الأحد 16 مارس 2025

مقالات

الآنسة سيد بيه مش ممكن!

  • 16-3-2025 | 14:18
طباعة

يعد فيلم ليلة الدخلة من أروع أفلام الكوميديان إسماعيل ياسين، يمتلئ كل مشهد في الفيلم بكوميديا الموقف والإفيهات التي تحمل معاني عميقة، ومن بينها مشهد  قد يمر على البعض مرور الكرام، ذلك المشهد الذي تنكر فيه إسماعيل ياسين وحسن فايق في هيئة رجل مسن وزوجته "سيد بيه مش ممكن.. أبداً"! وزوجته "خديجة هانم على نياته".

الحقيقة أن شخصية "سيد بيه مش ممكن" ليست مجرد دور في فيلم، بل هي نمط متكرر نصادفه في حياتنا اليومية، سواء في العمل أو في المصالح الحكومية، حيث نجد دائما من يحمل اسم "الأستاذ مينفعش" أو "الأفندي مش مسموح"، وكلهم يمتلكون نفس الصفات تعطيل المصالح بحجج واهية، ووضع لوائح وقوانين غير مكتوبة، وكأن دورهم الأساسي هو إيقاف عجلة الحياة.

وبعضهم يبرر ذلك بأنه يفعل ما يراه في مصلحتك، بينما آخرون يفعلونه بدافع شخصي بحت، ربما عنادا أو غيرة أو لمجرد الاستمتاع بإحباط الآخرين.

أحمد الله أنني لم أتعامل كثيرا مع هذه النوعية من الأشخاص، لكني صادفت واحدة منهم أثناء علاجي في أحد المستشفيات الحكومية، فتاة بملامح طيبة وابتسامة لا تفارق وجهها، ولكنها لم تكن سوى نسخة جديدة من "سيد بيه مش ممكن"!.

 في البداية لم أنتبه إلى أسلوبها، لكن مع مرور الوقت وكثرة المشاكل التي تفتعلها، أيقنت أنها متخصصة في تعطيل الإجراءات بلا سبب "زي سيد بيه مش ممكن الراجل اللي مفيش حاجة عنده ممكن ! " لو ورقك سليم 100 في المائة هيقولك "مش ممكن.. دي ناقصها ختم نسر كان عايش في العصر الحجري!" ولو جبت له الختم، هيقولك "مش ممكن.. لازم تجيب شهادة ميلاد للختم نفسه"!

للأسف هذة النوعية  من البشر ليست مجرد شخصيات سينمائية ولكن سلالة حية، تعيش وتتكاثر  في كل مكان  "مستحيل تخلص مصلحتك على مرة واحدة! لازم تروح وتيجي، ولازم تشوف وشهم الكريم كذا مرة، لأنهم مقتنعين إن راحتهم النفسية في تعاستك الإدارية".

لكن المصيبة الحقيقية عندما تكون النسخة النسائية من "سيد بيه مش ممكن" تعمل في حسابات مستشفى يعني في  مكان من المفتروض يكون فيه حد أدنى من الإنسانية! تراها مبتسمة ولكن خلف هذة الملامح عقلية لو تم توزيعها على سكان مدينة كاملة هيتحولوا إلى بوتات بتردد كلمة واحدة "مينفعش"!

أنا مريض  أذهب لمستشفى الحكومي كحق طبيعي في العلاج ولكن هي قررت إنها "لازم تديني جرعة مضاعفة من الضغط النفسي قبل ما أخد أي دواء! أوراقي كلها سليمة؟ آه.. بس مينفعش! عندي تقرير طبي؟ آه.. بس مينفعش! الطبيب نفسه كتب الطلب؟ طبعا.. بس مينفعش! طيب ليه مينفعش؟! مبتسمة "كده النظام!".

"والنظام ده معمول ليه؟ عشان يضمن إن المريض يتبهدل الأول، وبعدها ياخد العلاج؟ ولا عشان الموظفة المحترمة تحس بلذة التحكم في رقاب العباد؟! اللي يعرف يقول لي!.

على مدار عامين في المستشفى في رحلة علاج طويلة وشاقة  كل من قابلتهم من أطباء لممرضين لموظفين، يتعاملون مع المرضى بضمير "إلا البنت دي" عنصر دخيل على منظومة إنسانية ناجحة "لو حد قال لي إنها روبوت مبرمج على تعطيل المصالح مش هتفاجأ!

واليوم وأنا أكتب  من سرير المرض، أريد وأن  أوجه لها رسالة "يا آنسة مينفعش مفيش حد هيفتقدك لو مشيتي، لأن النجاح محتاج ناس بتساعد مش بتعرقل، وكرسي الحسابات اللي إنتي قاعدة عليه، مش عرش فرعوني! افتحي نافذة الرحمة شوية.. الدنيا مش مستاهلة! صدقيني لن يعتب عليك أحد وأنتي تعطلين مصلحة حكومية عابرة ولكن أن تقومي بتعطيل إجراءات مريض فلابد من تحويلك لمستشفى الأمراض النفسية وهي ليست بعيده من عملك فهي علي بعد خطوات من مكتبك.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة