الحياة رحلة مليئة بالتحديات والتجارب والاختبارات التى تصقلنا بالمعرفة وتساهم فى تشكيل الخبرات.
فبداية حياتى ونشأتى كانت مليئة بالتحديات والفرص التعليمية التي أسهمت بشكل كبير في تشكيل مسيرتى الأكاديمية والعملية.
إن تأثير النشأة على الإنسان يتجسد في تجربته الخاصة، حيث نشأتى في بيئة ريفية بقرية بنى عامر بمحافظة الشرقية ساعدتنى على حفظ القرآن الكريم في المعهد الديني الأزهرى، وهو ما أسهم في تعزيز علاقتى بالدين والعلوم الشرعية.
إذا كنت أتحدث عن نشأتي وتكويني لابد أن أتطرق فى الحديث هنا إلى الجذور والتكوين العائلى، الذى كنت من خلاله محاطا أثناء طفولتى وشبابي بأساتذة كبار ملئت بهم الساحة الهاشمية فى مسقط رأسي.
لقد تأثرت أثناء نشأتى بالساحة الهاشمية فى قرية بنى عامر مهد الطفولة ومطلع الشباب، فسر التكوين هو تأثرى بفضيلة الشيخ محمود أبو هاشم شيخ الطريقة الهاشمية ووالدى بالطبع الشيخ عمر هاشم الذى ساعدنى من خلال وعيه الأصيل وبنائه الفكرى الدقيق والمنظم، ذلك الوعى أزال العوائق من أمامى وساعدنى على التجديد والتطوير والاستمرار فى نهج استكمال مشوارى والذى أوصانى دائما خلال رحلة حياتى وطريقي بحفظ القرآن الكريم والحرص على طلب العلم والحديث النبوى الشريف والمداومة على الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم باستمرار..
وبالنسبة لتقدمى الأكاديمي، بدأ من كلية أصول الدين حيث عينت معيدا بها عقب التخرج وحتى الحصول على الدكتوراه والتعيين في مناصب أكاديمية، وذلك لإصرارى واهتمامى العميق بدراسة علوم الحديث والشريعة التى طالما كانت محل اهتمامى . .
كما أن انتسابى إلى جامعة الأزهر، وهي إحدى أعرق المؤسسات التعليمية الإسلامية، الذى له دور كبير في إرساء أسس معرفتى الشرعية ولطالما حمل الأزهر الشريف لواء الوسطية ورايتها..
فرسالة الأزهر التي حملها على مدار تاريخه تجسد مفهوم الوسطية الذي جاء به القرآن الكريم، حيث اختار الله هذه الأمة لتكون خير الأمم بفضل التزامها بهذه الرسالة.
يمثل الأزهر، بمؤسساته العريقة ومكانته الرفيعة، نقطة ارتكاز للعلم والمعرفة، ومرجعية أساسية في الحفاظ على التوازن الفكري والديني. كما أكد العديد من المؤرخين والمفكرين، فإن الأزهر هو بمثابة "قلعة الإسلام"، وحين يحمل لواء الوسطية، فإنه يرسخ مبدأ العدل، ويحارب كل أشكال الغلو والانحراف التي قد تشوه صورة الإسلام الحقيقية.
من خلال التزامه بمنهج الاعتدال والوسطية، يبرز الأزهر في مواجهة محاولات التفرقة والتشدد، محافظًا على جوهر الدين الإسلامي الذي يدعو إلى التوازن والاعتدال في الفكر والسلوك. دون افراط أو تفريط .
إن رسالته لا تقتصر على حفظ الشريعة، بل على نشرها بين الناس بأسلوب مرن يتناسب مع متغيرات العصر.
لقد حصلت على الإجازة العالمية في عام 1967، ثم عينت معيدًا في قسم الحديث بعد ذلك، فكان التزامى العميق بتطوير معرفتى في مجال الحديث وعلومه هو الدافع للاستمرار بعون الله، ثم حصولى على الماجستير في 1969 ثم الدكتوراه وعملت أستاذًا في نفس التخصص في عام 1983، كل ذلك ساهم في دفع عجلة المعرفة الأكاديمية.
وهنا يجب ألا ننسي الفضل بيننا لعلماء أجلاء وقفوا بجانبنا وشدوا من أذرنا فى مقدمتهم الإمام الأكبر الشيخ عبدالحليم محمود شيخ الأزهر الأسبق وغيرهم من العلماء الأجلاء.
