الخميس 10 ابريل 2025

عرب وعالم

المجلس الأطلسي: على أوروبا أن تستعد للدفاع عن نفسها في عالم متعدد الأقطاب بشكل متزايد

  • 14-2-2025 | 11:45

ترامب

طباعة
  • دار الهلال

ذكرت مؤسسة المجلس الأطلسي أن خطة السلام الأمريكية بشأن أوكرانيا لم يجر نشرها بعد، ولكن من الواضح بالفعل أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يتوقع من أوروبا أن تلعب دورا أكبر في الأمن المستقبلي للقارة وفي مكافحة الحرب الروسية.

وقال المجلس الأطلسي - وهو مؤسسة بحثية ذات طابع استراتيجي تتخذ من واشنطن مقرا لها - إنه مع سعي الولايات المتحدة الآن إلى تقليص التزاماتها عبر الأطلسي في وقت تحتضن فيه روسيا التي تتبنى مواقف تراجع تاريخية، في حين تبني أجندة توسعية، يجب على القادة الأوروبيين التكيف بشكل عاجل مع الحقائق الجيوسياسية الجديدة وإعطاء الأولوية للأمن.

وسارعت إدارة ترامب إلى التأكيد على توقعاتها بشأن دور أوروبي أكبر في الدفاع عن القارة. وبعد أيام فقط من تنصيبه، استخدم ترامب ظهوره في المنتدى الاقتصادي العالمي لتكرار دعوته لأعضاء حلف الناتو الأوروبيين لزيادة الإنفاق الدفاعي إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي.

ووفقا للمؤسسة فإنه بعد ذلك تحدث وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو بشكل موسع عن عودة عالم متعدد الأقطاب وكيف سيشكل ذلك سياسة الأمن المستقبلية للولايات المتحدة تجاه أوروبا. وقال في ظهور له في 30 يناير على برنامج "ذا ميجين كيلي شو":"أعتقد أنه على المدى الطويل، سيكون هناك حديث حول ما إذا كان ينبغي على الولايات المتحدة أن تكون في مقدمة تأمين القارة أو أن تكون بمثابة خط دفاع لتأمين القارة".

كما أشار مستشار الأمن القومي لترامب مايك والتز إلى أن الولايات المتحدة تتوقع من أوروبا أن تتحمل مزيدًا من المسؤولية في منع المزيد من الهجمات الروسية ضد أوكرانيا وتأمين سلام قابل للبقاء.

وقال في مقابلة على قناة إن بي سي: "المبدأ الأساسي هنا هو أنه يجب على الأوروبيين تولي هذا الصراع في المستقبل". وأضاف "الرئيس ترامب سينهيه. وبالنسبة للضمانات الأمنية، فإن ذلك سيكون مع الأوروبيين بشكل مباشر".

وجاءت أشد الرسائل حتى الآن من وزير الدفاع الأمريكي بيت هيجسيث الذي قال في اجتماع عقد في 12 فبراير بين حلفاء أوكرانيا الغربيين في بروكسل:"يجب أن يكون تأمين الأمن الأوروبي أمرا ملحا للدول الأعضاء في الناتو في أوروبا".

وأضاف:"يجب على أوروبا أن توفر الحصة الأكبر من المساعدات القاتلة وغير القاتلة إلى أوكرانيا في المستقبل".

وقال المجلس الأطلسي إن إدارة الولايات المتحدة الجديدة ليست الأولى التي تشير إلى تغيير استراتيجي بعيدا عن أوروبا.. في الواقع، بدأت هذه العملية منذ نهاية الحرب الباردة، وظلت هدفا طويل المدى لصناع السياسة في واشنطن على الرغم من الغزو الكامل لروسيا لأوكرانيا في فبراير 2022. وبينما كانت رسائل ترامب حول مسألة الأمن الأوروبي مباشرة بطبيعتها، إلا أن مواقفه تتماشى فعلا مع الاتجاهات المستمرة في السياسة الخارجية للولايات المتحدة.

