شهدت أسعار القهوة السادة في عدد من المحال الشهيرة ارتفاعًا ملحوظًا، حيث قفز سعر الكيلو بنحو 40 جنيهًا، ليصل إلى 520 جنيهًا، مما أثار قلق المستهلكين والتجار على حد سواء، يأتي هذا الارتفاع وسط أزمة عالمية تشهدها سوق القهوة، حيث قفزت أسعار حبوب "أرابيكا" و"روبوستا" إلى مستويات قياسية بسبب نقص الإمدادات وتراجع الإنتاج في أكبر الدول المنتجة.
اضطرابات الأسواق العالمية تقود أسعار القهوة للارتفاع
شهدت العقود المستقبلية لقهوة "أرابيكا" تقلبات ملحوظة بعد تسجيلها ارتفاعًا جديدًا يوم الاثنين، حيث أثارت التوترات التجارية مخاوف السوق العالمي الذي يعاني بالفعل من نقص في الإمدادات.
وارتفع العقد الأكثر نشاطًا في نيويورك بنسبة تصل إلى 2.3% ليصل إلى مستوى قياسي جديد عند 3.5555 دولارًا للرطل، قبل أن يتذبذب بين المكاسب والخسائر.
وجاءت هذه القفزة بعد تهديد قصير الأجل بفرض رسوم جمركية أميركية على كولومبيا، مما أضاف مزيدًا من عدم اليقين التجاري، كما جاء بعد تسجيل مستويات قياسية جديدة خلال الجلستين الماضيتين، ما دفع مؤشر القوة النسبية إلى منطقة الشراء المفرط، مما يشير إلى أن الأسعار ارتفعت بسرعة كبيرة.
الاضطرابات السياسية وتأثيرها على تجارة القهوة
أصدر الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، أمرًا خلال عطلة نهاية الأسبوع لإدارته بفرض رسوم جمركية وعقوبات على كولومبيا، بسبب رفضها السماح لطائرتين عسكريتين تقلان مهاجرين مُرحَّلين بالهبوط، إلا أن البيت الأبيض أعلن لاحقًا تعليق هذه الإجراءات بعد التوصل إلى اتفاق بشأن إعادة هؤلاء المرحلين.
وشهدت فيه العقود الأكثر نشاطًا لقهوة "أرابيكا" ارتفاعًا كبيرًا بسبب نقص المحاصيل لدى كبار المنتجين، وتُعد كولومبيا ثالث أكبر منتج للقهوة في العالم، حيث يتم تصدير ما لا يقل عن 40% من قهوتها إلى الولايات المتحدة، مما يجعلها أكبر سوق لها.
توقعات الخبراء وتأثير الرسوم الجمركية
رجح ستيف بولارد، محلل في مجموعة "Marex"، أن يواجه جميع منتجي القهوة في أميركا اللاتينية نفس التهديد الذي تواجهه كولومبيا، ومن المحتمل أن تتراجع جميعها عن المواجهة.
وأضاف بولارد أنه إذا تم تطبيق الرسوم الجمركية على القهوة القادمة من هذه الدول، سيظهر التأثير على أسعار التجزئة في الولايات المتحدة.
وأشار بولارد إلى أنه في حال فرض الرسوم الجمركية على كولومبيا، سيتأثر السوق الفعلي بتحويل صادرات القهوة الكولومبية الممتازة إلى أوروبا، مما سيزيد الطلب الأميركي على مصادر أخرى، أما سوق العقود الآجلة، فسيكون أقل عرضة للتأثر، نظرًا لأن الأسعار مرتبطة بمخزونات القهوة الموجودة أساسًا في أوروبا.
ضعف الإنتاج وزيادة الطلب يفاقمان الأزمة
تأثرت إمدادات القهوة بشكل كبير بسبب ضعف المحاصيل لدى كبار المنتجين مثل البرازيل وفيتنام، وتتوقع وزارة الزراعة الأميركية انخفاض المخزونات العالمية في نهاية موسم 2024-2025 إلى أدنى مستوى لها منذ 25 عامًا.
وارتفعت العقود الآجلة في نيويورك بأكثر من 80% مقارنة بالعام الماضي.
ارتفاع عالمي في أسعار القهوة بنسبة 90%
سجلت أسعار القهوة العالمية زيادة تجاوزت 90% خلال الـ12 شهرًا الماضية، متأثرة بعدة عوامل أبرزها نقص المعروض، والمخاوف من المحاصيل المستقبلية في البرازيل، التي تُعد أكبر منتج للبن في العالم.
وارتفعت العقود الآجلة لشهر مارس لقهوة "أرابيكا" في بورصة إنتركونتيننتال بنيويورك إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق، حيث أنهت تعاملات الجمعة مرتفعة بنسبة 1.1% لتصل إلى 3.7225 دولار للرطل، بزيادة أكثر من 16% مقارنة بالعام الماضي.
أما قهوة "روبوستا"، فقد ارتفع سعرها بنحو 2.2% ليصل إلى 5734 دولارًا للطن المتري، وهو مستوى قريب من أعلى سعر تم تسجيله في تاريخ هذه العقود، قبل أن تتراجع قليلاً لتستقر عند 5711 دولارًا للطن المتري في نهاية التداولات.
أزمة الإمدادات وتوقعات المحاصيل المستقبلية
تأتي هذه الارتفاعات مدفوعة بتوقعات وكالة الإمدادات الغذائية البرازيلية (كوناب)، التي خفضت تقديراتها لمحصول القهوة لعام 2024 بنسبة 1.1%، ليصل إلى 54.2 مليون كيس، مقارنةً بالتقديرات السابقة التي كانت عند 54.8 مليون كيس.
كما توقعت الوكالة أن ينخفض محصول القهوة في البرازيل لعام 2025/26 بنسبة 4.4%، ليصل إلى أدنى مستوى في 3 سنوات عند 51.81 مليون كيس.
وتُنتج البرازيل نحو 50% من إجمالي الإنتاج العالمي من قهوة "أرابيكا"، مما يجعل أي تراجع في محصولها يؤثر بشكل كبير على الأسعار العالمية.