سلطت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، رانيا المشاط، والمبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة المعني بتمويل خطة التنمية المستدامة لعام 2030، محمود محيي الدين، في مقال في إطار مشاركتهما في فعاليات منتدى دافوس الاقتصادي، الضوء على ضرورة اتخاذ إجراءات فعالة بشأن المناخ على المستوى المحلي، وأكدا أن مصر تعمل بالفعل من خلال مبادرة حكومية على حشد التمويل المحلي للمناخ.
وأوضحت المشاط ومحيي الدين، في مقال حسبما نشر الموقع الرسمي للمنتدى الاقتصادي العالمي لعام 2025 اليوم الاثنين، أن المبادرة الحكومية ساهمت في تمويل مجموعة من المشروعات بما في ذلك نظام مكافحة الآفات الذي يعمل بالذكاء الاصطناعي وعمليات معالجة المياه الجديدة.
وقالت المشاط ومحي الدين في مقالهما بعنوان "توطين العمل المناخي في مصر: نموذج جديد لتمويل التنمية": "إن الاستجابة العالمية لتغير المناخ تتألف في كثير من النواحي ولأسباب عديدة من مجموعة من الاستجابات المناخية المحلية. وهذا أمر مناسب لأن نقاط الضعف المرتبطة بتغير المناخ تكون محلية. وبالتالي، فمن الضروري تنفيذ التعبئة الفعالة والعادلة للتمويل للعمل المناخي المحلي.
وأضاف المقال "تعد المبادرة الوطنية المصرية للمشروعات الخضراء الذكية مثالاً جيداً على هذا النوع من التوطين. فقد أطلقت الحكومة هذه المبادرة في عام 2022، وتم تطويرها كنموذج عملي لمعالجة العقبات التي تعرقل تمويل المناخ. وهي توفر مجموعة من المشروعات المناخية المحلية القابلة للاستثمار عبر قطاعات وأنظمة تأثير مختلفة، وتوفر منصة لتطوير ترتيبات التمويل للمساعدة في إنجاح مثل هذه المشروعات".
وتابع "مع التركيز بشكل خاص على حشد التمويل من القطاع الخاص، بدأت المبادرة بدعوة للعمل في جميع محافظات مصر السبع والعشرين لتقديم مشروعات عبر ست فئات، وهي: "المشاريع الكبيرة والمتوسطة والصغيرة والشركات الناشئة والمبادرات غير الربحية والمشاريع التي تقودها سيدات. ويجب أن تفي تلك المشروعات بستة معايير أساسية: المكون الأخضر (الاستدامة البيئية)، والمكون الذكي، والجدوى الاقتصادية، والقابلية للتكرار، والتأثير المستدام والشمول".
ووفقا للمقال "تلقت المبادرة في دوراتها الثلاث 17 ألف طلب. وتطبق عملية تقييم البرنامج الوطني للسياسات المناخية نظام تمثيل متساو، والذي يروج لأفضل ثلاثة مشاريع في كل محافظة عبر كل من الفئات الست إلى مسابقة وطنية حيث تقوم لجنة فنية بتقييم هذه المشاريع وتصفيتها بناءً على استيفائها للمعايير الستة للبرنامج. ويعطي الأولوية للحلول المحلية المصممة خصيصًا والتي تعالج بشكل مباشر التحديات المناخية الفريدة التي تواجهها المحافظات المختلفة، مما يعزز التدخلات المؤثرة والمحددة للسياق والتي تستفيد من المزايا النسبية لكل محافظة".
واستطرد المقال "تمثل المشاريع الممولة من البرنامج الوطني لخفض الانبعاثات نماذج ناجحة في التخفيف والتكيف مع المناطق القاحلة والمناطق الساحلية والأراضي الزراعية والطاقة النظيفة والمياه وغيرها.
على سبيل المثال، ابتكر مشروع في محافظة الوادي الجديد مادة جديدة قائمة على الطبيعة تعالج المياه بخمس سعر المتر المكعب من الطريقة المستخدمة سابقا. وتعد المياه الجوفية المصدر الأساسي للمياه العذبة في هذه المحافظة، وبدون المعالجة يتجاوز تركيز الحديد المستويات الآمنة للاستهلاك".
كما أشار المقال إلى أن محافظة الدقهلية، وهي محافظة زراعية تقع في دلتا النيل، شهدت ابتكار مشروع آخر لنظم مكافحة الآفات يعمل بالذكاء الاصطناعي. وفي الوقت نفسه، يستخدم مشروع في الإسماعيلية الطاقة الحرارية الأرضية للقضاء على انبعاثات الكربون الناتجة عن احتراق الغاز في مزارع الدواجن. ويمكن تكرار هذه المشاريع وغيرها في مدن ومحافظات أخرى".
ووفقا للمقال "يضم المشروع الوطني للسياسات المالية والنقدية مركزًا متعدد الأطراف يشمل منظومة الأمم المتحدة، وبنوك التنمية المتعددة الأطراف، والحكومة المصرية، والبنوك الخاصة والعامة، والقطاع الخاص، ويدعم المركز تطوير خطوط الأنابيب الخاصة بالمشاريع وتحويلها إلى فرص استثمارية. لاسيما أن العديد من المشاريع اجتذبت الاستثمارات وحصلت على المساعدة الفنية المطلوبة من خلال شراكات ناجحة مع أصحاب المصلحة الدوليين. وسوف تتضمن النسخة التالية من المبادرة مرحلة مراقبة لتعزيز قابلية المشاريع الفائزة للتوسع".
ونوه المقال إلى "أن توطين العمل المناخي في إطار برنامج "المبادرة الوطنية للمشروعات الخضراء الذكية" يضمن أن المجتمعات التي تقود هذه الجهود تشعر بشكل مباشر بفوائد العمل المناخي. لذلك، يجب تشجيع الالتزام المستمر من جانب الممولين تجاه المشاريع المناخية المحلية لتحقيق التنمية العادلة، مع ضمان دعم البيئة الاقتصادية الكلية لنجاح مثل هذه المشاريع".
كما لفت إلى أن "البرنامج الوطني لتغير المناخ يمثل مخططًا لنجاح توطين العمل المناخي والتنموي الذي يعالج الفجوات بين المناطق الحضرية والريفية، ويعزز تبادل المعرفة ونشرها، ويوفر بناء القدرات والتدريب لمؤيدي المشاريع".
وأخيرا اختتما المقال بالقول: "نالت هذه المبادرة تقديرا دوليا من المنتدى الاقتصادي العالمي، الذي سلط الضوء عليها باعتبارها واحدة من أفضل الممارسات المستدامة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا نظرا لتأثيرها الكبير وقابليتها للتوسع ومساهمتها في تحقيق أهداف الاستدامة العالمية، فمن المهم أن تحذو مبادرات مماثلة حذوها".