في اليوم السادس من فعاليات معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ56، انعقدت الجلسة الثالثة من مؤتمر تكريم الناقد الكبير الدكتور مصطفى ناصف، برئاسة الدكتور عبد الفتاح يوسف، الذي شدد على أهمية تأسيس مدرسة نقدية مصرية قائمة على الشراكة بين معرض الكتاب؛ والهيئة المصرية العامة للكتاب، مشيرًا إلى ضرورة تعزيز التأويل النقدي الحديث في الفكر العربي.
تميزت الجلسة بمناقشات متعمقة؛ حول رؤية مصطفى ناصف؛ في تأويل النصوص، خاصة في تفسيره للقرآن الكريم، حيث استطاع المزج بين الحداثة والتحليل الموضوعي، ما جعله شخصية بارزة في المشهد النقدي.
واستعرض الدكتور محمد عبد السلام كامل؛ ورقة بحثية تناولت المسيرة النقدية لمصطفى ناصف، مؤكدًا أنه كان يحسب التأويل مسؤولية أخلاقية وليست مجرد تمرين فكري، حيث رأى أن الإحساس الأخلاقي هو صمام الأمان في عملية التأويل، وليس الذكاء وحده، كما حذر من تحول التأويل إلى أداة لخدمة الأهواء بدلاً من أن يكون بحثًا موضوعيًا يستند إلى الضمير.
من جانبها، تحدثت الدكتورة هدى عطية؛ عن تعقيد بعض أفكار مصطفى ناصف، مشيرة إلى أن من لا يفهمه يقتطع أفكاره من سياقها، مما يجعلها تبدو أكثر غموضًا مما هي عليه في الواقع؛ وكان ناصف يؤمن بأن البحث عن المعنى لا ينبغي أن يكون مجرد عملية عقلية، بل هو رحلة تأويلية تتداخل فيها اللغة والأسطورة والتجربة الإنسانية، مما يجعل المعنى متجددًا وغير ثابت.
أما الدكتور علاء الجابري، فتناول تجربته الشخصية مع فكر مصطفى ناصف، مؤكدًا أن ما يميز رؤيته النقدية هو نظرته للنصوص باعتبارها كائنات متغيرة لا تستقر عند تأويل واحد، بل تعيش في سياقات متعددة؛ وأشار إلى أن ناصف لم يكن يبحث عن تفسير حرفي للنصوص، بل كان يسعى إلى فهم الأبعاد البلاغية والإنسانية فيها، وهو ما انعكس في قراءاته المتجددة للقرآن الكريم.
واختُتمت الجلسة؛ بالتأكيد على أن "مصطفى ناصف" لم يكن ناقدًا تقليديًا، بل كان مفكرًا أعاد تعريف العلاقة بين النص والقارئ، وأن التأويل ليس مجرد كشف عن المعنى، بل هو فعل إبداعي يمزج بين العقل واللغة والضمير؛ لقد ترك إرثًا نقديًا غنيًا؛ لا يزال يشكل منبعًا للإلهام والتجديد في دراسة النقد الأدبي والتأويل.