إن الهوية الحضارية من أهم السمات المميزة لأى مجتمع تجسد طموحاته وتبرز معالم تطوره، وقد اتسمت قبائل غرب مصر، بهوية حضارية وروابط حياتية مشتركة، وتعرف الهوية بأنها البوتقة التي تجمع المفاهيم والقيم والمبادئ لجماعة معينة فجاءت إنجازاتها معبره عن تلك الثوابت وقد ارتبطت حياة قبائل غرب مصر بالاحتفالات التي كانت خير وسيلة للقاء أبناء القبائل وقد ظهرت في احتفالات تلك القبائل العديد من المتشابهات مع المظاهر الاحتفالية في حوض البحر المتوسط وشمال إفريقيا فعلى سبيل المثال انتشرت السلاميات وهي قصائد احتفالية صوفية تنسب إلى زوايا الطريقة الأسمرية أتباع الشيخ عبد السلام بن عثمان الأسمر وقد انتشرت زوايا الأسمرية بطول صحراء مصر الغربية حيث استخدمتها قوافل التجارة والحج كدليل على الطريق.
وانتشرت كذلك المظاهر الاحتفالية في مضارب العرب حيث اعتبرت مضارب العرب على طريق القوافل المغربية والمصرية ، مراكزا للعلاج يستأنس بها التجار والحجاج بمجرد وصوله اليها من أجل الراحة والتبادل التجاري مثل عقبة السلوم وجرت العادة علي أن تدق الطبول والصنوج والبوقات.
فإذا نزلت القافلة على أرض قوم خرجت عواقلهم مرحبين وأقيمت الولائم والاحتفالات ونصبت الأسواق.
وعرف عن المرأة البدوية اهتمامها بالاحتفالات ومشاركتها فيها وكذلك حبها وشغفها باقتناء الجواهر فاقتنت المرأة الكثير من الجواهر وحرصت علي زينتها فارتدت الأقراط والقلائد والخلاخيل والأساور والدويرة والخواتم المزينة بالياقوت والفصوص والأحجار الكريمة مثل اللؤلؤ والزمرد والزبرجد والياقوت سواء الأحمر أو الأصفر أو الأزرق والقلائد والدمالج والشنوف الذهبية والفضة و(خلخال اللجين).
اعتبرت الحناء من أهم ما تتزين وتتلون به المرأة حتي أن هذا الاهتمام بالحنة وصل لاعتبارها رمزا ومظهرا من مظاهر الاحتفال والبهجة في الأفراح والأعراس وكافة المناسبات السعيدة، وحرصت المرأة علي استخدام مكونات طبيعية من البيئة سواء تعلمتها أو كانت ثقافة وافدة عليها بحكم التغييرات في مواطن الاستقرار في التجميل وتنظيف البشرة فصنعتها من بعض الأعشاب وأنواع الصباغة لصباغة شعورهن باللون الأسود علي سبيل المثال استعملوا هذه المكونات المكونة والكريم المصنوع من زيت الخروع والزيتون والصبار واستخدم أيضا الكركم في دهن الجسم وماء الورد وبعض الوصفات لعلاج بعض الأمراض الجلدية مثل النمش والعطور المختلفة المستخرجة من الليمون والزهور وبعض الحشائش ذو الرائحة الزكية واستعملوا الملح والصابون من أجل تنظيف الأسنان والبدن.
-احتفالات الزواج عند قبائل غرب مصر (قيم ثقافية وضوابط تعبر عن مدي الترابط بين -سكان غرب مصر).
