على مدار السنوات الأخيرة، شهدت مصر سلسلة من الجرائم البشعة التي نفذها قتلة متسلسلون، كل منهم بأسلوبه الخاص، لكن القاسم المشترك بينهم كان التخفي لسنوات وإيقاع أكبر عدد من الضحايا قبل السقوط في قبضة العدالة.
من قذافي فراج، المعروف بـ"سفاح الجيزة"، الذي مارس القتل بدم بارد لأهداف مادية، إلى "سفاح الغربية"، الذي أرعب مدينته بجرائمه العنيفة، وصولًا إلى "سفاح التجمع"، الذي استدرج ضحاياه بوهم الحب والعمل، وأخيرًا "سفاح المعمورة"، الذي دفن ضحاياه داخل جدران شقته، ليبقى السؤال: هل نحن أمام ظاهرة إجرامية جديدة؟
"سفاح الجيزة".. قاتل في ثوب رجل أعمال في واحدة من أغرب قضايا القتل المتسلسل في مصر، عاش قذافي فراج حياة مزدوجة لأكثر من خمس سنوات، متنقلًا بين شخصيات وأسماء وهمية، مرتكبًا أربع جرائم قتل دون أن يثير الشبهات.
بدأ جرائمه بقتل صديقه المقرب المهندس رضا داخل مكتبه في بولاق الدكرور، ثم واصل مسلسله الدموي بقتل زوجته "فاطمة"، شقيقة صديقه، ودفنها في شقته، قبل أن يقتل اثنين آخرين بنفس الأسلوب.
لم تكن دوافع قذافي انتقامية أو مرضية فقط، بل امتزج القتل لديه بالنصب والاحتيال، حيث استولى على أموال ضحاياه وعاش بشخصيات مزيفة، حتى تم القبض عليه بالصدفة في الإسكندرية أثناء التحقيق في قضية سرقة.
المفاجأة كانت عندما قادت التحريات إلى اكتشاف مقبرة جماعية داخل عقاراته، حيث عُثر على جثث ضحاياه مدفونة داخل الشقق التي كان يمتلكها. تم الحكم عليه بالإعدام، ليغلق ملف واحد من أخطر السفاحين في تاريخ مصر الحديث.

"سفاح الغربية".. قاتل عشوائي يرهب مدينته على عكس "سفاح الجيزة"، الذي قتل بحسابات دقيقة، جاء "سفاح الغربية" ليزرع الرعب بطريقة عشوائية، حيث أقدم على تنفيذ سلسلة جرائم قتل واعتداءات بالسلاح الأبيض، مستهدفًا المارة والمواطنين بشكل عشوائي.
أثار السفاح الذعر في شوارع طنطا والمحلة الكبرى، حيث هاجم عدة أشخاص دون سابق إنذار، ما دفع الأجهزة الأمنية إلى تعقبه سريعًا.
أُلقي القبض عليه بعد مواجهات دامية، وتم تقديمه للمحاكمة، حيث كشف التحقيق أنه يعاني من اضطرابات نفسية، إلا أن ذلك لم يشفع له، وتمت إدانته بجرائم القتل العمد والشروع في القتل، ليواجه حكمًا بالسجن المشدد.
"سفاح التجمع".. القاتل الذي وثّق جرائمه بالفيديو كان كريم سليم، المعروف بـ"سفاح التجمع"، مختلفًا عن غيره من السفاحين، حيث لم يكتفِ بالقتل، بل استمتع بتوثيق جرائمه.
استدرج ضحاياه عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وأوقع بهن بوعود العمل أو الحب، ليجدن أنفسهن داخل شقته في القاهرة الجديدة، حيث كان يجبرهن على تعاطي المخدرات، ثم يعتدي عليهن ويقتل بعضهن، بينما كان يوثق كل شيء عبر كاميراته.
تم الكشف عن جرائمه بالصدفة بعد بلاغ تقدمت به إحدى الناجيات، لتبدأ الشرطة في مداهمة شقته، وتعثر على مقاطع فيديو مرعبة توثق اعتداءاته على الضحايا.
اعترف المتهم بقتل ثلاث سيدات وإلقاء جثثهن في أماكن متفرقة، لتتم إحالته إلى المحاكمة العاجلة.
صدر الحكم بإعدامه في سبتمبر 2024، وأيدت محكمة الاستئناف الحكم في ديسمبر، ليكون في انتظار التصديق النهائي من محكمة النقض.
"سفاح المعمورة".. مقبرة داخل الشقة لم تنتهِ سلسلة القتلة المتسلسلين عند "سفاح التجمع"، حيث ظهرت قضية جديدة في الإسكندرية، بطلها "سفاح المعمورة"، الذي استغل مهنته كمحامٍ لاصطياد ضحاياه. بدأ المتهم بقتل زوجته (التي تزوجها عرفيًا)، ثم قتل موكلته تركية عبدالعزيز بعد خلاف مالي، ودفنهما داخل شقته.
لكن المفاجأة الكبرى كانت عندما تم اكتشاف جثة ثالثة لرجل كان مختفيًا منذ 2022، مدفونة في نفس المكان. اعترف المتهم بجرائمه، لكنه أنكر ارتكابه الجريمة الثالثة، مما دفع جهات التحقيق إلى توسيع البحث لاحتمال وجود ضحايا آخرين.
التحقيقات كشفت أنه كان يستخدم مواد خاصة لإخفاء الروائح، مما ساعده في تنفيذ جرائمه دون إثارة الشكوك.
لا تزال القضية قيد التحقيق، وسط تساؤلات عن عدد الضحايا الحقيقي لهذا السفاح الذي مارس القتل بهدوء مخيف.