شهدت «قاعة العرض»؛ في معرض القاهرة الدولي للكتاب بدورته الـ56، اليوم ضمن محور «مصريات»، ندوة مخصصة لمناقشة كتاب «حكايات شعبية فرعونية» لجاستون ماسبيرو.
أدار الندوة الباحث محمود أنور، وشارك فيها: الدكتور أحمد بدران، أستاذ الآثار بجامعة القاهرة، الذي تناول الأثر العميق للحكايات الشعبية في التراث المصري القديم.
واستهل محمود أنور النقاش؛ بالتأكيد على أن الأدب المصري القديم كان انعكاسًا صادقًا لضمير وروح الشعب المصري، حيث برع المصريون في فنون السرد والحكي، مما جعل الحكاية الشعبية نموذجًا بارزًا لهذا التراث الأدبي؛ وأوضح أن كتاب «ماسبيرو»؛ يكشف عن تأثير قصص مصرية قديمة، مثل «سنوحي» و«الملاح الغريق»، على أعمال أدبية لاحقة مثل سندباد وألف ليلة وليلة وكليلة ودمنة.
جهود عالم المصريات جاستون ماسبيرو
وتناولت الندوة جهود «جاستون ماسبيرو»، أحد أبرز رواد علم المصريات، الذي شغل منصب مدير مصلحة الآثار المصرية، وأسّس المعهد الفرنسي للآثار، وساهم في اكتشاف خبيئة المومياوات الملكية بالدير البحري بالتعاون مع العالم المصري أحمد بك كمال.
وسلط الحضور الضوء على أهمية كتابه حول الحكايات الشعبية، بوصفه أول نموذج علمي لترجمة هذه النصوص المصرية القديمة إلى اللغات الحديثة.
واستعرض الدكتور أحمد بدران؛ البعد العالمي للحضارة المصرية، مشيرًا إلى تأثيرها العميق في تشكيل وجدان وثقافة الإنسانية، حيث أسهمت في وضع أسس الفكر والعلم والفن، وظلت مصدر إلهام للحضارات اللاحقة؛ وأكد أن الإسهامات المصرية لم تقتصر على العمارة والآثار، بل امتدت إلى الفلسفة والأخلاق والعلوم، إذ كان المصري القديم رائدًا في الطب والفلك والرياضيات؛ وشدد بدران؛ على أن الأدب المصري القديم هو أحد أقدم وأعرق الآداب في التاريخ؛، حيث أبدع المصريون في فنون السرد والشعر والملاحم، وقدموا نصوصًا خالدة؛ كما أشار إلى دور ماسبيرو؛ والرواد الأوائل؛ في جمع وترجمة الحكايات الشعبية، مما ساهم في كشف ملامح الفكر والمجتمع المصري القديم للعالم.
وأبرز بدران أن كتاب حكايات شعبية فرعونية يُعد من أهم إصدارات سلسلة «مصريات»، نظرًا لما يقدمه من رؤية معمقة حول تأثير الأدب المصري القديم في تشكيل الوعي الإنساني.
وأوضح «بدران»؛ أن الحضارة المصرية القديمة تمحورت حول الإنسان، وهو ما جعلها تحظى باهتمام عالمي، مضيفًا أن المصري القديم كان أول من اخترع الكتابة؛ ووضع نظامًا لغويًا متكاملًا، حيث سبقت الهيروغليفية اللغات الفينيقية بنحو 800 عام.
وأكد أستاذ الآثار؛ أن ازدهار الأدب في مصر القديمة جاء نتيجة تفاعل عوامل متعددة، مما أدى إلى تنوعه بين القصة والحكاية الشعبية والشعر والغزل وأدب السير الذاتية، فضلًا عن الأدب الحربي والديني والسياسي، إذ وثّقت النصوص الأدبية حياة المصري القديم، وانتصاراته، ومعتقداته.