تشابهت عادات الزواج بين سكان غرب مصر إلى حد كبير ابتداء من مراسيم الخطبة ورؤية الفتاة عن طريق إحدى السيدات وصولا للتوفيق بين العروسين كان يقوم بهذا الدور النساء الذين يمتهنون مهن بيع الملابس والماشطة كما وانتشرت عدة طرق لإتمام الزواج عن طريق التعارف والمجالس الخاصة بالنساء سواء العلمية أو الاجتماعية وكذلك الحمامات الخاصة بالنساء فكان للمرأة دور في التقريب بين العائلات من أجل الزواج والشوار بتجهيز العرائس والذي كان يتباهي به الحكام والأعيان فكان كل يتباهي بما جهز به ابنته وما جلب لها من العطور والجواهر ومن الأمثلة الدالة علي هذه العادة انتشار المثل الشعبي "حليني وإلا تخليني " ويبدو أن هذا التقليد عرف في مصر مبكرا. أما الاتفاق علي شروط الزواج لإتمامه فكفل المجتمع للمرأة والرجل كافة الحقوق ولم يغفل عن أى منها بل إن عقود الزواج اشتملت على شروطا كانت تضعها المرأة المغاربية امتثالا للتطور الحضاري والعرف الذي أعطى تلك المرأة الحرة كل الحق علي زوجها بتلبية كافة شروطها كتابة أو شفاهة ولم يعتبر الرجل هذا انتقاصا من قدره بل اعتبره شرعا وتقليدا واجب التنفيذ وموروثا وشكلا طبيعيا بالمجتمع.
من العادات الأخرى التي ارتبطت بالزواج تجهيزاته والاستعداد لحفلة الزواج مقسمة علي عدة أيام منها يوم لخروج العروس للحمام قبل عرسها لها ولأقاربها وكان للحنة رمزية ترتبط ارتباطا خاصا بالزواج من أجل تزيين المرأة بها وإرسال الهدايا ومنها السكر في شكل قالب هرمي والبيض لما لهما من رمزية مرتبطة بطقوس الزواج والتي يحرص الزوج علي إرسالها لبيت العروس والغناء بهدف الإعلام بإشهار الزواج وإقامة الولائم المتمة للزواج بالإتفاق بين أهل العروسين مع إدخال البهجة وتقام الحفلات ومجالس الطرب بحضور أهل العريس والأقارب وتقديم أشهي الأطعمة وإذ يحرص كل من العروسين على ارتداء الملابس التقليدية ذات المزيج المغربي والأندلسي اعتزازا بهويتهم وتراثهم العريق فيرتدي العريس الجلباب الأبيض والطربوش أو الشنة الحمراء أما العروس فترتدي القفطان المطرز مهما اختلفت الطبقات الاجتماعية.
وقد ارتبطت الاحتفالات بالمأكل والمشرب فإن إعداد الطعام والشراب موروث حضاري شكل عنصرا هاما من مظاهر حياة المجتمعات وتطورها ورقيها عبر العصور فتشابهت مطابخ وأصناف الطعام بين نواحى غرب مصر ولعل السبب في ذلك يعود إلى تأثير المطبخ الأندلسى عن طريق الأندلسيين والمغاربة الذين انتشروا في إقليم غرب مصر واشتهرت قبائل غرب مصر بتجارة منتجات النحل اعتمادا على واردات إقليم برقة فقد اعتنوا بتربيته حتى أصبحت أسواقها نزخر ببيع العسل وما يتبعه من استخراج الشمع وصنع الخلايا والتمور والتوابل والزيت وخاصة زيت الزيتون ، واستخدم الدينار والدرهم كعملة أساسية بين القبائل وفي أحيان أخرى المقايضة.
