في خطوة تعكس استثناءً واضحًا من السياسة الجمركية التصعيدية التي ينتهجها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قررت الولايات المتحدة الإبقاء على الرسوم الجمركية المفروضة على الصادرات المصرية عند مستوى 10% دون زيادة، في حين شهدت واردات من عشرات الدول حول العالم فرض تعريفات جمركية مرتفعة، وصلت إلى 90% في بعض الحالات، في إطار ما وصفه ترامب بـ"يوم التحرير التجاري".
وبحسب مسودة القرار الأمريكي، جاءت مصر ضمن قائمة الدول التي حافظت على الحد الأدنى من الرسوم الجمركية، إلى جانب دول مثل الإمارات والمغرب وبريطانيا، في خطوة فُسرت على أنها تعكس تمييزًا إيجابيًا في السياسة التجارية الأمريكية تجاه القاهرة.
صادرات مصر إلى أمريكا.. تنوع ونمو مستمر
وفقًا لنشرة الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، بلغت قيمة التجارة بين مصر والولايات المتحدة 7.593 مليار دولار خلال أول 10 أشهر من عام 2024، مقابل 6.117 مليار دولار في نفس الفترة من العام السابق، بنسبة نمو بلغت 24.1%، ومن أبرز الصادرات المصرية إلى السوق الأمريكية:
- الملابس الجاهزة: 663.61 مليون دولار
- المصنوعات والكروشيه: 366.05 مليون دولار
- الحديد والصلب: 202.62 مليون دولار
- السجاد والأرضيات النسيجية: 124.63 مليون دولار
- الخضروات والفواكه والمكسرات: 95.65 مليون دولار
- الزجاج ومصنوعاته: 70.14 مليون دولار
دعم قوي لصناعة الملابس الجاهزة
وقالت سماح هيكل، عضو مجلس إدارة شعبة الملابس الجاهزة بغرفة القاهرة التجارية، إن قرار الولايات المتحدة بالإبقاء على الرسوم الجمركية على الصادرات المصرية عند مستوى 10% يعد بمثابة دعم قوي لصناعة الملابس الجاهزة.
وأكدت أن السوق الأمريكي يعد أحد أبرز الشركاء التجاريين لمصر في هذا القطاع، مشيرة إلى أن الصادرات المصرية من الملابس الجاهزة تشهد نموًا مستمرًا، مما يعكس القوة التنافسية للمنتج المصري.
وأضافت أن هذا القرار سيعزز قدرة الصناعة المحلية على التوسع في السوق الأمريكي، خاصة مع التسهيلات التي يتيحها "اتفاق الكويز".
فرصة لجذب استثمارات من دول منافسة
من جانبه، أشار علاء السقطي، رئيس اتحاد مستثمري المشروعات الصغيرة والمتوسطة، إلى أن هذا التفاوت في الرسوم الجمركية بين مصر ودول منافسة مثل الصين وفيتنام يمنح مصر ميزة تنافسية واضحة.
وأوضح السقطي أن هذه الفرصة يجب أن تُستغل لجذب استثمارات من الدول التي تأثرت سلبًا بالرسوم الأمريكية، من خلال نقل مصانعها إلى مصر، كما دعا إلى تعزيز البنية التحتية وتطوير بيئة الاستثمار المحلية، للاستفادة من هذه الفرص وتحقيق نمو مستدام في الصناعات الوطنية.
القرار لا يضر الاقتصاد المصري
من جانبه، أكد الدكتور أشرف غراب، الخبير الاقتصادي، أن تأثير قرار تثبيت الرسوم الجمركية الأمريكية على مصر سيكون محدودًا. وأوضح أن مصر تتمتع بمزايا تنافسية خاصة، خاصة فيما يتعلق باتفاقية "الكويز" التي تعفي الصادرات المصرية من الرسوم الجمركية، مما يُخفف من الأثر المحتمل لهذا القرار.
وأضاف غراب أن التجارة بين مصر والولايات المتحدة تشهد نموًا مستمرًا، وأن قطاع الملابس الجاهزة يشكل جزءًا كبيرًا من هذه الصادرات، مما يضمن استمرار تدفق المنتجات المصرية إلى السوق الأمريكي.
لا تأثير كبير على إجمالي الصادرات المصرية
وأشار متى بشاي، رئيس لجنة التجارة الداخلية بشعبة المستوردين، إلى أن الصادرات المصرية إلى السوق الأمريكي تمثل فقط نحو 5% من إجمالي الصادرات المصرية، وهو ما يعني أن التأثير على الاقتصاد المصري سيكون محدودًا.
وأضاف بشاي أن الصادرات المصرية، خصوصًا في قطاع الملابس الجاهزة، تستفيد من معاملة تفضيلية بموجب اتفاق "الكويز"، مما يحول دون تأثير قرار الولايات المتحدة بشكل سلبي على هذه المنتجات.
القرار قد يعمق الحروب التجارية
وفي تعليقه على الأبعاد العالمية لهذا القرار، حذر هاني أبو الفتوح، الخبير الاقتصادي، من أن السياسات الحمائية التي ينتهجها الرئيس الأمريكي قد تسهم في تأجيج الحروب التجارية بين الولايات المتحدة ودول أخرى.
وأوضح أن هذا التصعيد قد يؤدي إلى تقلبات في الأسواق العالمية، مما قد يعرقل سلاسل التوريد ويزيد من تكاليف الإنتاج. ورغم ذلك، مشيرا إلى أن مصر قد تتمكن من تحويل هذا التحدي إلى فرصة من خلال تعزيز صادراتها والتوسع في الأسواق البديلة.