الإثنين 10 مارس 2025

عرب وعالم

"فورين بوليسي": ترامب يقتل صناعة الدفاع الأمريكية

  • 8-3-2025 | 13:32

ترامب

طباعة
  • دار الهلال

رأت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية أن السياسات التي تنتهجها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حاليا لها تداعيات سلبية كبيرة على صناعة الدفاع الأمريكية.

وأوضحت المجلة أنه بينما تتراجع أسهم الدفاع الأمريكية حاليا، ترتفع أسهم الدفاع الأوروبية بسرعة؛ لأن الأسواق خلصت إلى أن الحكومات الأوروبية ستنفق الكثير على الدفاع، خاصة في ظل ما حدث للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في المكتب البيضاوي .

وأشارت المجلة الأمريكية إلى أن الاستنتاج الذي سيتوصل إليه العديد من القادة من المشادة التي دارت بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونائب الرئيس جيه دي فانس وزيلينسكي هو أن الضمانات الأمنية الأمريكية، التي تعد السبب الرئيسي وراء ميل البلدان إلى شراء الأسلحة الأمريكية، لن تكون حجة مقنعة بعد الآن. 

فمنذ تنصيب ترامب، انخفضت أسهم أكبر ست شركات دفاعية أمريكية بمعدل 4%، فيما ارتفعت أسهم أكبر مجموعات الدفاع في أوروبا، بما في ذلك شركة راينميتال الألمانية، بنحو 40% في الفترة نفسها .

وقد تجلى ذلك بوضوح في الثالث من مارس الجاري، وهو أول يوم تداول بعد اجتماع ترامب مع زيلينسكي وقمة الدفاع اللاحقة لزعماء أوروبا في لندن خلال عطلة نهاية الأسبوع، حيث حققت أسهم الدفاع الأوروبية قفزة كبيرة. فعند إغلاق التداول يوم الاثنين، ارتفعت أسهم شركة ليوناردو الإيطالية بأكثر من 17%، وشركة تاليس الفرنسية بالقدر ذاته تقريبا، وراينميتال الألمانية بنسبة 15%، وساب السويدية بنحو 12%.

وبينت "فورين بوليسي" أنه في الأيام والأسابيع الأخيرة، كانت الأسواق تراقب الإعلانات الصادرة عن واشنطن، وخلصت إلى أن إدارة ترامب تريد خفض ميزانية الدفاع. ففي حين أكد وزير الدفاع الأمريكي بيت هيجسيث أنه يريد تنمية القدرات الحربية الأمريكية مع خفض التكاليف الإدارية، إلا أن وزارة الكفاءة الحكومية التي أنشأها إيلون ماسك مؤخرا تعمل على خفض التمويل في مختلف أنحاء الحكومة.

وأكدت المجلة أنه في الوقت الذي تتجه فيه الولايات المتحدة إلى خفض ميزانية الدفاع، تتعامل الدول الأوروبية بجدية مع تنمية قواتها المسلحة. حيث أعلنت بريطانيا أنها ستزيد ميزانيتها العسكرية إلى 2.5% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2027، وبولندا في طريقها إلى الوصول إلى 5% هذا العام. كما أنه خلال القمة التي استضافها رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر مؤخرا في لندن لدعم زيلينسكي، اتفق الزعماء على تقديم المزيد من الدعم العسكري لأوكرانيا وإنشاء "تحالف الراغبين" لمساعدة أوكرانيا في حربها ضد روسيا.

بينما في المقابل، ومنذ أواخر يناير الماضي، انخفض سعر سهم شركة لوكهيد مارتن الأمريكية (أكبر شركة للصناعات العسكرية في العالم من حيث الدخل) من نحو 500 دولار إلى أقل قليلا من 450 دولارا.

وترى المجلة الأمريكية أن الحكومات الأوروبية، وفي ظل عدم قدرتها على افتراض أن الولايات المتحدة تدعمها بعد الآن، فإنها بالتأكيد ستبذل قصارى جهدها لشراء الأسلحة الأوروبية (وذلك للتحرر من القيود التي تفرضها الولايات المتحدة على الحكومات الأجنبية بشأن كيفية استخدام الأسلحة الأمريكية وخاصة ضد روسيا). لذا، لن يكون مستغربا أن تشهد الأسواق الفترة القادمة شهورا وسنوات خصبة لصانعي الأسلحة الأوروبيين.

ولفتت "فورين بوليسي" إلى أن التغيير الذي طرأ على مسار ترامب بعيدا عن الحلفاء الغربيين وأوكرانيا، له عواقب بلا شك، فقد أصبحت الضمانات الأمنية التي تقدمها واشنطن، والتي تدعم صادراتها من الأسلحة، بلا قيمة.

ودللت المجلة على ما ساقته بالإشارة إلى ما نقلته صحيفة "كييف إندبندنت" من تأكيد ترامب، أثناء محاولته إجبار أوكرانيا على التوقيع على صفقة ستمنح الولايات المتحدة 50% من عائدات الموارد الطبيعية المملوكة للدولة الأوكرانية، بالقول: "لن أقدم ضمانات أمنية تتجاوز الحد الأقصى. سنجعل أوروبا تفعل ذلك، لأن أوروبا هي الجارة المجاورة لها".

يأتي تصريح ترامب رغم واقع أن الضمانات الأمنية هي العنصر الأساسي الذي استخدمته واشنطن تاريخيا لإبرام معظم الصفقات، حيث اشترت العديد من البلدان، بما في ذلك عدد كبير في أوروبا، أسلحة أمريكية على وجه التحديد لأنها جاءت مع ضمانات أمنية أمريكية. 

وفي هذا الصدد، يؤكد لي روبرت ليميرجارد، الأمين العام لجمعية صناعة الأمن والدفاع السويدية، أنه "عندما تشتري البلدان أسلحة، فإنها تفكر في المعدات، والشركة المصنعة، وبالتالي الدولة؛ لأن هذه الأشياء مهمة مع المعدات التي تستخدمها لسنوات عديدة، تصل إلى نحو 40 عاما. وقد كانت المبيعات العسكرية للولايات المتحدة تعتمد كثيرا على تقديم أمريكا لضمانات أمنية". 

وبعبارة أخرى، كان شراء الأسلحة الأمريكية وسيلة لشراء صداقة الولايات المتحدة وضمان حمايتها.. فعلى سبيل المثال، وبعد أشهر من المناقشات في عام 2021، اختارت فنلندا، شراء طائرات مقاتلة أمريكية من طراز "إف-35" لتحل محل أسطولها القديم من الطائرات المقاتلة، على الرغم من أن طائرات "جريبن" السويدية (حيث السويد صديقة وجارة مقربة لفنلندا) كانت أرخص. وفي حين أن طائرات "إف-35" تتمتع بقدرات لا جدال فيها، إلا أن الصفقة الفنلندية التي بلغت قيمتها 9.4 مليار دولار تضمنت أيضا ضمانات أمنية أمريكية.

لذا، ومع ظهور ترامب الآن علنا في صف روسيا والرئيس فلاديمير بوتين، لم يعد مشترو الأسلحة الأمريكية قادرين على التأكد من أن أموالهم ستؤدي إلى حماية واشنطن وتوفير الضمانات الأمنية المأمولة.

ونبهت "فورين بوليسي" إلى مشكلة أخرى تتعلق بالتحديثات البرمجية المستمرة للأسلحة الحديثة، مما يعني أن المشترين لهذه الأسلحة باهظة الثمن يحتاجون إلى اليقين التام بأن الدولة البائعة (الولايات المتحدة) ستظل متعاونة، وأن تحديثات البرامج ستكون متاحة.

لذا، فإن التشكك في أن ترامب قد يضر بالحكومات الصديقة من خلال منع تحديثات البرامج لترساناتها العسكرية، كافية لجعل مثل هذه الحكومات تعيد النظر بشأن شراء الأسلحة الأمريكية. كما أن هذا الوضع الغامض وحالة عدم اليقين بشأن توفير الضمانات الأمنية ستؤدي بلا شك إلى تآكل صناعة الدفاع الأمريكية.

الاكثر قراءة