أما أمثلة الأكلات الشهيرة التي انتشرت في احتفالات البدو الجبنة المقلية والملوزة والبسكوشو والكعك بأنواعه والدجاج المقلي وأنواع اللحوم المشوية والعصيدة فمن عاداتهم بيع أصناف المكسرات والكعك وانتشرت أصناف المروج وأطعمة الأسفراج والتفاية وتقلية زرياب والمجبنة والكنافة وأكلة الصنهاجي والشباكية (المشبك) المغربية والمشهدة(النصبة) والمدائن والقانق والثريد واللمزة والبسيسة والحريرة والطنجية المراكشية والبسطيلة والمري النقيع وعجينة الخردل وكثر استخدام الخل واللوز الحلو المقشر مع الشواء والأطعمة الدسمة والرمان الحامض والسفرجل وبعض أنواع الأشربة المفيدة للجسم مثل النعناع وشراب العسل مع القرفة والزنجبيل وشراب الجلاب (الذي يتم تحضيره بماء الورد مع السكر أو العسل) والكسكسي أشهر أكلاتهم سواء الحادق والحلو في غرب مصر التي عد كمرآة حضارية مشتركة بين سكانه تعكس الترابط والتشابه ولبساطته وقيمته العليا يصنع الكسكس ووجود الكسكس مرتبط بزراعة القمح وهو من المحاصيل التي انتشرت زراعتها ببلاد الأندلسيين وسكان الشمال الأفريقي وفى مصر بأسمه المغاربى وعرف في بعض النواحي باسم المبروم وأصبح مكونا رئيسيا علي مائدة المصريين خصوصا في احتفالات السبوع فنجد أن أهل الصعيد فضلوا الاحتفاظ بالوصفة الرئيسية فى أكل الكسكسى وحل محل الخبز والأرز كوجبة رئيسية وتم تناوله مع الخضروات أو اللحم واشتهر فى الدلتا مع البط أو الأوز ومن تلك المؤثرات الحضارية انتقال وتقليد أهالي الإسكندرية لكسكسي ألمرية الحلو الذي تميزت به الإسكندرية وأضاف السكندريون إلى (الكسكسى) لمستهم فأضافوا إليه السكر والزبيب والمكسرات إلى جانب اللبن وعرفت مهنة بائع الكسكسي والبليلة في الإسكندرية علي مدار تاريخها وبعد مضي أكثر من ستمائة عام علي نزول الأندلسيين والمغاربة الإسكندرية لا تزال الإسكندرية متفردة علي مستوي أقاليم مصر بوجود محلات لبيع الكسكسي ومن العرض السابق يتضح للجميع أن المطبخ المغربي غني ومميز بمكوناته الشهية والثرية التي تساهم في المحافظة علي الصحة العامة وتقوي أجسادهم بإضافة التوابل والأعشاب والإضافات المزينة لأطباقهم ذات الطعم والرائحة المميز مثل اللوز وعين الجمل والبندق والزعتر والريحان وغيرها وهي إضافات غنية جدا تضيف نكهة ولون للطبق المغاربي والتي ما تزال موروثا بين أهله حتي الآن. المــــلابــس وارتبطت ملابس سكان غرب مصر بالاحتفالات وشاع استخدام اللون الأبيض وذلك لعكس حرارة الشمس وقد انتقل هذا اللون من الجزيرة العربية إلى الأندلس وعرف عرب الشام ومصر الملابس الكتانية وطور الأندلسيون كل أنواع الملبس سواء الخاص بالمرأة أو الرجل مع إدخال بعض التغييرات ذات المذاق الفني المنسوج بفكر وخيال الفنان الأندلسي وقد عرف الأندلسيون والمغاربة أنواعا مختلفة من الألبسة مثل الجرد.
والقفطان والبرنوس والشاشية والدراعة والثياب الصوفية والأصواف الخام وكذلك المصنوعات المعتمدة على الجلود البقرية والنمور والتي لم يتوقف رجال قبائل غرب مصر علي تسويقها داخل مصر إنما صدروها للشام والحجاز.
- العبــاءة والكشابية والبــرنوس هي ملابس محلية قديمة ترجع في أصلها إلى التراث الأمازيغي، بعضها ليبي، والآخر مغاربي.
-(الحولي) المنسوج بواسطة النول من الحرير أو صوف الخروف الناعم والبالغ للحول، تراث مختلط بمزيج النول الطرابلسي الليبي وبخيوط حرير صيني كانت تستورد من الصين في الفترات العثمانية.
-(الزبــون) و(الفرمــلة) والبنطلون المزخرف (لبـاس الكــاط المتكامـل) لباس القناصل وقادة الكوارغلية والاغاوات والبكاوات ورياس البحر، تراث بلقاني أصله من البلقان..
الكــــــاط / طقم تركي، ويعني الدور لأن الألبسة تتألف من عدة أصناف/أدوار. ولاتزال كلمة kat مستخدمة بتركيا إلى اليوم. -(السورية) القصيرة والنصف، لبسة يهودية من ألبسة اليهود الليبيين..
وكانوا مشهورين بها في وقت كان فيه بقية المواطنين لا يفضلون إجمالا سوى ارتداء الحولي والجرد، وأحيانا على اللحم. (اللثـــام) توارقي -(الزمالة) لباس رأس عربي -(العقـــال) لباس البادية المندثر بالجبل الاخضر؛ أصله مشرقي من العراق وكردستان والشام والحجاز.
-(البوسكــل طربـوش عثـماني بالشـنوارة) لازال يستخدم في الحفلات وأغاني المالوف؛ كولوغلي التقليد ، والشـنوارة - شنـة + نـوارة؛ لها مغزى يعكس مدى مرتبة الشخص. (الشنة الحمراء) تونسية تركية وصلت بنغازي قبل قرنين، عن طريق التجار الجرابة والصفاقسية كما شاهد أحد المؤرخين الألمان.
(الطاقية) فارسية تركية من طاق. (السروال) فارسي من تشروال/شلوال. والسروال المشمر، يهودي من تونس كما حرصت المرأة في غرب مصر علي اظهار الجمال والسترة في نفس الوقت أثناء الاحتفالات فجاءت ملابس النساء خليط ما بين الملابس الأمازيغية كـ(الــردي) وهو لباس مشترك لدى أغلب نساء الإقليم بمختلف طبقاتهن وأعراقهن، إلا أن تفاصيله تختلف من منطقة/فئة إلى أخرى. (حــولي الحصيرة) وجميع أنواع الحولي والردي النسائي هو (رداء أمازيغـي) (الشاش) نسيج مستجلب من بلدة جاج بتركستان.
(الحـــدوة) حــدوة الفـرس، تقاليد عربية – بدوية، من الاعتقاد بجلب الخير من نواصي الخيل، رغم معرفة جميع الشعوب القديمة بها. (الصالحــة) على الرأس، بنجمة داود السداسية، تقاليد يهودية. (الخميـسـة والحــويتة والقــرين) تعويذات بونيقية قديمة ترجع إلى عهد الدولة القرطاجية بالأف الأولى ق م. (الفراشـيــة) لباس محلي عتيق، أصله تونسي من جربة، تشتهر به طرابلس ومصراته، ويستخدم بصفة رسمية في مدن ساحل غرب ليبيا، ويعتقد الباحثون أنها من زمن معامل النسيج الجربي في العصر الفينيقي (التسـتمال) ربطة أعلى الرأس، التي كانت النساء إلى وقت غير بعيد، يقمن بعقدها على رؤوسهن؛ (التستمال) تركية تعني ورقة حرير، لاستعماله كغطاء حريري على رأس العروس. (الفرملة) وهي لباس بلا أكمام تلتبس تحت الحولي النسائي أو الزبون الرجالي، شهيرة بين الرجال والنساء في طرابلس وعدد من المدن الساحلية، وهي سترة أناضولية شعبية تعني بالعربية صديري، وأصلها بالأناضولية فرمنة. تحولت في العامية لدينا إلى فرملة. (الكردية) سترة نسائية شعبية كردستانية، استقرت بين بعض العوائل بالمدن خلال القرن التاسع عشر.
(الحـزام – حـزام الذهـب وحـزام البوشطـكي) صناعات متوسطيـة الثقافـة مع إسهامات يهودية؛ منتشرة في مدن الساحل مع (لبسة الشنبــير على الرأس) وأصلها جنبير، وتعني طوق بالفارسية التركية ، في حين تلبس النساء في القـرى (حــزام الفــجرة من فضـة) فيما تلبس نسـاء الباديـة (حــزام من كتـان)
-(الدبلــج والخــلخال) وأغلب الحلي القديمة في الأساور وحول المعاصم، تعد من التقاليـد الليبيـة الضاربة في تاريخها إلى زمن الجيجيماي والأودر ماخيداي، أغلب قطع الحلي الذهبية اساور خراصات وحزامات ونجمة خاتم سليمان السداسية وغيرها هي مشغولات يهودية، فقد كان اليهود وحدهم صناع الذهب والفجرة.
(القمــــجة) يونانية وهي أصل لبسة كاميتجا – قاميدجا وهي سترة داخلية تلبس فوق المريول - (يونـانيــة التقــليد) (المريــول) لباس السيدات الكولوغليات، سترة داخلية ذات شراشف حول الرقبة تلتبس تحت القمجة.
(الكــوفيـــة) طرحة رأس يرجح أنها عراقية. (الكنــــدرة) تركية وتعني حذاء. (البلغــــــة) أحذية غدامسية -(النعل - القرق وهو الصندل). (الشخشير) تركي ويعني جورب (التليك - ترليك) حذاء نسائي تركي مصنوع من صفيح الفضة، والكلمة تركية وتعني نعل بالفضة (العصابـة) لحيف الصوف على الرأس
- ربطة رأس بدوية. (الجونلة) والذى ترتديه حتي يومنا هذا راقصة الصابية وهو عبارة عن أسلاك معدنية موزعة علي جيبونة داخلية من الكتان ترتديها المرأة ثم ترتدي أعلاها الزي الخارجي ويكون قيم فيتم سترة جسد المرأة ويظهر بشكل جميل وجذاب وارتدت الخمار والعباءات المزركشة بخيوط من الذهب والملابس المرصعة بالجواهر كما ارتدت الحزام المرأة الملتف حول الخصر والمعاجر والبنيقة. وقد عرفت عديد من حواضر غرب مصر أزياء خاصة كانت تلبسها العرائس في حفل الزفاف، بعضها تم المحافظة عليه إلى اليوم كـ اللبسة_الفاسية أو ما يعرف بـ لبسة_الجوهر والشدة_التطوانية، في حين أن البعض الآخر تعرض للانقراض وصار - في أحسن الأحوال بالطبع - محض قطع متحفية تماما كـ الشدة_السلاوية / الشدة_الرباطية والمعروفة أيضا بـ" التوقيده " و الشدة_المسفيوية.
وتتكون التوقيده بالأساس من قفطان مخملي (ثوب الموبر) يعرف بـ " القفطان_الرباطي " وكذا بـ " السلاوي " أكمامه جد عريضة، يدور بطوقه وبجانبي فتحتيه الأماميتين والحواشي " الجلايل " وجوانب الأكمام أشرطة مصنوعة من الصقلي_الحر أو الخيوط الذهبية شبيهة بـ السفيفة تعرف بـ " الگالون " (Galon)، هذا إلى جانب الخيوط الحريرية المفتولة التي تستعمل أيضا لتركيب العقاد أو الأزرار الحريرية التي لا تزين إلا النصف العلوي من الفتحة الأمامية للقفطان، الأمر الذي يميزه عن قفطان باقي الحواضر الذي تشغل العقاد (جمع عقدة) فتحته من الطوق إلى الجلايل أو ما يعرف بـ العجمي بتقنية "عين و عقده".
