حين قاد نابليون بونابرت الحملة الفرنسية على مصر عام 1798، لم يكن هدفه عسكريًا فقط، بل اصطحب معه مجموعة كبيرة من العلماء والفنانين والمهندسين في بعثة علمية غير مسبوقة، ليكون نتاجها فيما بعد أعظم عمل توثيقي عن مصر، وهو كتاب "وصف مصر".
يُعد "وصف مصر" وثيقة فريدة من نوعها، جمعت بين المعرفة العلمية والدقة الفنية، وقدمت للعالم أول رؤية شاملة عن مصر في نهاية القرن الثامن عشر.
ما هو كتاب "وصف مصر"؟
"وصف مصر" هو عمل موسوعي فريد أصدرته المطبعة الإمبراطورية الفرنسية بين عامي 1809 و1829، ويتألف من 20 مجلدًا، منها 9 مجلدات مخصصة للصور والرسوم التفصيلية.
كُتب هذا العمل الضخم باللغة الفرنسية، ويُعد أحد أهم الإنجازات العلمية التي أُنتجت خلال الحملة الفرنسية على مصر، شارك في إعداد الموسوعة أكثر من 150 عالِمًا وفنانًا من تخصصات متنوعة، بما في ذلك الهندسة، وعلم النبات، وعلم الحيوان، والتاريخ، والآثار، والجغرافيا.
تناول "وصف مصر" الجوانب المختلفة للحياة المصرية القديمة والمعاصرة في ذلك الوقت، مع التركيز على التراث الحضاري والطبيعي، ويعتبر هذا المشروع شهادة على التعاون الفريد بين العلماء والفنانين لاستكشاف وتوثيق ثروات مصر، ما جعله مرجعًا هامًا للدراسات التاريخية والآثرية والبيئية حتى اليوم.
أهمية الكتاب ومحتواه
1- توثيق شامل لمصر:
غطّى الكتاب الجوانب الجغرافية والطبيعية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والدينية، كما وثّق الحضارة المصرية القديمة من خلال دراسات الآثار في الأقصر، الكرنك، الجيزة، سقارة، وغيرها، وسجل الحياة اليومية للمصريين في تلك الفترة، من عادات وتقاليد، وصور للأسواق والمهن.
2- الرسوم التوضيحية:
اشتمل على آلاف الرسوم الدقيقة التي تُعتبر من أوائل التوثيقات البصرية الحديثة للحضارة المصرية، تضمنت خرائط، نقوش، ومخططات معمارية.
3- أثره العلمي:
كان حجر الأساس في نشأة علم "المصريات"، كما ألهم باحثين أوروبيين للاهتمام بآثار مصر، وأدى إلى حملات استكشافية لاحقة.