تعتبر الأضرحة منشآت معمارية تُبنى فوق قبور الأشخاص تخليدًا لذكراهم، وهي تختلف عن المقامات التي لا يشترط أن تكون مكانًا للدفن أو القبر، فقد يكون المقام هو مكان إقامة الشخص في يوم من الأيام أو مكانًا كان يمارس فيه طقوسه الدينية أو حتى مكانًا مر به في مرحلة ما من حياته، وأصبح لاحقًا مقصدًا للناس ليبنوا عليه مكانًا للعبادة أو للزيارة، ومن أشهر الأضرحة والمقامات:
ضريح الأغا خان الثالث
يُعد ضريح الأغا خان الثالث، المعروف بالسلطان محمد شاه، مدفنًا له، كان الأغا خان الثالث الإمام الثامن والأربعين للطائفة النزارية الإسماعيلية وتوفي في عام 1957. كان من المؤسسين الأوائل لرابطة مسلمي عموم الهند، وكان هدفه تعزيز حقوق المسلمين في الهند ومناصرة قضاياهم.
يقع الضريح على ضفاف نهر النيل في مدينة أسوان المصرية. يتميز تصميمه بمستوحاة من المقابر الفاطمية المصرية، وقد بُني من الحجر الجيري الوردي، بينما القبر نفسه شُيد من رخام كرارا الأبيض، صُمم الضريح على يد المهندس المعماري المصري الدكتور فريد شافعي، الذي اشتهر بتصاميمه المعمارية على الطراز الإسلامي، ومن أبرز أعماله "جامع مجلس الشعب" في القاهرة.
يرجع سبب بناء الأغا خان لهذا الضريح إلى عام 1954، عندما كان يعاني من مرض الروماتيزم وآلام في العظام، ولم تتمكن ثروته من علاج مرضه. فنصحه أحد أصدقائه بزيارة أسوان للاستشفاء، وقد كان في ذلك الوقت عاجزًا عن المشي تمامًا، فتم استقدام أحد شيوخ النوبة المتخصصين في الطب الشعبي، الذي نصحه بدفن نصف جسده في رمال أسوان لمدة ثلاث ساعات يوميًا لمدة أسبوع. وبعد اتباع هذه النصيحة، استطاع الأغا خان أن يستعيد قدرته على المشي، وسط دهشة الأطباء الأجانب، ثم قام بشراء المنطقة التي شُفي فيها، بعد أن قدم طلبًا إلى محافظ أسوان الذي وافق عليه، ليقوم بإنشاء الضريح كرمز للمنطقة التي ساهمت في شفائه.
لم يُدفن الأغا خان في الضريح فور وفاته في 11 يوليو 1957، بل بعد عامين من وفاته. وكانت زوجته الرابعة والأخيرة "البيجوم أم حبيبة" تضع كل صباح وردة حمراء على قبره، وهو التقليد الذي بدأته خلال وجودها في أسوان. وكانت توصي البستاني بوضع الوردة يوميًا في حال غيابها.
وكانت زوجته البيجوم أم حبيبة هي ملكة جمال فرنسا لعام 1930م، وكان اسمها الأصلي "إيفون بلانش لابروس" قبل أن تعلن إسلامها، وقد عاشت فترة طويلة بعد وفاة زوجها، ثم توفيت في 1 يوليو 2000 في فرنسا، حيث نُقل جثمانها ودفن بجانب زوجها في ضريحه.