واختتم «بدران»؛ الندوة؛ بعرض نماذج من الحكايات الشعبية التي يضمها الكتاب، موضحًا أنها لم تكن مجرد سرد ترفيهي، بل عكست روح المجتمع المصري القديم وأسهمت في ترسيخ القيم الأخلاقية، وهو ما جعل الحضارة المصرية حضارة ذات ضمير حي؛
وأشار «بدران» في ختام الندوة، إلى أن قصصًا مثل «سنوحي» تجسد القيم الإنسانية الراسخة التي ميزت هذه الحضارة، مما عزز من عالميتها واستمرار تأثيرها حتى اليوم.
معرض القاهرة الدولي للكتاب 2025
ويقام معرض القاهرة الدولي للكتاب 2025، الذي تنظمه الهيئة العامة المصرية للكتاب، في الفترة من 23 يناير الجاري حتى 5 فبراير المقبل بمركز مصر للمعارض الدولية بالتجمع الخامس، وأعلن لأول مرة عن ضيفي شرف المعرض في الدورتين 2026، و2027، وهما رومانيا وقطر كما أعلن إطلاق مبادرة المليون كتاب ضمن فعاليات المعرض هذا العام.
ويشهد المعرض استحداثات جديدة لأول مرة ومن بينها جناح مجاني لاتحاد الناشرين الذي تشارك فيه دور النشر الناشئة وذلك بهدف دعم صناعة النشر، بالإضافة إلى استحداث قاعة جديدة لتكون عدد قاعات معرض الكتاب فى دورته الجديدة 6 قاعات بدلًا من 5 قاعات، بالإضافة إلى أجنحة للكتب المخفضة.
ووقع الاختيار على اسم العالم والمفكر الدكتور أحمد مستجير، ليكون شخصية معرض القاهرة الدولي للكتاب، والكاتبة الكبيرة فاطمة المعدول، شخصية معرض كتاب الطفل، وجاء شعار المعرض هذا العام بعنوان «اقرأ.. في البدء كان الكلمة».
وتحل دولة سلطنة عمان ضيف شرف المعرض، وتشارك ببرنامج ثقافي متنوع يعكس التاريخ الثقافي والفكري للسلطنة، ويسلط الضوء على العديد من الجوانب التاريخية والتراثية والفكرية بها.
وتشهد الدورة الحالية نقلة نوعية تستحق التقدير، سواء من حيث التنظيم أو المُشاركة الدولية والمحلية، وتقام الدورة الحالية للمعرض على مساحة 55 ألف متر مربع، بإجمالي مساحة تضم 6 صالات للعرض، ويصل عدد الناشرين والجهات الرسمية المصرية والعربية والأجنبية المشاركة إلى 1345 دار نشر، من 80 دولة من مختلف دول العالم، كما يبلغ عدد العارضين 6150 عارضًا هذا العام، يعرضون تنوعًا ثريًا من الإصدارات الأدبية والفكرية.
ويضم البرنامج الثقافي للمعرض ما يقرب من الـ600 فعالية متنوعة تشمل ندوات أدبية وحوارات فكرية وعروضًا فنية، بمشاركة نخبة من المفكرين والمبدعين من مختلف أنحاء العالم.
ويُعد معرض القاهرة الدولي للكتاب من أكبر معارض الكتاب في الشرق الأوسط، وفي عام 2006 اعتبر ثاني أكبر معرض بعد معرض فرانكفورت الدولي للكتاب، زار المعرض في دورته السابقة الـ55 4,785,539 زائر.
انطلق المعرض لأول مرة في عام 1969م، حينما كانت القاهرة تحتفل بعيدها الألفي، فقرر وزير الثقافة آنذاك ثروت عكاشة الاحتفال بالعيد ثقافيًا، فعهد إلى الكاتبة والباحثة الراحلة سهير القلماوي بالإشراف على إقامة أول معرض للكتاب في مصر.
وأوضح أن ريادة مصر تعتمد في جوهرها على العلم والمعرفة وموقعها المتميز كمركز للثقافة والفكر، ومن هنا تأتي الدعوة لكل فئات الشعب المصري لتوجيه طاقاتهم نحو القراءة والتعمق في المعرفة، لتنوير العقول والاستفادة من ثمار الفكر الإنساني.