في إطار فعاليات معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ56؛ وضمن "محور التراث"، استضافت القاعة الدولية في ثالث ندواتها لليوم الرابع من أيام المعرض؛ ندوة عن "التراث العماني" مُخصصة للحديث عن "المخطوطات"، وذلك في إطار ندوات "ضيف الشرف".
وعبر مقدم الندوة؛ محمد العسكري؛ عن سعادته لمشاركته هذا العرس الثقافي المُهم في مصر، موضحًا أهمية إقامة ندوة في ثانٍ أقدم معرض للكتاب في العالم؛ لما للتراث العماني من أهمية، وأن "المخطوط" يُعد كنزًا.
وأشار إلى أن الاهتمام بهذه المخطوطات بدأ منذ سبعينيات القرن الماضي؛ مع تأسيس "وزارة التراث القومي ودار المخطوطات العمانية"، حيث انطلق مشروع حضاري يتمثل في جمع المخطوطات ونشرها، وهذه الندوة تعد خطوة مُهمة في هذا السياق.
واستعرض العسكرى؛ أوراق العمل المقدمة في الندوة؛ وشملت الورقة الأولى؛ والذي قدمها محمد الطارشي، المتخصص في فهرسة المخطوطات والمصاحف، حيث تحدث عن خزائن المخطوطات وفهرستها، أما الورقة الثانية فقد تناولت "التراث العماني المخطوط"، قدمها بالإنابة عن الشيخ سلطان الشيباني؛ فهد السعدي، والثالثة ناقشت "مشروع وزارة الثقافة والرياضة والشباب في حفظ ونشر المخطوطات العمانية"، قدمها وليد النبهاني.
وعن الورقة البحثية الأولى وهي بعنوان "خزائن المخطوطات وفهرستها"؛ بدأ "الطارشي" بعرض ورقته البحثية حول خزائن المخطوطات من التراث العماني، متطرقًا إلى محورين رئيسين هما: الخزائن والفهرسة، موضحا أن تاريخ هذه الخزائن يعود إلى القرن الخامس قبل الميلاد، حيث تعاقبت عليها حضارات عدة.
وأشار إلى أن المساجد والمجالس في عمان كانت مراكز للعلوم والدراسة، مما أدى إلى ظهور خزائن ضخمة تضم مخطوطات نادرة على مستوى العالم العربي والإسلامي.
وذكر الطارشي؛ أن عدد الخزائن بلغ 360 خزانة، وقام بتعريفها من حيث عناوينها وعدد مخطوطاتها والعلوم التي كتبت فيها.
كما تناول أبرز المخطوطات النادرة، مثل نسخة نادرة لمصحف؛ خطه؛ عبد الله بن بشير بن مسعود الحضرمي، وقسم الخزائن إلى 4 أنواع، أبرزها "خزانة دار المخطوطات في وزارة الثقافة والرياضة والشباب بمسقط"، التي أنشئت عام 1977م؛ وتضم أكثر من 7000 مخطوط.
وبدأ في قراءة الورقة الثانية عن "التراث العماني المخطوط" واستعرض فهد بن علي السعدي؛ ورقة الشيخ سلطان الشيباني، التي ركزت على المخطوطات العمانية الموجودة في مصر.
وأوضح أن الشيخ الشيباني؛ قام بتتبع دقيق للفهارس؛ واستخلص أكثر من 2000 مخطوط عماني موزعة حول العالم.
وأشار إلى أن انتقال المخطوطات بين الأجيال والبلدان أمر طبيعي، موضحا أن أحد أسباب وجود المخطوطات العمانية في مصر؛ هو أن قوافل الحجاج كانت تمر بمصر، إضافة إلى الأوقاف العمانية في مصر، حيث كانت بعض الأسر العمانية تقيم في مصر للدراسة.
وعن "مشروع وزارة الثقافة والرياضة والشباب"، ناقش وليد النبهاني مشروع الوزارة في حفظ ونشر المخطوطات العمانية، مشيرًا إلى ارتباط هذا المشروع برؤية عمان 2040؛ وأكد ضرورة وضع خطة وطنية عليا لتدعيم وتنظيم استراتيجية حفظ المخطوطات، مع اقتراح إنشاء لائحة تنظيمية لحمايتها.
في نهاية الندوة، طرح أحد الحضور سؤالًا؛ حول كيفية حماية المخطوط العماني المنتشر في بلدان أخرى، خاصة أنه يحتاج إلى عناية خاصة.
كما سأل دكتور الفلسفة؛ محمد ضرغام؛ عن أسباب تأخر تحقيق الكثير من المخطوطات حتى الآن، وأجابه فهد السعدي أنه ما زال هناك سعي لتأسيس مؤسسة تختص برعاية المخطوطات العمانية تشمل كل ما يحافظ عليها.
تُعد هذه الندوة إحدى الخطوات المهمة نحو تسليط الضوء على التراث العماني المخطوط، الذي يمثل كنزًا ثقافيًا وحضاريًا لا يقدر بثمنٍ؛ فقد أكدت الأوراق البحثية أهمية الحفاظ على هذا التراث وتوثيقه ونشره، مع التركيز على التعاون بين المؤسسات الثقافية والأكاديمية لضمان استمرارية الاهتمام بهذا المجال.
كما برزت الحاجة إلى وضع خطط وطنية شاملة؛ ولائحة تنظيمية لحماية المخطوطات؛ وضمان صونها للأجيال القادمة.