الأحد 23 مارس 2025

ثقافة

نساء فى الإسلام( 22 ــ 30)| «أسماء بنت يزيد».. سيدة البيان والفصاحة

  • 22-3-2025 | 16:49

أسماء بنت يزيد

طباعة
  • همت مصطفى

في أروقة التاريخ وإشراقة الحضارة، تتلألأ صور «نساء الإسلام» كنجومٍ سطعت في سماء الإيمان والعطاء، خلدهن إيمانهن و مواقفهن القوية دفاعًا عن ديننا الحنيف ينشدون ثواب الآخرة والهدى للبشرية كلها فتركن أثرًا كبيرًا محفوظًا في ذاكرتنا ووجداننا وهدى وبوصلة لنا في الطريق.

ومع بوابة «دار الهلال» في أيام شهر رمضان الكريم لعام 1446 هجريًا  نقدم كل يوم حلقة من سلسلة «نساء في الإسلام» لتأخذنا إلى عمق النفوس، حيث تتجسد شجاعة المرأة وعزمها في مواجهة تقلبات الزمان، في كل حلقةٍ، نكتشف حكاياتٍ نسجت بخيوط العزيمة والإيمان، رسمت بمسحاتٍ من النور ملامح الحضارة الإسلامية هنا، يتلاقى الجمال الروحي مع القوة الإنسانية، وتنبثق من رحم التحديات أروع معاني التضحية والكرامة، لتكون المرأة ركيزة لا غنى عنها في بناء حضارتنا وإرثها العريق.

ولقاءنا في اليوم الثاني والعشرين من رمضان 1446 هجريًا الموافق 22 مارس 2025 ميلاديًا مع الصحابية الجليلة..خطيبة النساء أسماء بنت يزيد «رضي الله عنها»

السيدة أسماء بنت يزيد بن السكن بن رافع بن امرئ القيس بن عبد الأشهل الأنصارية الأوسية الأشهلية، هي من الصحابيات الجليلات، و نسَبها يلتقي مع نسَب الصحابي سعد بن معاذ رضي الله عنه في جدّهما امرئ القيس بن زيد بن عبد الأشهل .

 أسلمت السيدة أسماء بنت يزيد، في العام الأول للهجرة و أسلمت على يد الصحابي مصعب بن عمير «مصعب الخير»، كما ذكر ابن سعد صاحب الطبقات عن عمرو بن قتادة رضي الله عنه قال: أول من بايع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ــ  أم سعد بن معاذ كبشة بنت رافع، وأسماء بنت يزيد بن السكن، وحواء بنت يزيد بن السكن ،وكانت أسماء بنت يزيد  تعتز بهذا الحدث و تسابقها إلى المبايعة فتقول: «أنا أول من بايع رسول الله ــ صلى الله عليه وسلم».

 سفيرة النساء إلى رسول الله ﷺ

وعرف عن السيدة أسماء بنت يزيد، أنها كانت  وافدة النساء إلى المصطفى رسول الله ــ صلى الله عليه وسلم ــ واتسمت بالكثير من الملامح  والصفات الحميدة ومن أهم ملامح شخصيتها الجرأة في الحق، وحسن المنطق والبيان والشجاعة فقد كانت تسأل رسول الله أحكام دينها عن الحلال والحرام، وهو يتعجب من حسن بيانها وشجاعتها، و من ثم عرفت السيدة أسماء بنت يزيد، بـ  «خطيبة النساء» لأنها كانت تدافع عنهن وتسأل عن حقوقهن .

المؤمنة الصابرة 

نشأت السيدة أسماء بنت يزيد  في أسرة عُرف أفرادها بالتضحية والجهاد، فأبوها هو يزيد بن السكن بن رافع الأنصاري الذي استُشهد في غزوة أُحد، وفي تلك المعركة أثخنت الجراح زياد بن السكن عم أسماء، كما استُشهد في المعركة ذاتها أخوها عامر بن يزيد بن السكن، الذي جعل جسده ترسًا يدافع به عن رسول الله ــ صلى الله عليه وسلم؛ فنال الشهادة في سبيل الله. ومن قوة إيمانها وصبرها أنه لما بلغها استشهادهم خرجت تنظر إلى سلامة رسول الله وهو قادم من أُحد ، وعندما رأته سالمًا قالت «:كل مصيبة بعدك جلل» «أي هينة».

مشاركة في الغزوات والمعارك

وشهدتْ السيدة أسماء بنت يزيد غزوة الخندق وغزوة خيبر، و خرجت مع رسول الله في غزوة «الحديبية»، و بايعت «بيعة الرضوان»، وفي السنة الثالثة عشرة للهجرة خرجت رضي الله عنها إلى بلاد الشام حيث شاركت في معركة «اليرموك»، وكانت تشارك مع النساء بسِقاية الجرحى وتضميدهم، وفي ضرب مَن يَفِرّ من المعركة من جنود الإسلام، ومن قصص شجاعتها أنها اقتلعت عمود الخيمة وراحت تضرب به رؤوس الروم حتى قتلت يومها تسعة من جنودهم.

أوّل معتدّة في الإسلام

ونزلت في  السيدة أسماء  بنت يزيد آية حكم عِدّة المطلقات  فقد أخرج أبو داود والبيهقي في سننه عن أسماء بنت يزيد قالت: طُلقت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يكن للمطلقة عدة»، فنزل قول الله تعالى: ﴿ وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ ﴾  سورة البقرة: 228، فكانت أسماء أوّل معتدّة في الإسلام.

روت السيدة أسماء بنت يزيد، نحو 81 حديثًا، وروى عن «أسماء» ثلة من أَجِلاّء التابعين، كما روى أصحاب السنن الأربعة.. أبو داود والنسائي والترمذي وابن ماجه، والبخاري في الأدب المفرد.

وذكر بعض المؤرخين أن أسماء بنت يزيد توفيت في سنة 69 هـ في خلافة عبد الملك بن مروان، وقيل أنها توفيت في حدود السبعين هجرية، وقبرها في دمشق بالباب الصغير، رضي الله عن الصحابية الجليلة أسماء بنت يزيد «خطيبة النساء» ورسولتهنّ إلى المصطفى  رسول الله  ــ صلى الله عليه وسلم ــ، وأرضاها.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة