الأربعاء 12 مارس 2025

تحقيقات

صفعة قوية لـ إسرائيل.. دلالات محادثات الولايات المتحدة المباشرة مع حركة حماس

  • 11-3-2025 | 11:50

مظاهرات تطالب بتحرير المحتجزين

طباعة
  • محمود غانم

 في خطوة غير مسبوقة، عقدت الولايات المتحدة الأمريكية مفاوضات مباشرة مع حركة حماس، بخصوص الإفراج عن أسرى إسرائيليين في قطاع غزة يحملون الجنسية الأمريكية، وسط أجواء إيجابية خيمت عليها، ولم يستبعد الطرفان أن يضطلعا في مثلها في المستقبل القريب، بغض النظر عن الموقف الإسرائيلي، الذي رأى في ذلك حدًا لقدرة على التهديد بالعودة إلى حرب مرة أخرى.

وتُصنف الولايات المتحدة الأمريكية حركة حماس كمنظمة إرهابية، ما يشير إلا أنها حتى تعقد هذه المفاوضات عملت على إيجاد مخرج قانوني، أو قامت بإعادة تفسير القوانين.

وبينما وصفت الولايات المتحدة الأمريكية، المفاوضات التي عقدت مع حركة حماس بأنها "مفيدة جدًا"، أكدت الأخيرة، أنها تعاملت بإيجابية ومرونة كبيرة، بما يُصب في مصلحة الشعب الفلسطيني.

وجرت هذه المحادثات "غير المسبوقة" بين المبعوث الأمريكي لشؤون المحتجزين، آدم بوهلر، ومسؤولين من حركة حماس في العاصمة القطرية، الدوحة.

ونتيجةً لذلك، شعرت إسرائيل بخيبة أمل، حيث إن ذلك من شأنه أن يقوّض قدرتها على التهديد بالعودة إلى الحرب مرة أخرى، كأداة تُستخدم ضمن إطار الضغط في سياق المفاوضات.

 

ماذا نفهم من المحادثات؟

وتُعتبر هذه الخطوة غير المسبوقة منفذًا لطرح تساؤلات متعددة حول الأهداف التي تسعى الولايات المتحدة لتحقيقها، والرسالة التي ترغب في توصيلها.

"دار الهلال" تحدثت في هذا السياق مع اللواء محمد رشاد، وكيل المخابرات العامة الأسبق، والذي كان رئيس ملف الشؤون العسكرية الإسرائيلية منذ عام 1967 حتى توقيع اتفاقية "كامب ديفيد" في عام 1978، حيث يوضح أن الولايات المتحدة الأمريكية، ممثلة في رئيسها دونالد ترامب، لديها أهداف معينة تعمل على تحقيقها بغض النظر عن علاقاته مع أي جانب.

وأضاف "رشاد"، متحدثًا عن المفاوضات التي جمعت الولايات المتحدة بحركة حماس، أن الإدارة الأمريكية تدرك أن إسرائيل حصلت على كل ما تريده حتى تحقق أهدافها المنشودة من حربها على قطاع غزة، التي استمرت لأكثر من 15 شهرًا، ومع ذلك، لم تحقق ما تريد.

وبناءً على ذلك، فإن الولايات المتحدة أدركت -بحسب الخبير العسكري والاستراتيجي- أن عليها أن تتحرك حتى تحقق أهدافها، وهي تحرير المحتجزين لدى حركة حماس، خصوصًا أن فيهم من يحمل الجنسية الأمريكية كذلك.

وعليه، قررت الولايات المتحدة الأمريكية الانتقال إلى مفاوضات مباشرة مع حركة حماس، رغم أنها تصنفها كمنظمة "إرهابية" منذ عام 1997، كما يقول اللواء محمد رشاد، الذي أكد أن هذا التصرف الحاصل بعيد كل البعد عن علاقات الولايات المتحدة مع إسرائيل.

وفي رأي رشاد، فإن الولايات المتحدة الأمريكية من وراء هذه المفاوضات تستهدف تحرير سراح المحتجزين لدى حركة حماس في قطاع غزة، وتحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط.

وفي حديثه، يشير إلى تصريح المبعوث الأمريكي لشؤون المحتجزين، آدم بوهلر، بأن "بلاده ليست عملية لإسرائيل، ولديها أهداف محددة"، معلقًا: "بالفعل، المفاوضات جاءت لتحقيق أهداف أمريكية، وفي الوقت نفسه، مثلت صفعة قوية في وجه إسرائيل بشكل عام، ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بشكل خاص".

وأردف الخبير العسكري والاستراتيجي، أن الولايات المتحدة تدرك أن رئيس الوزراء الإسرائيلي يعمل على عرقلة أي مفاوضات تعقد مع حركة حماس، للحفاظ على بقاء حكومته كـ "مكسب شخصي" له.

ويؤكد أن الولايات المتحدة الأمريكية بلا شك حريصة على أمن إسرائيل، لكن في الوقت نفسه لا يعنيها الحفاظ على مصالح شخصية لـ"نتنياهو"، وهذا يدل على أن موضوع خدمة الأشخاص ليس واردًا في سياسة الولايات المتحدة بقيادة دونالد ترامب.

وبيّن اللواء محمد رشاد، أن وقع المحادثات الأمريكية مع حماس كان بمثابة زلزال يثبت لـ"إسرائيل" أن هناك مدى معين من التعاون، ولكن في النهاية مصالح الولايات المتحدة مقدمة قبل كل شيء.

ومن منطلق هذه المصالح، جاءت المفاوضات مع حركة حماس -كما يضيف "رشاد"- حيث إن الإدارة الأمريكية قررت ألا تتماهى مع "نتنياهو" لمصالحه الشخصية.

وشدد على أن تلك المحادثات جاءت بدرجة أولى حتى يتحقق الاستقرار في الشرق الأوسط، وهو أحد أهداف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وذلك عبر الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، الذي دخل حيز التنفيذ في يناير الماضي، والتي بها يتحقق وقف دائم لإطلاق النار.

وفي تحليله للمشهد، فإن الولايات المتحدة، عبر الاتصال المباشر مع حركة حماس، تدفع نحو إنهاء الحرب في قطاع غزة، وذلك بناءً على طبيعة هذا الاتصال، حيث إنه في الوقت الذي كسرت فيه الأولى كافة الحواجز حتى يحصل، وصفته الثانية بـ "الإيجابي"، مؤكدًا أن هذه المباحثات رسالة من إدارة الرئيس دونالد ترامب تؤكد من خلالها أنها تفصل بين المصالح الشخصية المتمثلة في رغبة "نتنياهو" في الحفاظ على حكومته، والمصالح العامة المتمثلة في أمن إسرائيل.

وفي سياق متصل، يشدد اللواء محمد رشاد، على أن حركة حماس كـ"قوة" ما تزال متماسكة، حيث إن الجيش النظامي عندما يحارب مجموعة مسلحة يتكبّد خسائر بشكل كبير، وهو ما حصل للجيش الإسرائيلي بالضبط في قطاع غزة، خصوصًا أن المقاومة الفلسطينية كانت تتعامل من أنفاق تحت الأرض، وتهاجم من المسافة صفر.

الاكثر قراءة