شهد تاريخ الحضارة الإسلامية العديد من العلماء البارزين الذين قدموا إسهامات كبيرة في مجالات معرفية متنوعة مثل: العلوم التطبيقية، الدينية، اللغوية، الفلسفية، الطبية، والاجتماعية، وقد أسس هؤلاء العلماء قواعد ومناهج علمية راسخة في أبرز العلوم التي استفاد منها الإنسان على مر العصور وحتى يومنا هذا.
وفي سلسلة خاصة تقدمها بوابة «دار الهلال» خلال شهر رمضان المبارك، سنستعرض يوميا أحد هؤلاء العلماء المسلمين المبدعين ونلقي الضوء على إسهاماتهم العظيمة في مختلف ميادين المعرفة.
نبدأ في حلقتنا الأولى بالتعرف على أبرز علماء اللغة العربية والأدب، الذين قدموا أعمالاً قيمة أثرت هذا المجال وأسهمت في تقدمه.
كُرَاعِ النَّمْلِ
أبو الحسن علي بن الحسن بن الحسين الهُنَائِي المشهور بـ كُرَاعِ النَّمْلِ، هو لغوي ونحوي (توفي سنة 316 هـ وقيل 307 هـ و قيل 310 هـ)، وينتسب إلى هناة بن مالك بن فهم بن غنم بن دوس بن عدثان بن عبد الله بن زهران الأزدي الدوسي.
سمي بكُرَاع النَّمْل لدمامته وروايات أخرى تقول بسبب قصره، وسكن الهنائي مصر وأخذ علم اللغة عن أهل الكوفة والبصرة، ولم يكن كُرَاع النَّمْل واسع الثقافة متعدد المعارف على عادة علماء عصره، وإنما قصر نفسه على الدراسات اللغوية وفقه اللغة والمعاجم.
يتردد اسم كُرَاع النَّمْل وأسماء مؤلفاته عشرات المرات في أمهات كتب اللغة، كالمحكم ولسان العرب، وكثيرًا ما تقف الرواية عند كُرَاع النَّمْل، ويكون هو أعلى مصدر لها تُنسب إليه، وكتابه المنتخب لا يقل شأنًا عن مصنف أبي عبيد الذي قضى في تصنيفه أربعين سنة، وترجع أهمية هذا الكتاب إلى أنه اشتمل على مفردات بمعان مروية عن كُرَاع النَّمْل في كتب اللغة، ويدل هذا على أنه يُعد مصدرًا من مصادر اللغة الأولى.
وقال عنه العالم والباحث السعودي حمد الجاسر: رغم أن جُـل مؤلفاته مفقودة إلا أن أمهات كتب اللغة تحوى منقولات كثيرة جداً منها.
ومن مؤلفاته في اللغة والنحو: الأوزان، المجراد، المنجّد أو المُنَجَّد في اللُّغَة، المنضّد أو المنضّد في اللغة، المجرّد أو مجرّد الغريب، وهو اختصار للمنضد، المجهد، وهو اختصار للمجرد، المنتخب أو المنتخب من غريب كلام العرب، أمثلة الغريب أو أمثلة غريب اللغة أو أمثلة الغريب على أوزان الأفعال أورد فيه غريب اللغة، المصحف، المنظم، المنتظم، لهجة في اللغة.