الإثنين 3 مارس 2025

مقال رئيس التحرير

"مصر".. أهل القرآن وخاصته

  • 2-3-2025 | 14:04
طباعة

"إذاعة القرآن الكريم من القاهرة" ما إن تسمع هذه العبارة حتى يطمئن القلب وينشرح الصدر، وتحلق الروح في السماء العالية، تصل بنا الأصوات الندية إلى سدرة المنتهى عندها جنة المأوى، تسعد أيامنا، وتبتهج حياتنا ببركة القرآن الكريم.

منذ مئات السنين احتضنت المحروسة كتاب الله، نزل بمكة والمدينة، وحفظ وقرئ في مصر، ويبقى محفوظا في قلوب المصريين حتى قيام الساعة، نحب القرآن وأهله، نوقر حتى الطفل الصغير الذي يحفظ بضع آيات من كتاب الله، نلقبه بالشيخ، نتابع حفظه ٱية بٱية، يقيم أهله ليلة لله إذا أتم حفظ جزء من القرآن، ويقيمون الأفراح إذا من الله عليه بحفظ كتاب الله كاملا، يعدونه عظيما من العظماء من أتم الحفظ، تفسح له المجالس ويجلس بين الكبار حتى ولو كان صبيا في مقتبل العمر.

مصر محفوظة بحفظ كتاب الله، مذكورة في القرآن، آيات يتعبد بها "ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين" بلد الأمان على يوم الدين، " وطور سنين" الأرض المباركة التي تجلى الله عليها وكلم موسى تكليما.

"استوصوا بأهل مصر خيرا" وصية الرسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه، ما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، والوصية واجبة، والمصريون محبون هائمون لرسول الله وآل بيته الكرام وأصحابه رضوان الله عليهم أجمعين، مستمسكون بسنته صلى الله عليه وسلم يسيرون على هديه، يكرمون آل بيته، ويحفظون القرآن الذى أنزل عليه، يقرأونه بأفئدتهم وليس بألسنتهم، القرآن في صدور المصريين، علموا العالم كله فن التلاوة والتجويد.

المدرسة المصرية في قراءة القرآن الكريم، مدرسة عريقة تضرب بجذورها في أرض الإسلام من المشرق إلى المغرب، ليس كمثلها شيء، يقرأ من يقرأ ويحفظ من يحفظ، ويبقى للقراء المصريين والحفظة الكرام للقرآن الكريم من أهل مصر مذاق خاص، نبع صاف رقراق، من حفص عن عاصم، وشعبة عن عاصم، وقالون عن نافع، وورش عن نافع، والدورى عن أبى عمرو، والسوسى عن أبى عمرو، تنطلق حناجر الكبار الذهبية بقراءات القرآن الكريم كاملة مرتلة ومجودة.

من الشيخ علي محمود والكبير محمد رفعت، والعملاق مصطفى إسماعيل، والباكى محمد صديق المنشاوي، والمدقق محمود خليل الحصري، وصوت مكة عبد الباسط عبد الصمد، والصوت الحنون محمود علي البنا، وغيرهم كثر من العمالقة على امتداد السنين ومر الأيام، تبقى أصواتهم خالدة ما دامت الدنيا، ملوك على عرش التلاوة وإن رحلوا بأجسادهم، تبقى حناجرهم الذهبية تصعد بالقرآن الكريم إلى عنان السماء.

حفظت مصر القرآن الكريم منذ أنشئت الإذاعة المصرية وانطلق منها أصوات العظماء وعلى رأسهم الشيخ محمد رفعت، ثم جاءت إذاعة القرآن الكريم لتكتب فصلا جديدا من فصول حفظ كتاب الله مرتلا ومجودا، سبقت مصر جميع دول العالم الإسلامي في حفظ الفرقان مسموعا، وتبقى إذاعة القرآن الكريم من القاهرة، لها وقع السحر على جميع المسلمين في كل مشارق الأرض ومغاربها.

واكتمل حفظ مصر لكتاب الله بانطلاق القناة المصرية العظيمة " مصر قرآن كريم" التي أطلقتها الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية في أوائل عام 2020 ، لتقدم تلاوة مرئية للقرآن الكريم بأصوات عمالقة القراء المصريين، حفاظا على الهوية المصرية والمدرسة المتفردة التي علمت العالم كله قراءة القرآن الكريم مرتلا ومجودا.

وتبقى مصر إلى يوم الدين بلد الوسطية والتسامح، هنا أمة وسط، كما قال القرآن الكريم، لا تغالي في دين الله، ولا تشتري بآياته ثمنا قليلا، ولكنها تحفظ كتاب الله، وتنافح عن الإسلام وعن الشريعة السمحاء حتى يقوم الناس لرب العالمين، وكل عام وأنتم بخير.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة