أكدت صحيفة "الجارديان" البريطانية أن مهمة زعيم الحزب المسيحي الديمقراطي الألماني فريدريش ميرتس ستكون بالغة الصعوبة، وحثت الحكومة الألمانية القادمة على محاولة استعادة الثقة في تقليد ألمانيا في مرحلة ما بعد الحرب المتمثل في بناء التوافق في الآراء والوسطية.
ورجحت الصحيفة، في افتتاحيتها اليوم، أن يكون ميرتس الفائز في الانتخابات الألمانية الأخيرة أكثر نشاطا على الساحة الأوروبية، موضحة أنه سوف يحتاج أيضا إلى تشكيل تحالفات واسعة النطاق في الداخل لمواجهة اليمين المتطرف.
وقالت الصحيفة إن ميرتس يشتهر بالصراحة الشديدة، فقد قال في مناظرة تلفزيونية بعد الانتخابات: "بالنسبة لي، ستكون الأولوية المطلقة هي تعزيز أوروبا في أسرع وقت ممكن حتى نتمكن خطوة بخطوة من تحقيق الاستقلال عن الولايات المتحدة حقا".
ولفتت الصحيفة إلى أنه قبل أسبوعين فقط، لم يكن من الممكن تصور مثل هذا التصريح من مستشار ألماني منتخب، ولكن هذه أوقات جديدة واستثنائية.
وبحسب الصحيفة، قلل ميرتس، الذي يؤيد بشدة التعاون عبر الأطلسي، في السابق من أهمية المخاطر التي يشكلها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على الوحدة الغربية. ولكن الحملات الانتخابية لصالح "حزب البديل من أجل ألمانيا" اليميني المتطرف من جانب أنصارترامب، وتهميش أوروبا وكييف من المفاوضات بشأن مستقبل أوكرانيا، كانت سببا في فرض تحول جذري.
وأوضحت الصحيفة أنه بالنسبة للاتحاد الأوروبي، وفي إطار سعيه إلى تعزيز استقلاليته الاستراتيجية في عصر جديد مليء بالتحديات، فإن هذا يشكل خبرا طيبا. أما بالنسبة لأوكرانيا، التي تحتاج بشدة إلى دعم قوي من أوروبا الموحدة، فإن الدعم الثابت من ميرتس يقدم أيضا سببا للأمل. وسوف تشكل القيادة الحازمة الجديدة من جانب أقوى دولة عضو في الاتحاد الأوروبي عنصرا أساسيا في سياق عالمي أكثر تهديدا بشكل ملموس.
وأضافت الجارديان أنه على الصعيد المحلي في ألمانيا، أصبحت أسباب التفاؤل أقل على الأرض، فقد كشفت استطلاعات للرأي عن دولة مستقطبة بشكل خطير ــ حيث أصبح الوسط ضعيفا تاريخيا بينما يستمر اليمين المتطرف في الصعود، وخاصة في الشرق.
ووفقا للصحيفة، تعهد ميرتس بالحفاظ على جدار الحماية الذي يستبعد أقصى اليمين من السلطة، ويشير تشكيل البوندستاج الجديد إلى ائتلاف من حزبين مع الحزب الاشتراكي الديمقراطي. وقد يؤدي هذا إلى تخفيف مرحب به لجهود حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي لتقليد مواقف حزب البديل من أجل ألمانيا بشأن سياسة الهجرة. وبدلا من بدء محاولات فاشلة طويلة الأمد لمزاحمة اليمين المتطرف، سيكون من مصلحة ألمانيا أن يتحرك ميرتس في الاتجاه الآخر بشأن الاقتصاد.
ولفتت الصحيفة إلى أنه عند اختيار ميرتس مستشارا لألمانيا، سيرث اقتصادا محتضرا في احتياج ماس إلى استثمارات حكومية ضخمة، في تتزايد فيه بشدة الضغوط لزيادة الإنفاق الدفاعي.
وأكدت الصحيفة البريطانية أنه يتعين على الحكومة المقبلة أن تحاول استعادة الثقة في تقليد ألمانيا في مرحلة ما بعد الحرب الخاص ببناء توافق في الآراء وحالة من الوسطية، وهي مهمة جسيمة أمام ميرتس.