استضاف الصالون الثقافي ندوة متميزة بعنوان "قضاة وأدباء"، بحضور نخبة من القضاة والخبراء القانونيين من مصر وليبيا، حيث تم تسليط الضوء على العلاقة المتبادلة بين الأدب والقانون، فضلاً عن أهمية فن المرافعة في تحقيق العدالة، في إطار فعاليات الدورة الـ56 لمعرض القاهرة الدولي للكتاب.
شارك في الندوة المستشار بهاء أبو شقة، وكيل أول مجلس الشيوخ، والمستشار علي الهواري، رئيس استئناف القاهرة، والدكتور الهادي بو حمرة، عضو المجلس العلمي بمركز البحوث الجنائية في ليبيا، إلى جانب عدد من القضاة وأساتذة القانون، وقد شهدت الندوة حضورًا واسعًا من القانونيين والمحامين والمثقفين.
وأكد المستشار خالد سري صيام، أستاذ القانون الجنائي بجامعة عين شمس، أن معرض الكتاب يمثل "عرسًا ثقافيًا ثريًا"، مشيرًا إلى أن الندوة جمعت بين قامات قانونية وأدبية، مما يعزز التبادل الثقافي بين مصر وليبيا، خصوصًا في مجال النيابة العامة. وأضاف أن فن المرافعة يشكل عنصرًا أساسيًا في تحقيق العدالة، حيث يسهم في إنصاف الضحايا ورفع الضرر عن المجتمع، معربًا عن الحاجة إلى دليل إرشادي يوجه المرافعين نحو الأسلوب الأمثل في عرض القضايا أمام المحاكم.
من جانبه، شدد المستشار علي الهواري على أن المرافعة ليست مجرد عرض قانوني، بل هي فن يتطلب سهولة التعبير، قوة الحجة، والإعداد الجيد، موضحًا أن الإسلام أكد أن العدل هو أساس الحضارات، وأن تاريخ المرافعة يمتد عبر العصور كأداة لتحقيق الحق.
شهدت الندوة أيضًا إطلاق كتاب "دليل إرشادي في مرافعة النيابة العامة"، الذي يُعد مرجعًا شاملاً لفن المرافعة، ويهدف إلى تطوير مهارات أعضاء النيابة في تقديم الحجج القانونية.
وأوضح المستشار عمرو فاروق البدرمانيي، مدير التفتيش القضائي، أن الكتاب يمثل "نقلة نوعية" في فهم المرافعات، مشيرًا إلى أنه أول كتاب من نوعه في العالم العربي، إذ يجمع بين الجوانب النظرية والتطبيقية لفن المرافعة، مما يجعله مرجعًا مهمًا لكل طالب علم قانوني.
أما المستشار محمد هدايات، رئيس النيابة، فقد أكد أن الكتاب جاء استجابةً لفكرة المستشار محمد شوقي، النائب العام، لإحياء فن المرافعات، في ظل ندرة المراجع المتخصصة في هذا المجال، لافتًا إلى أن الكتاب يحتوي على رسوم بيانية وشروحات تفصيلية تعزز الفهم النظري والعملي.
فيما ناقش الدكتور الهادي بو حمرة العلاقة العميقة بين الأدب والقانون، موضحًا أن القانونيين بحاجة إلى امتلاك مهارات أدبية، مثل الدقة في التعبير، والتشويق في السرد، والتأثير في المستمع، وهو ما يسهم في جعل الأحكام أكثر وضوحًا وإقناعًا للجمهور.
وأشار إلى أن الأدب والقانون يتشاركان في كونهما وسيلتين لتوصيل الأفكار وتحقيق العدالة، حيث استشهد بسير العظماء من القضاة والأدباء مثل توفيق الحكيم والطهطاوي، مؤكدًا أن الأدب أسهم في سنّ القوانين وترسيخ القيم الإنسانية في النصوص التشريعية.
في ختام الندوة، أكد المشاركون في الندوة أن القانون لا يقتصر على النصوص الجامدة، بل يحتاج إلى الخيال القانوني في تطوير الأنظمة، تمامًا كما يحتاج الأدب إلى المنظومة القانونية لحماية الإبداع والتعبير.
شدد الحضور على أهمية استمرار التعاون بين القانونيين والأدباء، وتعزيز دور النيابة العامة في نشر الثقافة القانونية، لضمان عدالة أكثر شفافية وقربًا من المجتمع.