أبرزت شبكة "يورونيوز" تبعات الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على كندا والمكسيك والدول الأوروبية، وأكدت أن التقديرات الأولية للخسائر على الاقتصاد الأمريكي تبلغ عشرات مليارات الدولارات، مع تزايد المخاوف من أن يمر الاقتصاد الأمريكي بأزمة مماثلة لما حدث في فترة ثلاثينيات القرن الماضي، حيث فرضت الولايات المتحدة رسومًا جمركية أثارت اضطرابات تجارية واسعة النطاق.
ونقلت الشبكة -في تقرير اقتصادي لها اليوم السبت- تحذيرات الخبراء من مغبة الانزلاق إلى سياسات حمائية مدمرة قد تؤثر سلبًا على النمو الاقتصادي العالمي.
وأشار التقرير الى رد كندا على رسوم ترامب بفرض رسوم جمركية جديدة بنسبة 25% على السلع المصنعة في الولايات المتحدة بقيمة 30 مليار دولار كندي (19 مليار يورو)، والتي دخلت حيز التنفيذ منتصف الليل بتوقيت الساحل الشرقي للولايات المتحدة (6 صباحًا بتوقيت وسط أوروبا) يوم الخميس الماضي. وستكون هذه الرسوم مماثلة تمامًا للرسوم الأمريكية، وفقًا لمبدأ "دولار مقابل دولار".
وبشكل عام، ستؤثر هذه الإجراءات المضادة على منتجات الصلب بقيمة 12.6 مليار دولار كندي (8.05 مليار يورو)، والألمنيوم بقيمة 3 مليارات دولار كندي (1.9 مليار يورو)، وسلع أخرى بقيمة 14.2 مليار دولار كندي (9.1 مليار يورو). وتعد كندا أكبر مصدّر للصلب إلى الولايات المتحدة، تليها المكسيك، البرازيل، والصين في عام 2024.
والاتحاد الأوروبي أعلن ايضا عن استعداده لتصعيد الردود ضد الإجراءات الأمريكية من خلال إعادة فرض رسوم انتقامية بقيمة 26 مليار يورو، تشمل منتجات زراعية وصناعية أمريكية، بينما تدرس الصين فرض تعريفات جديدة على واردات التكنولوجيا والطاقة الأمريكية.
وفي الوقت نفسه، أبدت العديد من الدول استعدادها للحوار، حيث أشار رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر إلى أن بلاده "تبقي جميع الخيارات مفتوحة" في المفاوضات الاقتصادية، بينما وصف رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيز الرسوم الجمركية الأمريكية بأنها "غير مبررة تمامًا"، مع تأكيده على استمرار السعي للحصول على إعفاء.
وأشار التقرير إلى ارتفاع مؤشر S&P 500 بنحو 0.5% بعد تراجعه إلى ما يقارب منطقة التصحيح هذا العام، مدفوعًا بارتفاع أسهم شركات التكنولوجيا الكبرى، في الوقت نفسه، ضعف الدولار الأمريكي أمام معظم عملات مجموعة G-10 وسط توقعات بأن يقوم مجلس الاحتياطي الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة في وقت أقرب بسبب المخاوف الاقتصادية.
ومع ذلك، نقل التقرير تحذيرات المحللين الاقتصاديين من أن هذا الانتعاش في السوق قد يكون قصير الأمد بسبب حالة عدم اليقين المستمرة. وكتب مايكل براون، كبير محللي الأبحاث في "Pepperstone"، في مذكرة أنه سيواصل بيع الأسهم خلال موجة الصعود الحالية، متوقعًا أن يصل الذهب إلى مستوى قياسي جديد بسبب زيادة الإقبال على الأصول الآمنة.
رغم ذلك، واصلت الأسواق الأوروبية تفوقها على نظيراتها العالمية، مدفوعة بتوقعات بتخفيف القواعد المالية المتعلقة بالإنفاق الدفاعي. فيما كانت الأسواق الآسيوية متباينة في التداولات المبكرة يوم الخميس، حيث ارتفع مؤشر "Nikkei 225" الياباني ومؤشر "Kospi" الكوري الجنوبي، في حين واصل كل من مؤشر "ASX 200" الأسترالي ومؤشر "Hang Seng" الصيني تراجعهما.
وفقًا لتقرير حديث صادر عن البنك الدولي ، فإن الرسوم الجمركية الأمريكية المقترحة قد تؤدي إلى تقليص النمو الاقتصادي العالمي بنسبة 0.3 نقطة مئوية في 2025. ويتوقع أن تكون الأسواق الناشئة الأكثر تضررًا، حيث سترتفع أسعار الواردات ويؤدى الى تغييرات جذرية فى سلاسل التوريد العالمية، وسيزداد التضخم، مما قد يؤدي إلى تباطؤ معدلات التوظيف.
ويتوقع المحللون أن يؤدي هذا التصعيد إلى موجة جديدة من التضخم في الولايات المتحدة، حيث ترتفع تكاليف الواردات بسبب الرسوم الجمركية. وفي حال استمرار التصعيد، قد نشهد تراجعًا في التجارة الدولية وإبطاء التعافي الاقتصادي العالمي.
مع استمرار التوترات التجارية وتعهد ترامب بالرد على سلسلة التعريفات الاوروبية، يترقب المستثمرون والحكومات الخطوات المقبلة من قبل الولايات المتحدة وردود الفعل الدولية عليها، وسط حالة من عدم اليقين بشأن مستقبل الاقتصاد العالمي.