اختتم الصالون الثقافي فعالياته اليوم بندوة تحت عنوان "ترجمة العلوم الإنسانية في زمن الذكاء الاصطناعي: المحور الرابع دراسات الترجمة"، وذلك ضمن أنشطة الدورة الـ56 لمعرض القاهرة الدولي للكتاب.
افتتحت الندوة الدكتورة ريم البرديسي بكلمة تناولت أهمية الترجمة، مشيرة إلى أن البشر أدركوا دورها المحوري منذ العصور القديمة، حيث وصفتها بأنها "جسر ثقافي يربط بين الأمم والحضارات، وناقل أساسي للعلوم والفنون عبر الزمن. ولولا الترجمة لما تمكنت الحضارات من التطور أو التفاعل مع بعضها البعض".
أما الدكتورة أمية خليفة، أستاذة الدراما ودراسات الترجمة بقسم اللغة الإنجليزية بجامعة القاهرة، فأكدت أن الذكاء الاصطناعي، مهما بلغت تطور تقنياته، يظل عاجزًا عن التقاط روح النصوص، خاصة النصوص الأدبية.
وأضافت أن المترجم البشري يمتلك القدرة على أداء هذا الدور بفضل ما يتمتع به من رؤية إبداعية وأيديولوجية تمكنه من نقل النصوص بصورة متكاملة.
وتساءلت خليفة: "لماذا لا نستخدم الذكاء الاصطناعي ونستعين به في تطوير عملية الترجمة؟"، موضحة أن تطويع هذه التكنولوجيا يتطلب الجمع بين العلوم الفنية المختلفة، بهدف تحويل النصوص إلى تجربة فنية شاملة.
من جهتها، تناولت الدكتورة أحلام عثمان، أستاذة اللغة الإنجليزية وآدابها ورئيسة قسم اللغة الإنجليزية بجامعة الأزهر، أهمية مواكبة التطور السريع في أدوات الذكاء الاصطناعي.
وأوضحت أن هذه الأدوات أصبحت جزءًا من الواقع اليومي، وربما تتطور بشكل متسارع أثناء انعقاد مثل هذه الندوات.
وشددت على ضرورة الابتعاد عن مفهوم المنافسة بين الذكاء الاصطناعي والمترجم البشري، داعية إلى خلق حالة من التكامل بين الطرفين لتقديم محتوى يجمع بين المعرفة البشرية والدقة التقنية.
أما الدكتورة دعاء إمبابي، الأستاذ المساعد المتخصص في الترجمة بقسم اللغة الإنجليزية بجامعة عين شمس، فقد استعرضت تجربتها التي تمتد إلى 20 عامًا كمترجمة فورية.
وأكدت أن الترجمة الفورية تعد واحدة من أهم فروع الترجمة، موضحة أن علاقتها بالذكاء الاصطناعي بدأت في الظهور بعد جائحة كورونا، مع انتشار المنصات الإلكترونية وأدوات البحث عبر الإنترنت.
وأشارت إلى أن بعض الدول، مثل السعودية، بدأت في استخدام تقنيات الروبوتات للترجمة الفورية. وأضافت أن الذكاء الاصطناعي يمتلك قدرات هائلة، إلا أن الترجمة الفورية لا تزال بحاجة إلى العنصر البشري لما يتطلبه هذا المجال من صياغة دقيقة، اختصار ذكي، ومراعاة للمشاعر ولغة الجسد.
وفي مداخلة من الدكتور ياسر سعيد، الأستاذ بدراسات الترجمة بجامعة سوهاج، أشار إلى أن الترجمة كانت وما زالت الوسيلة الأساسية للتواصل بين الشعوب.
وتحدث سعيد، عن مفهوم "الميمات" في الترجمة، موضحًا أنها تتمثل في نقل التصورات والأفكار بين اللغات وتبادلها من عقل بشري إلى آخر.
وأكد سعيد أن فكرة وجود ترجمة صحيحة وأخرى خاطئة هي أمر نسبي، حيث تعتمد على إيديولوجيات المترجم وتفكيره. وأضاف أن التحدي الأساسي يكمن في تحقيق توازن بين تقريب النص للقارئ وتقريب القارئ للنص ليعيش تفاصيله ويتفاعل معه بعمق.
جدير بالذكر أن الدورة الـ56 لمعرض القاهرة الدولي للكتاب تُعقد في الفترة من 23 يناير إلى 5 فبراير تحت شعار "اقرأ.. في البدء كان الكلمة"، بمشاركة 1345 ناشرًا من 80 دولة، وتتضمن أكثر من 600 فعالية ثقافية