يحظى شهر رمضان المبارك بطابع خاص لدى المصريين، حيث تتنوع فيه الطقوس الدينية والتراثية التي تضفي أجواء من البهجة والسرور مع حلول هذا الشهر الفضيل.
وتكتمل هذه الأجواء الرمضانية بسماع الأغاني التراثية التي ارتبطت بذاكرة الناس، ولعل أبرزها أغنية "رمضان جانا" التي أبدع في أدائها الفنان الراحل محمد عبد المطلب.
وهذه الأغنية لم تكن مخصصة له في البداية، بل كان من المفترض أن يغنيها الفنان أحمد عبد القادر، لكن نظراً لغنائه في نفس الفترة أغنية "وحوي يا وحوي"، رفضت الإذاعة المصرية ذلك بسبب لوائحها التي تمنع أن يؤدي نفس المطرب أغنيتين مرتبطتين بالمناسبة ذاتها.
هكذا انتقلت الأغنية إلى عبد المطلب الذي حصل على أجر بسيط قدره ستة جنيهات مقابل أدائها.
وتُعد أغنية "رمضان جانا"، التي كتبها الشاعر حسين طنطاوي وأبدع في تلحينها الموسيقار محمود الشريف، واحدة من أشهر الأغاني الرمضانية وأكثرها رسوخاً في ذاكرة الشعوب العربية.
ولا تزال هذه الأغنية، ومنذ أول بث لها عام 1943، تُعتبر بمثابة النشيد الذي يعلن عن قدوم الشهر الكريم، إذ تبعث مشاعر الفرح والاحتفاء في نفوس الجميع.
ورغم النجاح الكبير الذي حصدته على مدار العقود، فإن لظهورها قصة طريفة خلف كواليسها ربما لا يعرفها الكثيرون.
جاء أداء محمد عبد المطلب لهذه الأغنية بمحض الصدفة، فبعد أن رُفضت من الإذاعة بصوت أحمد عبد القادر بسبب ارتباطه بأغنية أخرى، تم إسنادها إلى عبد المطلب الذي أضاف بصوته روحاً استثنائية خلّدت العمل وأصبح اسمه مقترناً بشهر رمضان.
ووفقاً لما رواه الإذاعي الراحل وجدي الحكيم، فإن عبد المطلب أبدى سعادته بتحقيق هذا العمل للنجاح الكبير مقابل مبلغ بسيط بالنسبة لوقتها.
وعلق الحكيم على لسان عبد المطلب قائلاً إنه كان يعتبر أغنية "رمضان جانا" أهم من إعلان المفتي لثبوت رؤية الهلال، مشيراً بتندّر إلى أنه لو تقاضى جنيهاً واحداً عن كل مرة أذيعت فيها الأغنية لكان قد أصبح من أثرياء عصره.