تُعد الحياة الزوجية شراكة قائمة على التفاهم والتعاون بين الشريكين، حيث يتحمل كل طرف مسؤولياته تجاه الأسرة وفقًا لما تقتضيه الظروف، وتعد مسألة مشاركة الزوجة العاملة في المصروفات المنزلية، من بين القضايا التي تثار بين الطرفين، وبمناسبة شهر المرأة نوضح هل من حق الزوج أن يُلزم شريكته بالمساهمة في نفقات الأسرة؟ أم أن ذلك يجب أن يكون خاضعًا للتراضي والاتفاق بين الطرفين؟.
ومن جهتها تقول الدكتورة إيمان عبد الله، دكتورة علاج نفسي أسري، في تصريح خاص لبوابة "دار الهلال"، أن مشاركة الزوجة العاملة في المصروفات ليست حقًا مكتسبًا للزوج، ولا يجوز أن تُفرض عليها بأي شكل من الأشكال، بل هي مساهمة اختيارية يجب أن تتم برضاها وبما يتناسب مع ظروفها واحتياجاتها، والتفاهم والحوار بين الطرفين هما الأساس في إدارة الأمور المالية داخل الأسرة، فالتعاون المتبادل والعدل في تقسيم الأدوار يضمنان حياة زوجية قائمة على الاحترام والتقدير المتبادل.
وأضافت، أن الإنفاق على الأسرة من واجبات الزوج الأساسية، فهو المسؤول عن توفير الاحتياجات الضرورية للبيت والأولاد، ولا يُلزم الزوج زوجته العاملة بالمشاركة في المصروفات، إذ إن دخلها يُعد ملكًا خالصًا لها، ومع ذلك، قد تجد المرأة العاملة نفسها في بعض الأحيان ترغب في المشاركة بدافع الحب والتقدير لشريكها وللتخفيف من الأعباء المالية، وهذا لا يُعد إلزامًا، بل مساهمة طوعية تعكس روح التعاون بين الزوجين.
وأكملت أن الزوجة العاملة تتحمل مسؤوليات مزدوجة، فهي لا تقتصر على دورها في العمل فحسب، بل تقوم برعاية بيتها وأطفالها أيضًا، ما يفرض عليها ضغوطًا نفسية وجسدية كبيرة، ولذلك عندما تجد نفسها مطالبة بالمساهمة المالية وكأنها الممول الرئيسي للأسرة، فإن ذلك قد يُشعرها بعدم التقدير والضغط النفسي، وكأنها مطالبة بأن تكون الزوجة والأم والمعيلة في آنٍ واحد، وهذا الشعور قد يؤدي إلى توتر في العلاقة الزوجية، خاصة إذا لم يكن هناك تفاهم حول حدود هذه المساهمة وطبيعتها.
وأشارت إلى أنه هناك زوجات يعملن دون أن يكون لهن دور حقيقي في إدارة الأسرة، فقد تنشغل إحداهن بعملها إلى حد يجعلها غائبة تمامًا عن بيتها وأولادها، ما ينعكس سلبًا على علاقتها بأسرتها، وفي هذه الحالة، لا يكون تأثير العمل مقتصرًا على الجانب المالي فقط، بل قد يمتد ليؤثر على استقرار الأسرة نفسيًا وعاطفيًا، ولذلك، فإن تحقيق التوازن بين العمل والبيت يُعد أمرًا ضروريًا لضمان حياة زوجية مستقرة وسعيدة.
ونصحت بالتالي، إذا كان دخل الزوج غير كافٍ لتغطية احتياجات الأسرة، فقد يكون من الحكمة أن يتفق الطرفين على مساهمة الزوجة بجزء من دخلها، لكن يجب أن يكون ذلك قائمًا على التفاهم والاتفاق المسبق، وليس بالإجبار أو الشعور بالاستغلال. فالمشاركة المالية يجب أن تكون نابعة من رغبة الزوجة، وليس التزامًا مفروضًا عليها، حتى لا يؤدي ذلك إلى إحساسها بالضغط أو الظلم، وأن يتم تخصيص صندوق مشترك بين الزوجين للمصاريف الطارئة أو لتغطية الاحتياجات الأساسية، بحيث تساهم المرأة بمبلغ معين وفقًا لقدرتها ورغبتها، دون أن يكون ذلك عبئًا عليها أو يؤثر على إحساسها بالأمان المالي، فالتوازن في الأمور المادية يعد مفتاحًا للحفاظ على الاحترام والتفاهم.