24-3-2025 | 11:34
هبة عادل
شهير هو المثل القائل :" ضل راجل ولا ضل حيطة " ، و كثيرة هي الفتيات اللاتي تعملن بهذا المثل ، فالازلنا في مجتمع تحكمه العديد من العادات والتقاليد التي قد تفرض الكثير من شروطها على اختيارات الفتاة بل وعلى رسم طريقة حياتها أيضا، ولكن هل يمكن أن تدفع امرأة حياتها نتيجة هذا السير الخاطئ وراء هذا المثل ؟ الحقيقة .. نعم ، وقد تجد إنسانة نفسها وقد خسرت في يوم واحد الأب والأخ والزوج و الإبن ، فهل يمكن أن تطاق مثل هذه المشاعر؟ وهل يمكن أن تتحملها كرامة ونفسية وعواطف امرأة ؟ هذا الجدل هو ما عاشته بالفعل" زينب" أو النجمة " ياسمين صبري" في حالة من النضج الفني الذي فرضته عليها حبكة الشخصية بخطوطها وخيوطها المتشابكة والمكتوبة بعناية فائقة من خلال المسلسل الرمضاني الذي قامت ببطولته هذا العام بعنوان ( الأميرة _ ضل حيطة " والذي جاء من الأعمال الجيدة والمميزة جدا وسط الزخم بل الصخب الذي نشهده خلال هذا الموسم الدرامي في شهر رمضان ٢٠٢٥ ، ليحسب ضمن الأعمال المهمة على مستوى الكتابة والتمثيل والإخراج ، ففي ظل المناخ الداعم للمرأة المصرية والذي يؤكد على دورها الإيجابي والفعال في المجتمع ، نجد بعض الرجال الذين ما زالوا يحاولون الإيقاع بالمرأة في براثن نظام ذكوري عفا عليه الزمن ،أو هكذا يجب أن يكون ، لتأتي مثل هذه الأعمال التي تصون كيان و كرامة المرأة المصرية وتساعدها في أن تنتشل نفسها بنفسها من الوقوع في خداع بعض المرضى النفسيين بالإيهام بالحب أو حتى الزواج .
الأميرة _ ضل حيطة ،، عمل يدق ناقوس الخطر و أجراس الإنذار، حيث يتناول المسلسل قصة فتاة هي زينب أو ياسمين صبري ، و هو بالمناسبة مأخوذ عن قصة حقيقية ، لفتاة جميلة ، ناجحة في عملها ، من أسرة محترمة ، لها شقيق واحد متزوج ولديه طفل ، أما هي فتصر على اختيار شريك حياتها بما يرضي عقلها وقلبها وفي هذا الاطار ترى والدتها التي قامت بدورها النجمة وفاء عامر.. ضرورة الإسراع في اختيارها لزوجها خشية أن يمر العمر دون أن تجد ما تحلم به ، ولذلك وعندما يظهر في حياتهم المحامي الوسيم الثري الذي يلتف حولها بالإغداق المادي بل والعاطفي ايضا، فتنبهر الأم والأسرة كلها حتى الأب والشقيق ويضغطون على زينب لتوافق على الزواج منه ، وقد استمالها عاطفيا هو الأخر بدوره حتى وقعت في شباكه وتزوجته، لتصحوا بين يوم وليلة لتجد نفسها داخل سجن سيطرته الجنونية ، حتى أنه يقدم بالنيابة عنها استقالتها من عملها دون علمها ويحرمها من زيارة أهلها تماما ويقطعها من صديقاتها على الإطلاق ويلغي كل كيانها وشخصيتها بمجموعة من التصرفات التي تبلغ حد الجنون ، و في الوقت نفسه يغدق عليها بالهدايا الثمينة والسيارات الفارهة والفيلات ، وهي تعترض طوال الوقت على تصرفاته وأفعاله، أما هو فيضغط عليها بوجوب الموافقة على كل ما يأمر به وإلا يهددها هي وأسرتها كونه محامي شهير له نفوز و علاقات ، في الوقت نفسه إحدى صديقاتها وهن ثلاث فتيات قامت بأدوارهن( مها نصار وهاجر الشرنوبي و غفران محمد ) لتأتي مها نصار في دور الصديقة الغيورة جدا من صديقتها والتي تخطف بالفعل زوجها منها وتوقع بينهما وتكرهه فيها ،فتصل الأمور لدرجة أنها وبعد وضعها طفلهما الأول، يبدأ في كراهيتها ويتم بالفعل طلاقهما ويخطف ابنها ويحرمها منه بل و من حزن والدها عليها يقع مصابا بجلطة و شلل وعندما يتدخل شقيقها في الموضوع يتهمه زورا بأنه حاول التعدي عليه و يسجنه ، فتجد" زينب" نفسها بين يوم وليلة وقد خسرت زوجها وابنها وابيها وشقيقها، في دوامة من العقوبات المتتالية عليها لمجرد المطالبة بحقها في التواصل مع عملها وأهلها وأصدقائها ، حتى بلغ به الأمر أن يخدعها بأنه أشترى لها فيلا وبينما هي تمضي عقد الشراء ، فايذ بها تمضي له توكيل قام بموجبه بسحب كل ما كان قد أهداه