الأربعاء 5 فبراير 2025

تحقيقات

تصريحات ترامب بشأن غزة.. خبراء: خطط الرئيس الأمريكي تستهدف تصفية القضية الفلسطينية ودعم التوسع الإسرائيلي

  • 5-2-2025 | 13:43

قطاع غزة

طباعة
  • أماني محمد

جاءت تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عقب مباحثاته مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشأن قطاع غزة حاملةً خطورة كبيرة على القضية الفلسطينية، حسبما أكد خبراء سياسيون، موضحين أن هذه التصريحات كشفت النوايا الأمريكية لدعم خطط إسرائيل التوسعية في المنطقة على حساب الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة.

وأكد ترامب، في تصريحاته أمس، أن شراكته مع نتنياهو جلبت السلام إلى الشرق الأوسط وأن التحالف بين إسرائيل غير قابل للانكسار، وأنه بحثت مع نتنياهو العمل على ضمان القضاء على حماس، وأن سكان غزة يجب أن يذهبوا لمكان آخر ليعيشوا بسلام، موضحا أنه يمكن لسكان غزة العيش بمناطق جميلة بدلا من أراضٍ مدمرة، وأن أمريكا ستعمل على تفكيك المتفجرات في قطاع غزة، وأن يمر القطاع بمرحلة إعادة الإعمار وتحويل غزة إلى «ريفييرا الشرق الأوسط».

وأشار إلى أنه سيكون مسؤولا عن إخلاء غزة من كل المخاطر مثل المتفجرات وغيرها، موضحا أنه سيزور إسرائيل وغزة والسعودية، وسيزور دولًا عديدة في الشرق الأوسط.

وزعم ترامب، أن "تجربة بقاء الفلسطينيين بشريط غزة لم تنجح بالماضي، ولن تنجح بالمستقبل"، مضيفا: "ستقوم الولايات المتحدة بما يلزم في غزة، وستطور هذا المكان، فما أقوم به لا يتعلق بأمر حل الدولتين، بل بإحلال السلام".

تحذيرات من تهجير دائم للفلسطينيين

قال الدكتور محمد مرعي، كبير الباحثين في المركز المصري للدراسات، إن التصريحات التي أدلى بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال لقائه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والتي تحدث فيها عن تهجير دائم للفلسطينيين من قطاع غزة تحمل خطورة كبيرة، مشيرًا إلى أن هذه التصريحات تمثل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، وترقى إلى جريمة تطهير عرقي وفقا لكل المقررات الدولية.

وأوضح "مرعي"، في تصريحات خاصة لبوابة "دار الهلال"، أن رؤية ترامب لا تتوافق مع أي مساعٍ حقيقية لتحقيق السلام، إذ أن السلام العادل والشامل في الشرق الأوسط لن يتحقق إلا من خلال منح الفلسطينيين حقوقهم المشروعة في إقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، مؤكدًا أن الفلسطينيين متمسكون بأرضهم سواء في غزة أو الضفة الغربية، ومن المستبعد أن تنجح خطة ترامب، بل ستواجه بموقف فلسطيني وعربي، ولن يقبلوا بأي مخططات تهدف إلى تصفية قضيتهم.

وأشار إلى صمود نحو 2 مليون فلسطيني داخل قطاع غزة وتمسكهم بأرضهم، رغم 15 شهرًا من الحرب الإبادة الجماعية التي شنتها إسرائيل عليهم وحدوث عشرات من عمليات النزوح الداخلي داخل القطاع، ورغم ذلك ظل الفلسطينيون متمسكين بأرضهم ومنازلهم ولن يقبلوا بهذه الأطروحات التي لا تهدف إلا لتصفية القضية الفلسطينية.

وأضاف ن تصريحات ترامب الأخيرة تجعله يبدو كما لو كان متحدثًا باسم اليمين الإسرائيلي المتطرف، وليس رئيسًا أمريكيًا، مشددًا على أن الولايات المتحدة يجب أن تأخذ بعين الاعتبار مصالحها مع الدول العربية ودول المنطقة.

وأكد أن الموقف المصري راسخ الذي يرفض بشكل قاطع أي محاولات لتهجير الفلسطينيين إلى سيناء أو إلى أي منطقة أخرى وهذا موقف مصري واضح ولا تراجع عنه في ظل الحديث الأمريكي بأن إعادة إعمار قطاع غزة صعبة مع وجود السكان، لكن الحقيقة أن هذا ليس صعبا وهناك أطروحات لإعمار القطاع دون خروج الشعب الفلسطيني من أرضه، وهو موقف يتماشى مع المواقف العربية الموحدة الرافضة لهذه الطروحات وتهجير الفلسطينيين من أرضهم.

وأشار "مرعي" إلى أن الرئيس ترامب يحاول تبرير مخطط التهجير تحت غطاء تحسين حياة الفلسطينيين، بينما الحياة الأفضل للفلسطينيين هي تخفيف معاناتهم، ويكمن الحل الحقيقي في دعم صمودهم على أرضهم داخل قطاع غزة والضفة الغربية، وليس في تهجيرهم لصالح الأجندة التوسعية الإسرائيلية.

