قال محمد محمود عبد الرحيم، الباحث الاقتصادي وعضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي والتشريع، إن السياسات الاقتصادية التي انتهجها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تسببت في حالة من الترقب والحذر على مستوى الاقتصاد العالمي، نظرًا لاعتمادها على أسلوب غير تقليدي يبتعد عن المنطق الاقتصادي المستقر.
وأوضح في تصريحات خاصة لبوابة "دار الهلال" أن ترامب كرجل أعمال كان من المتوقع أن تنعكس قراراته إيجابيًا على الاقتصاد الأمريكي ومن ثم العالمي، إلا أن ما حدث كان العكس، حيث أدت سياساته إلى اضطراب الأسواق، وانعكس ذلك بشكل مباشر على مؤشرات البورصة الأمريكية التي شهدت تراجعًا في بعض الأسهم، بالإضافة إلى انهيار أسعار العملات الرقمية، رغم تبنيه لهذه الأصول المالية، وكل ذلك خلال الأسابيع الأولى من توليه السلطة.
وأضاف عبد الرحيم أن سياسات ترامب الخارجية لعبت دورًا كبيرًا في زعزعة الثقة الاقتصادية، فقد أعلن عن عدم دفع السفن الأمريكية رسوم عبور قناة بنما، وهو أمر لم يتأكد حتى الآن، كما اقترح اتفاقية لمشاركة الولايات المتحدة في إيرادات المعادن الأوكرانية، فيما يعرف بـ"اتفاقية المعادن"، والتي ظلت غير مؤكدة بعد لقائه المثير للجدل مع الرئيس الأوكراني في البيت الأبيض.
وأشار إلى أن التوتر مع الصين يمثل أحد أبرز معالم سياسة ترامب الاقتصادية، إذ فرضت الولايات المتحدة رسومًا جمركية على الواردات الصينية، مما شكل تهديدًا كبيرًا ليس فقط للاقتصاد الصيني، ولكن أيضًا لنمو الاقتصاد العالمي، كما زادت حدة الخلافات بين البلدين بسبب قضايا مثل دعم تايوان وحرمان الصين من التكنولوجيا الأمريكية، خاصة في مجال صناعة الرقائق الإلكترونية، وهو ما أدى إلى تصاعد التنافس بين أكبر اقتصادين في العالم.
وأكد عبد الرحيم أن فرض الولايات المتحدة رسومًا جمركية على صناعة السيارات الصينية، بحجة أن الحكومة الصينية تقدم دعمًا لهذا القطاع، يُظهر استمرار النهج الحمائي الذي تبنته إدارة ترامب، مشيرا إلى أن الصراع الحقيقي بين البلدين لا يتعلق فقط بالرسوم الجمركية، بل يدور حول الهيمنة على قطاع التصنيع والتكنولوجيا، حيث تسعى الصين لتعميق صناعة الرقائق الإلكترونية، بينما تحاول الولايات المتحدة منعها من الوصول إلى تكنولوجيا أكثر تقدمًا.
وحذر من سياسة الرسوم الجمركية التي تتبعها الولايات المتحدة قد تؤدي إلى ارتفاع معدلات التضخم عالميًا، حيث سترد الدول الأخرى بإجراءات مماثلة، مما قد يُشعل حربًا تجارية تُلحق الضرر بجميع الأطراف.
وأكد أن مثل هذه السياسات تفتقر إلى النضج الكافي، حيث تركز على السيطرة الاقتصادية بدلاً من التعاون الدولي، ما قد يقود الاقتصاد العالمي إلى أزمة خطيرة.