فقد كانوا من أهم أصدقاء الجامعة، شيوخى الأفاضل الذين حضرت عليهم، بجانب الدكتور عبدالحليم محمود ،الدكتور السماحى والدكتور التازى لقد كانوا زملاء و أساتذة ساهموا فى تشكيل الوعى والمعرفة الخالصة لوجه الله.
لى أنا وزملائى الذين كنا أقل فى السن..
لقد تعاملوا معى نعم المعاملة فقد كنت أحضر معهم محاضرات داخل وخارج الجامعة مع تشجيعهم على مواصلة القراءة فى كل وقت..
لقد كانت فترة دراستى الجامعية تجربة فريدة حيث انتقلت من القرية للإقامة فى القاهرة فى سن مبكر والاعتماد الكلى على نفسي.
كانت فترة تموج بالأصدقاء والتجارب الثرية ، لنا فيها أساتذة كنا نحترمهم وكانوا يقدروننا فكنا نستفيد منهم نعم الاستفادة التى اصقلتنا فيما بعد وكنا نحضر ندوات ومؤتمرات فى عدة قاعات أذكر على سبيل المثال لا الحصر منها، قاعة الإمام عبده وغيرها.
فدور الأزهر مهم وكبير على مدار الزمن لقد أدى دورا عظيما خارج القاهرة ونشر الإسلام فى ربوع العالم من خلال المؤتمرات ومن خلال المحاضرات ومن خلال مجمع البحوث الإسلامية ومن خلال الندوات ومن خلال مجلة الأزهر.
وأذكر أثناء فترة رئاستى لجامعة الأزهر كنت أشجع الطلاب على طلب العلم والمعرفة باستمرار، والدفاع عن الإسلام وكنت أشجعهم على الحرص أن يكونوا علماء بمعنى الكلمة.
العالم له دور هام وعظيم فى القيام برسالته وأن ينشر الدعوة الاسلامية داخل مصر وخارج مصر لأن مصر ينظر إليها على أنها بلد الاسلام وبلد الأزهر الشريف ومنارة الإسلام، فعلماؤها ينظر إليهم على هذا.
ومن العلماء الذين كان لهم دور كبير فى حياتى فيما بعد وكنت أحبه حبا جما هو الشيخ محمد متولى الشعراوى الذى كان يحب القرآن الكريم جدا وكان حريصا كل الحرص على طلب العلم والمعرفة.
ولقد حاولت جاهدا من خلال مؤلفاتى تقديم النصيحة للأفراد والشباب والأسرة والمجتمع فى محاولة لتصحيح بعض الأخطاء التى يقع فيها المجتمع.
إن الإقدام على مرحلة الكتابة يجب أن تتسم دائما بتقديم مؤلفات جدية تفيد المجتمع فهى خطوة لابد أن تتميز بالجدة والأصالة ويجب أن يكون المنتج شامل ونافع للمجتمعات خاصة فى ظل الظروف التى تمر بها بلادنا وفى كل عصر وأوان الكتابة رسالة وأمانة يتحملها مؤلفها على عاتقه ويكون جدير بتلك المهمة الموكلة له من تلقاء نفسه فقد تحمل أمانة الإضافة البحثية ونشر المعرفة وتوسيع المدارك.
لقد قمت بتأليف كتاب اسمه تيسير البيان لمعانى القرآن فسرت فيه القرآن الكريم وايضا كتاب، الإسلام وبناء الشخصية، من هدى السنة النبوية،.
و شرحت نهج صحيح البخارى فى 16 مجلد.
وقمت بتأليف مجموعة من المؤلفات التى اختصت بتفسير الحديث النبوى حيث قمت بتفسير حوالى ألف حديث شريف..
وهنا أتذكر واقعة أثناء رئاستى لجامعة الأزهرعند قيام كاتب سورى بتأليف كتاب اسمه "وليمة لأعشاب البحر" والذى كان يحمل العديد من الأخطاء الدينية مما أثار غضب شباب الأزهر وثورتهم العارمة ذلك الوقت الأمر الذى جعلنى احتضن الموضوع وأقوم بإصلاح الأخطاء الدينية واحتويت الموقف بعون الله، وثورة الشباب الذين هبوا للدفاع عن ذلك الخطأ.
وأخيرا أوصي المجتمع والأمة بقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ، (كلكم راع وكل مسئول عن رعيته)، فالشاب راع ومسئول، الأب راع ومسؤل عن أسرته والأم راعية ومسؤولة عن رعيتها وأبنائها والأستاذ راع ومسئول عن رعيته.