كما يميز قفطان العدوتين هذا والمشغول أيضا بـ " خدمة المعلم " تزيين صدر الثوب بالگالون بصفة متكررة وتجب الإشارة إلى أن النماذج القديمة من قفطان العروس كانت تخلو من استعمال العقاد، كون ارتداء اللباس المزرر أو المعقود من طرف العروس محذورا كون ذلك يهدد بخطر العقم حسب المخيال الشعبي. كما أن القفطان يلبس بدون حزام لنفس السبب. لذلك اعتاد المغاربة استعمال عبارة " الله يفك حزامك " لتمني الإنجاب للمرأة العاقر، أما بخصوص الشدة ذاتها، فتتكون بالأساس من الشربية الحريرية الطويلة جدا ذات الحواشي المذهبة، والمنديل الأبيض القطني المعروف بـ سد_البياض، والعبروق الحريري الأحمر ليكونوا بذلك هيكل الشدة الهرمي الشكل الذي يلبس بأشرطة المخمل وخيوط الجوهر المعروفة بـ " الخيوط "، هذا إلى جانب التاج المعروف بالسفيفة أيضا والمرصع بأحجار الجوهر والنقوش الذهبية والمخرمة والمرصعة بـ الأحجار الكريمة، ويتناغم ذلك مع " الخيوط بالصقلي " المضفورة و " الزراير " ، المصنوعة من الجوهر الحر والمعروفة عند أهل العدوتين بـ "لعيايش " (جمع عياشه) ، حافظت نكافاتهن على استعمالها إلى اليوم دون القطع الأخرى، ويخلل الكل بشال حريري مخطط يعرف بـ " الكنبوش " كان ينسج قديما كما الشربية و العبروق بدور النسيج التقليدية بـ فاس دون غيرها.
وفوق الكل نجد إزار الحرير الذي يغطي كافة الشدة من الجانبين ثم يلف على خصرها ويغطي ركبتيها، وبخصوص باقي الحلي، فعروس الرباط تستعمل الدواوح و لبة الجوهر و التازرا ذات القلادات الثلاث، والتي تنطقها أرستقراطية العدوتين التاجرا مستبدلين بذلك الزاي جيما على عادتهم، كما تعلق العروس أحيانا اللوحة أو الخميسة لدورهما الوقائي، هذا إلى جانب الخلاخل بالكاحلين و الشربيل المطرز، كما يزين وجه العروس نقاط حمراء وبيضاء صنعت من مستحضرات تقليدية ، وبذلك نستطيع القول بأن الملابس كان لها قيمة ثقافية واجتماعية وحضارية، باعتبارها عنصرا تراثيا هاما وبطبيعة الحال اختلف اللباس من منطقة لآخري باختلاف الطبقات ولكن هذا لم يمنع التشابه في كثير من تفاصيل الملبس شكل المرآة التي عكست ووصفت أحوال المجتمع وقيمه
-الاحتفالات الفنية والموسيقية مظهر من مظاهر وحدة الهوية الحضارية. إن الموروث والهوية الفنية لسكان غرب مصر هي تراث امتدت جذوره منذ القدم واستمرت في تطور متأثرة ومؤثرة بشتي مناحي الحياة والهوية الاجتماعية لها مما أثرى الفن والموسيقي المغاربية عبر عصورها فما زال الفن والموشح الأندلسي متصدرا وبقوة كتراث منتشر بين كل طوائف الشعب المغاربي بل امتد وتأثر به الفن والموسيقى المصرية فما زالت مقامات محيي الدين بن عربي خير شاهد علي ذلك وعامة تميز غرب مصر بوجود ثلاث مدارس فنية تميزت كل واحدة منها عن الأخري وهم كالآتي : -الموسيقي الأمازيغية وتنتشر بمناطق مختلفة مثل مناطق الريف بالشمال وأطلس الوسط (منطقة القبايل) وسوسة في الجنوب.
-فن العيطة (العياط -الصياح) غناء الشعر الشفوي بصوت جهوري وموسيقي تقليدية لإثارة الانتباه والاهتمام مستخدما الكمان أو الكنبري والتعريجة والدف ومنتشر في مناطق عدة مثل عبدة -الحصبة -دكالة والشاوية والمرساوي والحوز والنواحي التي مر عليها ومستقر بها قبائل بني سليم وهلال.
