دافع وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت عن مساعي الرئيس دونالد ترامب لإبرام اتفاق مع أوكرانيا لتطوير مواردها الطبيعية ومعادنها الحيوية، قائلاً إن الخطة من شأنها أن تغذي نمو البلاد بعد انتهاء الحرب مع روسيا وأكد بأنها لا تنطوي على أي ضغوط اقتصادية قسرية.
وأوضح بيسنت - في مقال رأي كتبه لصحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية ونُشر اليوم الأحد - بعض تفاصيل الاقتراح الأمريكي، وقال إن عائدات أوكرانيا من "الموارد الطبيعية والبنية التحتية والأصول الأخرى ستُخصص لصندوق يركز على إعادة الإعمار والتنمية طويلة الأجل لأوكرانيا حيث ستتمتع الولايات المتحدة بحقوق اقتصادية وحوكمة في تلك الاستثمارات المستقبلية".
تأتي تعليقات بيسنت في الوقت الذي يحاول فيه مسئولو إدارة ترامب إبرام ما يزعمون أنه شراكة اقتصادية مع كييف كجزء من دفعهم الدبلوماسي الأوسع للتوسط في اتفاق سلام بين روسيا وأوكرانيا.
لكن حتى الآن، رفض المسئولون الأوكرانيون المطالب الأمريكية بمثل هذه الاتفاقية، لكن نظرائهم الأمريكيين يفرضون ضغوطًا شديدة على كييف في مساعيهم للتوصل إلى اتفاق، حسب قول الصحيفة.
ويعتقد المسئولون في كييف أن هجوم ترامب على الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي هذا الأسبوع، ووصفه بأنه ديكتاتور وإيحاء بأن أوكرانيا، وليس روسيا، هي التي بدأت الحرب تندرج جميعها تحت مساعي إجبار كييف على إبرام صفقة معدنية.
ومع ذلك، لم يذكر بيسنت مقدار العائدات من استخراج المعادن التي ستخصص للصندوق أو المبلغ الذي سيتم دفعه للولايات المتحدة، مع الإشارة إلى أن ترامب قدم صفقة المعادن كوسيلة لضمان سداد أوكرانيا حق المساعدات العسكرية الأمريكية السابقة، حسب قوله.
وتدعو أحدث مسودة اتفاق - بحسب "فاينانشال التايمز" - إلى إنشاء صندوق استثمار لإعادة الإعمار حيث "تحتفظ الولايات المتحدة بمصلحة مالية فيه بنسبة 100%"، في حين ستساهم أوكرانيا بنسبة 50% من عائدات الصندوق من خلال الموارد المعدنية حتى تصل مساهمتها إلى 500 مليار دولار. وهذا الرقم، الذي وصفه المسئولون الأوكرانيون بأنه غير مقبول، قيد التفاوض.
وقال رئيس البرلمان الأوكراني رسلان ستيفانشوك - أمس - إن كييف يمكن أن تبدأ في الانتهاء من الصفقة اعتبارًا من غد /الإثنين/، بينما أكد مسئول أوكراني آخر أنه لن يتم التوقيع عليه إلا بعد منح كييف ضمانات أمنية.
وفي مقاله، قال بيسنت إن الاتفاقية ستشمل "معايير عالية من الشفافية والمساءلة وحوكمة الشركات والأطر القانونية اللازمة لجذب الاستثمار الخاص القوي للنمو بعد الحرب في أوكرانيا" وأن مشاركة أمريكا "لن تترك مجالًا للفساد والصفقات الداخلية".
وكان وزير الخزانة الأمريكي قد سافر إلى أوكرانيا في وقت سابق من هذا الشهر في أول رحلة دولية له لعرض الصفقة على الرئيس فولوديمير زيلينسكي، وفي حين قال مسئولون أمريكيون بمن فيهم مايك والتز، مستشار الأمن القومي لترامب، إنهم يعتقدون أن الصفقة قريبة، فإن المسئولين الأوكرانيين بدوا أكثر حذرًا.
وقال أحد المشاركين في المفاوضات - في تصريح للصحيفة - "إن المسودة المطروحة على الطاولة الآن تحتاج إلى مزيد من العمل. نرى أن هناك العديد من الالتزامات التي تقع على عاتق أوكرانيا وأشياء ضعيفة للغاية معروضة من الجانب الأمريكي، لذا فإن المسودة، كما هو الحال اليوم، ليست جاهزة للقبول على مستوى الرئيس في كييف".
من جانبه، قال زيلينسكي إن اقتراح بيسنت الأصلي لم يكن في مصلحة أوكرانيا، حيث طالب بالحصول على نسبة 50% من حقوق البلاد في المعادن النادرة والمعادن الحيوية مقابل المساعدة العسكرية السابقة، ولم يتضمن أي عروض للمساعدة في المستقبل.
وقال كبار المسئولين الأوكرانيين إنهم أمضوا الأسبوع الماضي في وضع اقتراح مضاد، ناقشوه مع المبعوث الأمريكي الخاص لأوكرانيا، كيث كيلوج، في كييف يومي الخميس والجمعة الماضيين؛ إذ يريد زيلينسكي من إدارة ترامب تقديم ضمانات أمنية في اقتراح جديد قبل أن يوافقوا على التوقيع عليه.
وفي مقاله الافتتاحي، قال بيسنت إن شروط الاتفاق "ستضمن عدم تمكن البلدان التي لم تساهم في الدفاع عن سيادة أوكرانيا من الاستفادة من إعادة إعمارها أو من هذه الاستثمارات".
وأشار بيسنت إلى أن الولايات المتحدة لا تحاول الاستيلاء على السيطرة على الموارد الطبيعية لأوكرانيا قسرًا، وقال:" دعونا نكون واضحين أيضًا بشأن ما لا يعنيه هذا. إن الولايات المتحدة لن تستحوذ على الأصول المادية في أوكرانيا. ولن تثقل كاهل أوكرانيا بمزيد من الديون. هذا النوع من الضغط الاقتصادي، في حين يتم نشره من قبل جهات فاعلة عالمية أخرى، لن يعزز المصالح الأمريكية أو الأوكرانية".