وشدد على أن ما يطرحه ترامب سيكون له مآلات خطيرة على الأمن والاستقرار الإقليمي، وخططه لتوسيع إدماج إسرائيل في المنطقة عبر ما يسمى "اتفاقيات التطبيع الإبراهيمي"، ستواجه عوائق كثيرة، في ظل الموقف العربي بشأن حقوق الشعب الفلسطيني، وأن تحقيق السلام الشامل والعادل في المنطقة لين يتحقق سوى بدولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية.

وأكد أن هناك موقف مصري وأردني وفلسطيني واضح، وهناك حاجة إلى توحيد الموقف العربي لمواجهة هذا الخطر الوجودي للمصالح العربية، مشددا على أن هذا المشروع  مآلاته خطيرة ليس فقط على القضية الفلسطينية ولكن تأثيرات على الأمن القومي العربي، لصالح إسرائيل، فترامب يدعم الأطماع التوسعية للاحتلال للاستيلاء على أراضي دول عربية.

وتابع نحن في حاجة إلى اتخاذ موقف عربي واضح وخطوات سياسية ودبلوماسية فعالة تتجاوز مجرد إصدار بيانات شجب وإدانة، مطالبًا بعقد قمة عربية طارئة، وإجراء تحركات دبلوماسية نشطة مع الدول الغربية وروسيا والصين، من أجل خلق موقف دولي قوي يدفع ترامب إلى التراجع على هذه الأفكار والمخططات التي تتعارض مع قرارات الشرعية الدولية وتهدد الأمن القومي العربي لصالح إسرائيل، لأنه لن يتحقق أي سلام دون قيام الدولة الفلسطينية، ولا الشعب الفلسطيني سيقبل بالتهجير ولا الموقف المصري سيقبل بذلك.

 

استراتيجية أمريكية جديدة 

ومن جانبه، أكد الدكتور محمد الشيمي، أستاذ العلاقات الدولية، أن تصريحات ترامب تعكس السياسة الخارجية الأمريكية الجديدة والتي تحمل الملامح الأساسية للاستراتيجية الأمريكية الجديدة في الشرق الأوسط، حيث تعكس رغبة ترامب على تحقيق استراتيجية إنعاش الدور الأمريكي على مستوى النظام الدولي في محاور رئيسية هو كيفية تحقيق أكبر استفادة ممكنة على مستوى المصالح الأمريكية على المناطق المختلفة من العالم وخاصة الشرق الأوسط.

وأشار الشيمي في تصريحات خاصة لبوابة "دار الهلال"، أن ترامب يريد أن يضع إسرائيل على رأس منطقة الشرق الأوسط وهو ما أطلق عليه نتنياهو سابقا "الشرق الأوسط الجديد"، وهيكلة المنطق، من خلال رسم حدود جديدة لإسرائيل، من خلال دراسة إعلان السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية خلال الفترة المقبلة استكمالًا لخطوات سابقة في ولايته الأولى مثل الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل بنقل السفارة الأمريكية إلى المدينة بدلا من تل أبيب، وكذلك الاعتراف بالسيادة على الجولان.

وأكد أن هذه السياسة تأتي في إطار سعي الإدارة الأمريكية إلى إعادة هيكلة النظام الدولي بما يخدم رؤيتها الاستراتيجية، مشيرا إلى أنه في غضون أسابيع قليلة قد يعلن ترامب قرارا بالسيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية، في ظل التحركات الأمريكية فيما يتعلق بمستقبل الضفة الغربية وقطاع غزة، والتي تعكس رغبة واشنطن في فرض واقع جديد في المنطقة.

وأوضح أن هناك مشروعًا أمريكيًا لإعادة هيكلة قطاع غزة عبر استثمارات جديدة، مع تزايد الحديث عن خطط لنزع السيادة الفلسطينية على القطاع، وفرض السيادة الأمريكية على القطاع وأن الولايات المتحدة الأمريكية ستتحكم فيه في الفترة المقبلة، مضيفا أن ترامب يتحدث في إطار سياسة سريعة للغاية لتحقيق السياسات الخارجية الأمريكية الجديدة في ظل ضمانات لأمن إسرائيل في المنطقة وتعضيد دورها القيادي في المنطقة.      

وأضاف أن هذه التغيرات تؤدي لاختلال موازين القوى بالشرق الأوسط، وهو ما يفرض تحديات كبيرة ومخاطر شديدة على الدول العربية، مشددًا على ضرورة تبني استراتيجية واضحة للدفاع عن الأمن القومي العربي من خلال تحرك جماعي وليس فرديًا، ليس فقط للدفاع عن القضية الفلسطينية ولكن وقف مد حدود إسرائيل في نطاق أكبر في ظل مخططات توسع إسرائيل للداخل السوري والجنوب اللبناني، خاصة بعد الضربات التي نالها حزب الله في الفترة الأخيرة، وكذلك الضربات على الحوثيين في اليمن وهو مل يمثل مخاطر وتهديدات لكافة دول المنطقة.

وأكد أهمية أن يكون هناك استراتيجية واضحة للدول العربية للدفاع عن أمنها القومي وأن يكون هناك استراتيجية واضحة في إطار التحرك الجماعي، وكذلك استحضار أدوار القوى الدولية الأخرى، مثل الصين وروسيا لإحداث توازن في المنطقة، لمواجهة النفوذ الأمريكي المتزايد والدعم غير المشروط لإسرائيل، والذي يهدد استقرار المنطقة.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة