكتاب والإعلاميين.
وقبل أن يستمع الوزير إلى مداخلات الحضور استبق وتطرق إلى كل النقاط الخلافية التي أثيرت منذ طرح المشروع للرأي العام.
لفتنى في نهاية الحوار سؤال من الوزير للحضور كان بمثابة الضربة القاضية، سأل عبد اللطيف الحضور وهم نخبة الرأي " لو ابنك في الإعدادية وهيدخل المرحلة الثانوية العام المقبل تفضل أي نظام، الثانوية العامة بشكلها الحالي أم نظام البكالوريا؟!" فأجاب الحضور على الفور "طبعا البكالوريا ".
السؤال والإجابة كانا بمثابة الضربة القاضية التي أكدت حسن طرح الوزير لتفاصيل المشروع وإجابته على كل النقاط الخلافية.
لم يغفل عبد اللطيف نقطة إلا واستفاض في شرحها، حتى وإن تكرر السؤال أكثر من مرة، كان يجيب عليه في كل مرة، ليبعث رسالة طمأنة للرأي العام مفادها أن كل ما يطرح سيأخذ بعين الاعتبار، وأنه لن يتم فرض نظام البكالوريا فرضا، ولكن النقاش سيأخذ مجراه، وأن الحوار المجتمعى لن يتوقف عند حدود العاصمة ولكنه سيمتد إلى كل المحافظات ومع جميع من يهمهم الأمر.
المؤكد وما لا يقبل الجدل أن نظام البكالوريا المقترح سيكون بأى حال من الأحوال أفضل من النظام الحالي ومن الثانوية العامة بشكلها التقليدي، فرصة واحدة، حياة أو موت، مستقبل مرهون بعام واحد تعيشه الأسر المصرية في غم وهم وعبء وضغط، حالة طوارئ مستمرة، وسناتر لا ترحم، ودروس خصوصية تأكل الأخضر واليابس، وأولياء أمور ومضطرون لدفع أخر مليم حتى لا يشعروا بتقصير.
البكالوريا ستنقذ الأسر من هذه الحرب التي يخوضونها ضد جيش عرمرم، النظام الجديد سيكتب النصر للأسرة المصرية ويوفر لها نظاما حديثا متطورا يشبه الأنظمة الدولية التي يدفع فيها القادرون ألافا وربما مئات الألاف من الجنيهات، وبحسب تعبير الوزير " نظام ببلاش لأبنائنا الطلاب بعكس طلاب المدارس الدولية الذين يدفعون مقابلا ماديا للنظام التعليمي".
الوزير قدم تطمينات شاملة ورسائل واضحة أن كل كبيرة وصغيرة في المشروع المقترح تخضع لدراسة دقيقة تأخذ بعين الاعتبار مخرجات الحوار المجتمعى وأيضا النقاشات البرلمانية.
وربما كان الأكثر جدلا للنقاش إضافة مادة التربية الدينية للمجموع كمادة أساسية، وشرح الوزير الموضوع كاملا وقال إن ذلك يتم بالتنسيق مع الأزهر والكنيسة وأن المناهج ستراجع جيدا ويكون محورها الأخلاق -وما أحوجنا إليها في هذه الأيام - ، مؤكدا أن الدولة تستهدف بناء إنسان متكامل يحترم جميع الأديان ويحترم الآخرين.
وإذا كان البعض يتندر على مسمى "البكالوريا" فأقول لهؤلاء "قول للزمان ارجع يا زمان" يا ليت تعليم البكالوريا زمان يعود مرة أخرى مصحوبا بأخلاق الزمن الجميل، تعليم البكالوريا الذى أخرج لنا عملاقة في كل فروع العلم، ونوابغ في شتى ألوان المعرفة، وإذا كان الأمر كذلك "فأهلا بالبكالوريا".