-فن الحساني وهو نمط غنائي وإيقاعي منتشر في الصحراء. - فن المالوف الذي انتشر وما زال في تونس وليبيا وشرق الجزائر -الدقة المراكشية. -الطقطوقة الجبلية. -الغناء المفتوح ومعروف حتي الآن في غرب الجزائر وشرق المملكة المغربية وفي الرباط. -غناوة (كناوة) فن موسيقي أفريقي يصاحبه ايقاعات مختلفة ورقصات وأذكار وأناشيد مستخدمين آلة الهجهوج الأفريقية. -الغناء الساحلي ومنتشر علي الساحل المغربي وأهم ما يميزه هو الموشحات.
تتشابه موسيقي غرب مصر مع موسيقى الفلامنكو المنتشرة بمنطقة أندلوسية جنوب اسبانيا التى نشأت فى القرن الثامن عشر كلاهما يعتمد على الغناء بالحنجرة ورأي الباحث أن هذا اللون من الغناء والموسيقي ما هو إلا تطور للموسيقي الأندلسية انتشر وشاع وصل للمغرب بحكم انتشار الأندلسيين بين كافة أطياف المجتمع ونلاحظ انتشار هذا اللون من الغناء ليس فقط بإسبانيا ودول الشمال الأفريقي ومدنه مثل الجزائر وتلمسان وغيرها بل انتشر ببعض مناطق المشرق و اسيا وأوربا.
تحمل الموشحات في طياتها تراثا زخما جدا بالكثير من المعاني والألفاظ والقصص لجميل ذكرها وانتشر الزجل ولقي هذا الفن رواجا وتشجيعا من المماليك وذلك لسهولته علي عكس الشعر العربي الفصيح والذي يحتاج لفهم اللغة العربية فهما صحيحا كما كثر ذكر المحبوبة ووصف الطبيعة والخيل في الأشعار الأندلسية والمعارك وفنون المقامات والروايات والسيرة لحفظ تاريخهم وتاريخ قبائلهم، وانتقلت قصائد المديح المغربية إلى صعيد مصر لتشمل شرق النيل بمدن قوص وقنا والتي حولت الغناء إلى ذكر لله وقصص وعظ ومن أشهر الأشعار التي حملها المغاربة إلى صعيد مصر أشعار ابن الفارض ومحيي الدين بن عربي وانتشرت مهنة المنشد والصييت كما نقل إلى مصر وظيفة الفقي (قراءة القرآن في المآتم) وبرغم أن الفلاح المصري لم يعرف الغربة إلا حديثا إلا أن تراثه الشعري والفني يتناول قصص الغربة والسفر بشكل دائم وهذا ذا دلالة علي التأثر بأشعار وأغاني الرحلات المغاربة والتي ما زالت موروث :
غربوكي الجمال ياحفصة للبلد البعيد من سجلماسة لقفصة وبلاد الجريد تري هل تلك الأبيات نابعة من وجدان شاعر مصري يري الباحث أن تلك الأبيات ما هي إلا نتاج تجربة شخصية لأحد مسافرى المغرب إلى مصر التي عرفت بمصر بالبلد البعيد وذكرت أسماء البلاد التي مرت عليها حفصة من أقصى الشمال الإفريقي حتي الوصول لرحلتها وظلت تلك الأبيات موجودة في التراث الشعبي حتي يومنا هذا كما انتقلت أناشيد الذكر من زوايا المغرب وليبيا الي مصر منذ القرن التاسع الهجري وعرفت باسم السلاميات والموروث الغنائي والموسيقي بإقليم غرب مصر غني ومتعدد بانتشار قبائله وأفراده وتميز كل منطقة بخصوصية لها وإن لم يمنع هذا من اشتراكها في كثير من التشابه فيما بينهم بحكم المكون الرئيسي والروافد ولدينا فنون أخرى أيضا، مثل الركادة والراي والهيت العربي وتميز الساحل الإفريقي بموسيقاه والتي هي مزيج من الموسيقي الأوروبية والعربية والبربرية الأفريقية فلا يزال حتي اليوم نري الشبه الكبير بين موسيقي البدو في الساحل المصري والموسيقي الأسبانية واليونانية، والمتابع للموسيقي في منطقة غرب مصر يلحظ التقارب بين الإنتاج الفني.