في خطوة استهدفت معظم دول العالم، جاءت قرارات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمس بإعلان الرسوم الجمركية، لتثير حالة من القلق عالميا بشأن تداعياتها ليست فقط الاقتصادية ولكن السياسية، حيث تتباين الرسوم الجمركية لتبدأ من 10% على الواردات من بعض الدول وتصل حتى 49% على دول أخرى.
الإجراء الذي وصفه ترامب بـ "يوم التحرير"، أعلن عنه في مؤتمر صحفي، أمس الأربعاء، بعنوان "استعادة ثراء أمريكا" بالبيت الأبيض، ليقر رسومًا جمركية على 184 دولة وجزيرة وإقليماً، بخلاف دول الاتحاد الأوروبي الـ27، حيث تباينت التعريفات الجمركية الجديدة وكانت أقلها بنسبة 10% كالضريبة على الواردات من المملكة المتحدة ومعظم الدول العربية.
وتباينت الرسوم على بقية الدول التي لها تعاملات اقتصادية كبيرة مع الولايات المتحدة، حيث شهدت كولومبيا النصيب الأكبر من التعريفات التي بلغت 49%، وكذلك فيتنام بنسبة 46%، أما الصين بلغت قيمة الرسوم الجمركية عليها 34%، وكذلك 20% على دول الاتحاد الأوروبي، أما إسرائيل جاءت الرسوم الجمركية المفروضة عليها بنسبة 17%، وتركيا 10%.
وقال ترامب: "لم يعد العجز التجاري مجرد مشكلة اقتصادية، بل أصبح حالة طوارئ وطنية"، مشيراً إلى عجز تجاري أمريكي بقيمة 350 مليار دولار مع الاتحاد الأوروبي.
تداعيات سياسية
ومن جانبه، قال الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية، إن القرارات الأمريكية الأخيرة المتعلقة بفرض الرسوم الجمركية تحمل تداعيات خطيرة على الاقتصاديات العالمية، لا سيما في المنطقة العربية، موضحا أن هذه الإجراءات غير مدروسة وتعكس توجهًا عدائيًا من الإدارة الأمريكية بقيادة الرئيس دونالد ترامب تجاه العديد من الدول.
وأكد فهمي، في تصريح لبوابة "دار الهلال"، أن ترامب يرفع شعار (أمريكا أولًا)، مما يدفعه إلى اتخاذ قرارات اقتصادية تؤثر بشكل مباشر على الدول الشريكة والصديقة، موضحا أنه على الرغم من استثناء مصر والأردن من بعض الإجراءات الخاصة بالمساعدات، فإن إلغاء المساعدات للجامعات الخارجية والوكالات الدولية سيؤدي إلى تأثيرات مباشرة حتى على الاقتصاد الأمريكي نفسه.
وأشار إلى وجود مخاوف داخل الولايات المتحدة بشأن انعكاسات هذه السياسات على العلاقات السياسية الدولية، وترامب يطبق برنامجه ومشروعه، والرسوم الجمركية تستهدف بالأساس الاقتصاديات الأكثر ارتباطًا بالولايات المتحدة، مؤكدًا أن هذه القرارات ذات طابع اقتصادي في الظاهر، لكنها تحمل أبعادًا سياسية تؤثر على نمط وتوجه العلاقات الأمريكية مع الدول المستهدفة.
وأوضح أن الهدف من الرسوم هو الاقتصاديات الكبرى لتصويب مسار الاستثمارات من وإلى هذه الدول، والتجارة البينية مع الدول الأوروبية والصين، فالصين ستكون من أكثر الدول تضررًا، ولكن نظرًا لطبيعة اقتصادها المندمج والمتكامل مع الاقتصاد الأمريكي، فإن التأثير قد لا يكون بالحجم المتوقع، لكنها مستعدة.
وأكد أن ترامب يرفع شعار "نفقة، تكلفة، عائد،"، أي تحرك من الإدارة الأمريكية من إلى وإلى الاستيراد والتصدير لا بد أن يكون لصالح الأمريكي، محذرا من أن هذه السياسات قد تؤدي إلى توترات في العلاقات بين واشنطن والاتحاد الأوروبي، خاصة فيما يتعلق بصفقات الأسلحة واتفاقيات التجارة الثنائية.
ولفت إلى أنه من المبكر اعتبار تلك الرسوم الجمركية بداية لحرب تجارية، لأن الولايات المتحدة لا يمكنها مواجهة العالم في إطار حرب تجارية، لكن هذه الإجراءات قد تمثل تحديًا للاتفاقيات التجارية الدولية وتؤثر على وضع الولايات المتحدة الأمريكية في ميزان التجارة العالمي، لأن ذلك مخالفة للاتفاقيات التجارية وخاصة الثنائية بين واشنطن وعدة أطراف، ما قد يؤدي إلى تصعيد اقتصادي وسياسي في المستقبل.