ومع تشكل العلاقة الأمنية الجديدة عبر الأطلسي فمن من المتوقع أن تلتزم الدول الأوروبية بشكل أكبر بتمويل أمن القارة. وسيتضمن ذلك توفير الجزء الأكبر من الدعم العسكري لأوكرانيا. وعلى الرغم من أن صناعة الدفاع الأوروبية ليست جاهزة بعد لمواجهة هذا التحدي، فقد تحقق بعض التقدم المحدود في إنتاج الأسلحة والمعدات الحاسمة خلال السنوات الثلاث التي تلت بداية الغزو الروسي الشامل. من أبرز العجز الموجود في الإنتاج معدات أساسية مثل أنظمة الدفاع الجوي، والذخائر الموجهة بدقة، وأنظمة الصواريخ المتعددة، ومركبات المشاة المدرعة.

وقد يكون أحد الحلول العملية للتغلب على هذه الفجوات هو قيام الدول الأوروبية بشراء المزيد من الأسلحة والذخائر والمعدات من الولايات المتحدة مباشرة من أجل دعم الجهود الحربية الأوكرانية. لكن هذا من شأنه أن يثير نقاشا مكثفا عبر القارة، حيث من المحتمل أن يواجه أولئك الذين يدافعون عن مصالح أوروبا الاقتصادية والأمنية على المدى الطويل معارضة من أولئك الذين يعطون الأولوية للاحتياجات الأكثر إلحاحا لدعم أوكرانيا.

وبحسب المجلس الأطلسي فإنه من المؤكد أن شراء كميات أكبر من الأسلحة الأمريكية سيسهم في تعزيز الروابط الأمنية عبر الأطلسي. وسيشكل ذلك حافزا قويا للولايات المتحدة للحفاظ على مستوى عالٍ من المشاركة مع شركائها الأوروبيين في قطاع الدفاع. في الواقع، بدأت الدول الأوروبية بالفعل في شراء المزيد من الأسلحة من قطاع الدفاع الأمريكي. 

وكان الإنفاق الأوروبي المتزايد أحد العوامل الرئيسية التي دفعت مبيعات الأسلحة الأمريكية إلى مستوى قياسي بلغ 318.7 مليار دولار في 2024، حيث سعت الدول إلى تجديد المخزونات التي أُرسلت إلى أوكرانيا والاستعداد لإمكانية حدوث مزيد من الاضطرابات الدولية.

ويشير الخطاب المتغير القادم من العواصم الأوروبية في الأشهر الأخيرة إلى أن قادة أوروبا يدركون جيدا الحقائق الأمنية الجديدة وضرورة تخصيص المزيد من الموارد لمهمة تسليح أنفسهم.

ومع ذلك، فإن الحديث المتزايد عن الحاجة إلى زيادة الاستقلالية في قطاع الدفاع الأوروبي لم يتَماشى بعد مع زيادة الإنفاق العسكري أو الإنتاج في صناعة الأسلحة. 

ويشير تقرير جديد للمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية إلى أن الإنفاق العسكري الروسي في الوقت الحالي أعلى من جميع الدول الأوروبية مجتمعة عندما يتم حسابه بمقياس القدرة الشرائية.

ومع تطور العلاقة الأمنية عبر الأطلسي في الأشهر المقبلة، ستواجه أوروبا ضغطًا متزايدا لحماية الأمن الهش للقارة بطريقة أكثر حسما. فالاتحاد الأوروبي بالفعل بصدد إعداد خطط لتشجيع زيادة الإنفاق الدفاعي بين الدول الأعضاء في حين يتكيف المسؤولون في بروكسل مع الحقائق الجيوسياسية المتغيرة. ومع ذلك، فإن الاختبار الحقيقي لعزم أوروبا على الدفاع عن نفسها سيكون في أوكرانيا.

وبحسب المجلس الأطلسي فإن المسؤولين الأمريكيين يشيرون بشكل غير غامض إلى أن غزو روسيا هو في الأساس قضية أمنية أوروبية،وستكشف استجابة أوروبا لهذا الأمر الكثير عن الدور المستقبلي للقارة في عالم متعدد الأقطاب بشكل متزايد.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة