قال الأستاذ الدكتور محمد عبد الدايم الجندي، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، إن سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم سيد الثقلين، حازت مكانة عظيمة في نفوسنا، عظيماً يا من سلكتم نهجه وسبيله.
وأكد الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، خلال احتفال وزارة الأوقاف بذكرى الإسراء والمعراج، أن معجزة الإسراء والمعراج تمثل حدثاً عظيماً يحمل في طياته دروساً عقدية وأخلاقية وسلوكية.
وأضاف أن سورة الإسراء تبدأ بالتسبيح "سبحان" تعبّر عن تنزيه الله عز وجل عن كل نقص، مشيراً إلى أن التسبيح هو الرابط بين الرعاية والعناية والتحدي والمعجزات.
وتابع: " فإنك بأعيننا، وسبح ارتباط في الرعاية والعناية، وبين الرعاية والعناية والتسبيح، فمن تجرد تفرد، وإن التحدي لكل معجزة يورث التردي، وكل كفاية بالله تجلب العناية، مسارات، مسار عقدي ومسار أخلاقي سلوكي ومسار علمي، المسار العقدي يتجلى في قول الله سبحانه وتعالى: "سبحان" وفيها قمة التنزيه في هذا الاستهلال، قمة التنزيه: "سبحان الذي أسرى"، فيها تنزيه لله عن المكان، حتى لا يشرد ذهن إنسان إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم بلغ مكانا معينا يرى فيه ربه، وقد راه بعين قلبه "سبحان الذي أسرى" تنزيه لله عن المكان، هذا هو المسار العقدي، وفيه أيضا نجد العبودية لله سبحانه وتعالى "سبحان الذي أسرى بعبده" حتى يميز الله سبحانه وتعالى بين الألوهية والعبودية".
وأضاف: "(سبحان الذي أسرى بعبده) فالقانون قانون الله، وهو الذي أسرى بعبده، خرج سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حيز قدرته ودخل في قدره، "كن فيكون"، فكان، سقط الزمان والمكان، فلا زمان ولا مكان، فإذا قال الله سبحانه وتعالى: "سبحان الذي أسرى بعبده"، هنا تقوم قائمه "كن"، إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له "كن"، فيكون".
واستكمل: "هنا إذا أردنا أن نقرب الأمر للأذهان، نضرب مثلا ولله المثل الأعلى: حين يقول قائل: "صعدت بابن الرضيع إلى أعلى قمة الجبل"، فرق بين ذلك وبين أن أقول: "صعد ابن الرضيع إلى أعلى قمة الجبل"، فحين أقول: "صعدت بابني"، إذا دخل ابني في قانوني وفي قدرتي، فالعقل يندهش عند قولنا: "صعد ابن الرضيع إلى أعلى قمة الجبل"، فلا قدرة له ولله المثل الأعلى".
وأضاف: "لذلك قال الله: "سبحان الذي أسرى بعبده"، فالله هو الذي أسرى بعبده، وهنا ينتظم وينضرب المسار العقدي، وينضرب المسار الأخلاقي السلوكي في رحلة الإسراء، في المرائي والأسئلة التي طرحها سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على سيدنا جبريل، وحين نقول: "فإنك بأعيننا"، وحين نقول: "سبحان الذي أسرى"، وحين يستوقفنا قول سيدي الإمام العلامة الأكبر عبد الحليم محمود: "إن الإسراء والمعراج جاء فرجا"، فكل محنة يعقبها فرج، وكل كرب مقدمة لفرج يعقبه".
واحتتم: "من هنا نادى سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اللهم إني أشكو إليك ضعف قوتي"، فكانت النتيجة أن فرج الله عليه وشرح صدره. وهذا أمر اعتدناه في نزول سيدنا جبريل على قلب سيدنا رسول الله دائما، ويحضر ذلك أيضا على الفور، فينزل سيدنا جبريل عليه السلام على سيدنا النبي لما بكى، وقرأ آيات من القرآن، وقال الله تعالى: "يا جبريل، انزل، انزل إلى رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، أو على قلب محمد، واسأله ما يبكيك". فقال: "أمتي، أمتي"، ورجع إلى الله إلى آخر الرواية".