أو كتبه لها ،لتجد نفسها دون اي مورد رزق وقد تحطمت حياتها تماما ، وبعد فترة من المعاناة و الانهيار ، تلجأ لطبيبة نفسية هي النجمة " رانيا فريد شوقي" التي قامت بحل عقدة العمل كله ومن خلال جلستها معها تشرح لها نفسية هذه النوعية من الرجال و شخصية الرجل النرجسي أو ما يعاني بما يسمى في الطب النفسي بإضطراب الشخصية النرجسية أو حسب التعبير الذي بات شائعا الأن" الشخصية التوكسيك" أو السامة ، التي تدخل حياة المرأة لتسيطر عليها تماما وإلا تدمرها وتحطمها تماما ، وعندما تستفيق" زينب" لنفسها بوصفة الطبيبة النفسية وتتقوى وتعمل كمذيعة وتنجح، فيجن جنونه بالفعل وعلى جانب أخر تتفق مع رجل الأعمال هارون أو النجم" نضال الشافعي" والذي بينه وبين طليقها أعمال مشبوهه وغير مشروعة ، فتستخدمه زينب بالحيلة كسلاح بدوره للإيقاع به ، وبالفعل تقوده في نهاية العمل عبر خدعة وأنه ، أى الزوج، قد نجح في إصلاح ما بينهما ، لتسجل له وتقدم هذا التسجيل للشرطة وبه اعتراف بأنه خدعها وزور وزيف ، بل و عليه قضايا كثيرة في سلب الأموال من المودعين لديه في عمليات من النصب التي تصل به في نهاية العمل إلى السجن ، والحقيقة وإلى جانب رسالة العمل المهمة والتي تحذر الفتيات من التسرع في اختيار الزوج دون السؤال عنه و عن ماضيه بدقة و إطالة فترة الخطوبة و التعارف وعدم خداع النفس بالمظاهر الجذابة الخارجية، بل وهي رسالة أيضا للأسر التي تنجرف وراء ثراء العريس أو مواصفاته الخارجية فقط ، فضلا عن رسالة التوعية للمرأة التي تعيش هذه المأساة القاسية و كيف تقوي نفسها و تتغلب على محنتها و تتعامل معها و مع نفسها لتكمل حياتها بشكل سوي ، بجانب هذا وعلى الصعيد الدرامي قدم العمل من خلال حبكة مثيرة وأحداث مشوقة صاغاها بعناية الكاتب المتميز محمد سيد بشير و أجادت إخراجها وإخراج كافة تفاصيلها المخرجة الكبيرة شيرين عادل والتي طالما عنيت بتقديم قضايا المرأة وقدمتها في أحسن صورة حتى اننا وجدنا ياسمين في حالة من النضج والتطور الفني ولم تقف عند مرحلة الفتاة الجميلة فقط ولكنها تفوقت على نفسها بأداء رائع لشخصية الزوجة المقهورة ، ثم المرأة القوية التي تثأر و تنتصر بذكاءها في النهاية ، أما الفنان " نيقولا معوض" البطل الذي قام بدور الزوج، فقد أتقن دور الشر إلى درجة استفزت الجمهور إلى أقصى مستوى بأداء منفر للغاية ليقنعنا ببشاعة هذه الشخصية ، فيما يعرف دراميا ب "الشر الفاقع" إذا جاز التعبير ، فيما جاء أداء وفاء عامر في دور الأم المصرية..أداء صادق جدا ،كذلك الفنان عزت زين الذي لعب دور الوالد الضعيف بشكل مقنع جدا والفنان عابد عناني في دور الشقيق وزوجته الفنانة هند عبد الحليم ووالدتها النجمة هالة فاخر و قد أجادوا جميعا في تقديم أدوارهم ، فضلا عن دور الصديقات وعلى رأسهن" مها نصار" في دور الصديقة الغيورة الشريرة وهو دور يحسب لها ، أداء الشر فيه جاء أيضا مستفزا كما ذكرنا ، وكان من أهم أقطاب العمل الفنانتين هاجر الشرنوبي وغفران محمد و كذلك الفنان الشاب أحمد جمال سعيد في دور متميز ، وفي ختام حديثنا عن هذا العمل الجاد والذي نحن في حاجة إلى العشرات منه حيث أنه عمل هادف بمعنى الكلمة ، يجب أن تجدر الإشارة بقوة إلى تتر المسلسل من غناء المطربة " جنات" تأليف وأشعار "حسام طنطاوي" ولحن وتوزيع" معتز أمين" في كلمات متميزة بالفعل و جاءت معبرة تماما عن مضمون العمل حيث يقول مطلع الأغنية:
" زمان شافني هدف مش سهل يوصله _حلم بيا وعاش يتمنى أقرب له _ ومن إلحاحه خلاني أفكر ليه ما أكونش معاه _ بدأ يحتل وجداني _ بدأت أحسه وأستناه _ و اتاري الكذب فيه غية _ عاوزني جنبه ملغية _ سرق مني حياتي عشان _ يعوض نقصه بأذية " .
وإلى هنا نتوقف عند كلمات الأغنية المعبرة التي جاءت لتكلل عمل مهم يحسب لأعمال رمضان ٢٠٢٥ المهمة والناجحة .