استضافت مصر، اليوم الثلاثاء، القمة العربية الطارئة للتباحث في شأن القضية الفلسطينية، لا سيما فيما يتعلق بتهجير الفلسطينيين من أراضيهم، وذلك بغرض الخروج بموقف عربي موحد يدعم حقوق هذا الشعب في البقاء على أرضه.
ترأس القمة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، بحضور زعماء وممثلين عن مختلف الدول العربية، في مقدمتهم الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وملك الأردن عبد الله الثاني، وملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة، والرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد، والرئيس اللبناني جوزيف عون، والرئيس السوري أحمد الشرع.
كما حضر القمة، الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، ورئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا، والأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط، ورئيس منظمة التعاون الإسلامي حسين طه، والأمين العام لمجلس التعاون الخليجي جاسم البديوي.
وفي كلمته أمام القمة، أكد السيد الرئيس السيسي، أن مصر عملت مع فلسطين والمؤسسات الدولية لبلورة خطة شاملة لإعادة إعمار غزة دون تهجير الفلسطينيين، داعيًا القمة العربية إلى اعتمادها في اجتماع اليوم.
وطالب السيد الرئيس السيسي، بتوجيه الدعم للصندوق الذي سيتم إنشاؤه لتنفيذ هذه الخطة، وإلى حشد الدعم الدولي والإقليمي لها.
وأكد أن هذه الخطة، يجب أن تشهد على التوازي، مسار خطة للسلام من الناحيتين السياسية والأمنية، تشارك فيها دول المنطقة، وبدعم من المجتمع الدولى، وتهدف إلى تسوية عادلة وشاملة ومستدامة للقضية الفلسطينية.
وفي هذا الإطار، كشف الرئيس السيسي، أن مصر ستستضيف مؤتمرًا دوليًا لإعادة الإعمار في غزة، أبريل المقبل.
من جانبه، أشاد رئيس دولة فلسطين محمود عباس، بالخطة المصرية الفلسطينية العربية، لإعادة إعمار قطاع غزة بوجود الفلسطينيين على أرض وطنهم، دون تهجير، داعيًا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى دعم جهود الإعمار على هذا الأساس.
وقدم الرئيس الفلسطيني رؤية بلاده لمواجهة التحديات، التي ركزت على ضرورة أن تتولى دولة فلسطين مهامها في قطاع غزة من خلال المؤسسات الحكومية، واعتماد الخطة المصرية الفلسطينية العربية لإعادة إعمار قطاع غزة بوجود شعبنا على أرض وطنه، ومواصلة العمل على تنفيذ برنامج الإصلاح والتطوير الحكومي، ومضاعفة الجهود لتعزيز الوحدة الوطنية الفلسطينية.
بدوره، أكد ملك الأردن عبد الله الثاني، رفض بلاده التام لتهجير الفلسطينيين، والتأكيد على دعم خطة واضحة لإعادة إعمار غزة ضمن جدول زمني، بحيث يتم عرضها على الشركاء الفاعلين لكسب الدعم الدولي لها.
ومن الجدير بالذكر، أن مصر والأردن هما البلدان العربيان اللذان استهدفتهما مقترحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتهجير فلسطينيي قطاع غزة، الذي تُعقد القمة العربية في ضوئه.
كما ألقى زعماء وممثلو الدول العربية، في القمة الطارئة، كلمات بلادهم، حيث توافقت الرؤى فيها على رفض أي طرح يتصل بتهجير الفلسطينيين من أرضهم، وذلك من منطلق الثوابت العربية تجاه القضية الفلسطينية.
بينما أكد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، من جهته، أنه لا مستقبل لغزة إلا كجزء من الدولة الفلسطينية، مشددًا على أنه لا يمكن التعافي من آثار الحرب بالقطاع، دون إنهاء الاحتلال وإلزامه احترام القوانين الدولية.
البيان الختامي
وفي ختام القمة، أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي، اعتماد البيان الختامي للقمة العربية غير العادية والخطة المصرية لإعادة إعمار وتنمية قطاع غزة.
وفي غضون ذلك، أكد الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط، أن قمة القاهرة أكدت الموقف العربي الجماعي الرافض لمقترحات التهجير.
وكشف الأمين العام للجامعة العربية، أن الدول العربية أيدت بشكل كامل الخطة المصرية لإعادة إعمار قطاع غزة، موضحًا أنها تضع مسارًا لسياق أمني وسياسي جديد في غزة، مشددًا على أنها مرنة وقابلة للتطوير حسب مقتضيات الواقع.
وقال أبو الغيط، إن البيان الختامي لقمة القاهرة يؤكد أولوية استكمال اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، مضيفًا أن "السلام هو خيار العرب الاستراتيجي".
وأشار كذلك إلى أن البيان الختامي يشير إلى نشر قوات دولية لحفظ السلام في غزة والضفة، كما يؤكد رفض تهجير الفلسطينيين ويؤيد إعادة إعمار قطاع غزة.
خطة إعادة الإعمار
وتقوم الخطة المصرية لإعادة إعمار قطاع غزة -حسب ما نشرته قناة "القاهرة الإخبارية" على تشكيل لجنة إدارة غزة لتتولى إدارة شؤون القطاع في مرحلة انتقالية لمدة 6 أشهر، على أن تكون اللجنة مستقلة ومكونة من شخصيات غير فصائلية "تكنوقراط" تعمل تحت مظلة الحكومة الفلسطينية.
وشددت الخطة على أن لجنة إدارة غزة يجري تشكيلها خلال المرحلة الحالية؛ تمهيدًا لتمكينها من العودة بشكل كامل للقطاع وإدارة المرحلة المقبلة بقرار فلسطيني، مشيرة إلى أن "مصر والأردن يعملان على تدريب عناصر الشرطة الفلسطينية تمهيدًا لنشرها في القطاع".
وأدانت الخطة المصرية لإعادة إعمار قطاع غزة قتل واستهداف المدنيين، ومستوى العنف غير المسبوق والمعاناة الإنسانية التي خلفتها الحرب على غزة، مؤكدة أن حل الدولتين هو الحل الأمثل من وجهة نظر المجتمع والقانون الدوليين، مؤكدة أن القطاع جزء لا يتجزأ من الأراضي الفلسطينية.
وحثت الخطة على ضرورة مراعاة حقوق الشعب الفلسطيني وبقائه على أرضه دون تهجير، مطالبة بضرورة تكاتف المجتمع الدولي من منطلق إنساني قبل كل شيء لمعالجة الكارثة الإنسانية التي خلفتها الحرب، مشيرة إلى أن محاولة نزع الأمل في إقامة الدولة من الشعب الفلسطيني أو انتزاع أرضه منه لن تؤتي إلا بمزيد من الصراعات وعدم الاستقرار.
وطالبت بضرورة الحفاظ على وقف إطلاق النار في قطاع غزة، مُشيرة إلى أن تنفيذ إعادة الإعمار يتطلب ترتيبات للحكم الانتقالي وتوفير الأمن بما يحافظ على آفاق حل الدولتين.
كما طالبت الخطة المصرية لإعادة إعمار قطاع غزة، المجتمع الدولي إيلاء اهتمامه لدعم جهود مصر وقطر والولايات المتحدة لتثبيت اتفاق وقف إطلاق النار، مشيرة إلى أنه سيكون من أبرز آثار انهيار وقف إطلاق النار إعاقة الجهد الإنساني وعملية إعادة الإعمار.
وذكرت أن هناك أهمية كبيرة للعمل على مقترح تدريجي يُراعي الحفاظ على حق الشعب الفلسطيني في البقاء على أرضه، فضلًا عن ضرورة مراعاة حقه في تحقيق تطلعاته المشروعة بإقامة دولته مُتصلة الأراضي بقطاع غزة والضفة، مطالبة بضرورة التعاطي مع القطاع بأسلوب سياسي وقانوني يتسق مع الشرعية الدولية وقرارات مجلس الأمن.
وطالبت الخطة المصرية لإعادة إعمار قطاع غزة أيضًا بضرورة بدء التفكير في كيفية إدارة المرحلة المقبلة للتعافي المبكر، بما يضمن الملكية الفلسطينية، وضرورة التعاطي مع القطاع بأسلوب سياسي وقانوني يتسق مع الشرعية الدولية وقرارات مجلس الأمن الدولي.
وأكدت الخطة المصرية، أن هناك أهمية لاستمرار جهود السلطة الفلسطينية لاتخاذ مزيد من الخطوات لتطوير عمل المؤسسات والأجهزة الفلسطينية.
وتطالب الخطة المصرية أيضًا بحشد الدعم السياسي والمالي لدعم الجهود المصرية الأردنية في تدريب عناصر الشرطة الفلسطينية، مشيرة إلى أنه من المطروح دراسة مجلس الأمن فكرة التواجد الدولي بالأراضي الفلسطينية بالضفة الغربية وغزة.
وتشمل الخطة أيضًا إصدار قرار بنشر قوات حماية حفظ سلام دولية بالأراضي الفلسطينية في سياق متكامل لإقامة الدولة الفلسطينية، مضيفة أنه "يمكن التعامل مع معضلة تعدد الجهات الفلسطينية الحاملة للسلاح إذا أزيلت أسبابها من خلال عملية سياسية ذات مصداقية".
وتؤكد الخطة المصرية، ضرورة أن تصب جميع الجهود المبذولة في تنفيذ حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية، فضلًا عن إبرام هدنة متوسطة المدى بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية لفترة زمنية محددة بالمناطق الفلسطينية كافة، على أن تكون الهدنة المتوسطة مرحلة انتقالية يتم خلالها تحديد إجراءات لبناء الثقة لوقف جميع الإجراءات الأُحادية.