لم تكن التحذيرات الإيرانية الأخيرة الصادرة عن قائد الحرس الثوري الإيراني لإسرائيل من قبيل النغمة المعتادة بينهما، بل جاءت نتيجة استشعار خطر حقيقي يحدق بمنشآت البلاد النووية، في ظل تقارير استخبارتية تتحدث عن سعي عبري لاستهدافها، في خطوة قد يلزمها فيها دعم أمريكي، حتى تنفذ على الوجه الأكمل.
ضربة إسرائيلية ضد طهران
تزايد الحديث خلال الأيام الأخيرة في الإعلام الأمريكي عن عزم إسرائيل توجيه ضربة جوية ضد منشآت طهران النووية، وذلك استنادًا على تقارير استخبارتية.
ومن جانبها، أفادت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، بأن هناك تحذيرات استخباراتية وردت في تقارير مختلفة تغطي نهاية إدارة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن، وبداية إدارة دونالد ترامب، موضحة أن أكثرها شمولًا تقرير صدر في أوائل يناير الماضي لمديرية الاستخبارات التابعة لهيئة الأركان المشتركة ووكالة استخبارات الدفاع.
ويرجح التقرير أن تحاول إسرائيل توجيه ضربة إلى منشآت "فوردو" و"نطنز" النووية الإيرانية في الأشهر الستة الأولى من عام 2025.
في غضون ذلك، قالت الصحيفة، إن النتيجة مستمدة من تحليل تخطيط إسرائيل عقب قصفها لإيران في نهاية أكتوبر الماضي، مما أسفر عن تدهور دفاعات طهران الجوية وجعلها عُرضة لهجوم لاحق، وذلك بحسب ما نقلته عن مسؤولين أمريكيين حاليين وسابقين مطلعين على المعلومات الاستخباراتية.
وبحسب ما أوردته "واشنطن بوست"، فإن هناك سيناريوهين محتملين لهذه الضربة، يتضمن كل منهما تقديم "واشنطن" الدعم لـ"تل أبيب" في شكل إعادة التزود بالوقود جوًا، إلى جانب الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع.
وأشارت إلى أن الهجود قد يتم عن بُعد، وهذا سيجعل المقاتلات الإسرائيلية تطلق صواريخ باليستية من خارج المجال الجوي الإيراني.
لكن هناك هجود بديل، وهو الأكثر خطورة، حيث سيتم فيه دخول المقاتلات الإسرائيلية إلى المجال الجوي الإيراني، والتحليق بالقرب من المواقع النووية وإسقاط قنابل خارقة للتحصينات، وفقًا للمصدر ذاته.
وقدّر مسؤولون أمريكيون، كما أوردت "واشنطن بوست"، أن من شأن الهجوم الإسرائيلي، أن يدفع طهران إلى مواصلة تخصيب اليورانيوم المستخدم في صُنع الأسلحة النووية، وهو بمثابة خط أحمر طويل الأمد بالنسبة لـ"تل أبيب" و"واشنطن".
يتوافق ذلك مع ما أوردته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، حيث قالت إن الاستخبارات الأمريكية أعدت تقريرًا يشير إلى أن إسرائيل تتجهز لشن هجمات على إيران، وذلك استنادًا إلى مصادر مطلعة على معلومات استخباراتية.
ويكشف التقرير أن خطر الهجوم الإسرائيلي على إيران ارتفع في غضون الأيام الأخيرة من حكم الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن، الذي انتهى في الـ20 يناير الماضي، بحسب "وول ستريت جورنال".
وفي ذات الإطار، تقول الصحيفة الأمريكية، إن الاستخبارات الأمريكية رصدت في تقرير آخر استعداد إسرائيل لاستهداف المنشآت النووية الإيرانية خلال الأيام الأولى من تولي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منصبه.
ويفيد التقرير، بحسب الصحيفة، بأن إسرائيل تخطط لشن "هجمات كبيرة" على المنشآت النووية الإيرانية بهدف إضعاف إيران.
وفي ذات السياق، قالت مصادر مطلعة على التقرير الاستخباراتي، إن الرئيس الحالي دونالد ترامب أكثر احتمالًا لدعم الهجمات مقارنة بسلفه، مما قد يدفع إسرائيل للضغط على إدارته للحصول على الدعم، مشددين على أن إسرائيل ستحتاج إلى الدعم العسكري الأمريكي والإمدادات اللوجستية في حال تنفيذ الهجمات، كما قالت الصحيفة.
اتصالًا بذلك، قالت شبكة "CCN" الأمريكية، إن وكالات استخبارات حذرت إدارتي بايدن وترامب من سعي إسرائيل لاستهداف منشآت نووية إيرانية خلال العام الجاري.
في سياق متصل، زعم تقرير استخباراتي أن إسرائيل تسعى لتحقيق هدف أوسع، يتمثل في إحداث تغيير في النظام الإيراني، وفقًا لـ"CCN".
مقترح على الطاولة
وإسرائيل عن استهدف منشآت طهران النووية لا يتم في الخفاء فقط، بل في العلن كذلك، فلطالما صرح المسؤولون الإسرائيليون بذلك.
وخلال زيارته لـ"واشنطن" مطلع الشهر الجاري، سعى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، للحصول على "ضوء أخضر" من الرئيس دونالد ترامب لاستهداف منشآت "طهران" النووية، وفق إعلام عبري.
وفي المقابل، تحذر "طهران" من أن أي هجوم إسرائيلي قد يتم على منشآتها النووية لن يمر مرور الكرام، حيث أكد قائد الحرس الثوري الإيراني حسين سلامي، منذ أيام، أن بلاده تأخذ التهديدات الإسرائيلية في هذا الإطار بجدية وسترد على أي اعتداء على مصالحها.