الخميس 10 ابريل 2025

ثقافة

البعثات العلمية.. طلاب مصر في "باريس" عاصمة النور

  • 7-4-2025 | 14:13

محمد علي باشا

طباعة
  • دعاء برعي

تعددت البعثات العلمية المصرية إلى فرنسا منذ القرن التاسع عشر في عهد محمد علي وامتدت لما بعد عهده عبر 147 عامًا لتكون مصر الحديثة التي عرفناها والتي أنارت للأمة العربية أجمع وكانت ولا تزال مركزا للتنوير والثقافة، وفي السطور التالية نتناول البعثات العلمية المصرية إلى فرنسا في عهد زعيمها الأول محمد على باشا.

أرسل محمد علي باشا بعثاته العلمية الأولى إلى فرنسا في 1818، بعد أن كان يرسلها إلى إيطاليا منذ 1813، حيث أرسل إلى فرنسا عددًا من التلاميذ في طلب العلم، ثم في 1826 أرسل بعثته أولى البعثات الكبرى التي وصل عددها 40 تلميذًا تقريبًا والتي كان إمامها الشيخ رفاعة رافع الطهطاوي، وكانت مبعث فخر مصر.

فكر محمد علي فى الشخص الذى يعهد إليه بعثاته العلمية، فاختار "مسيو جومار"، ليكون رئيس البعثات المصرية بفرنسا وغيرها.

وكان من بين عدد المبعوثين 17 مصريًا، كما أورد عمر طوسون في كتابه البعثات التعليمية في عهد محمد علي، المنشور عام 1934، تم اختيارهم بعناية، ثم التحق بهم أربعة آخرون، ورجع منهم خمسة لضعف أدائهم، حيث كان محمد علي يطلب منهم وعنهم تقارير أداء دورية من خلال ناظر البعثة السيد جومار.

وجومار من العلماء الذين اصطحبهم نابليون بونابرت فى الحملة الفرنسية لاحتلال مصر عام 1798، وكان من المهندسين الجغرافيين أعضاء لجنة العلوم والفنون، كما ذكر الرافعي في أحد موسوعاته.

ووفقًا للرافعي فإن جومار له في مصر أبحاث جغرافية وأثرية ذات قيمة عظيمة، فاشترك في رسم خريطة مصر، وعاد إلى فرنسا عام 1801 بعد مقتل الجنرال كليبر، كما اشترك منذ 1803 في وضع كتاب "وصف مصر"، وكان أهم أعضاء اللجنة التي ألفتها الحكومة الفرنسية للعمل في وضع الكتاب، ثم تولى تنظيم العمل في هذا الكتاب وقضى سبعة عشرة عاما مشتغلا في إظهاره، وله فيه أبحاث هندسية وجغرافية وأثرية ومن أهمها بحث مستفيض عن تخطيط القاهرة القديمة والحديثة نشر في الجزء التاسع عشر منه، وانتخب عضوا بالمجمع العلمى الفرنسى مكافأة له على أبحاثه في الآثار المصرية، واشترك في إنشاء الجمعية الجغرافية بفرنسا.

وكانت البعثة العلمية الثانية لفرنسا عام 1828، والتي أرسلتها الحكومة المصرية إلى فرنسا اواخر سنة 1828، وتألفت من 24 تلميذًا تخصص معظمهم في الهندسة والرياضيات، وبعضهم في الطبيعيات والبعض الأخر في الحربية أو العلوم السياسية أو الطب.

وفي 1829 كانت البعثة العلمية الثالثة والتي تغلب عليها الصبغة الصناعية، بعد أن اتجهت عزيمة محمد علي إلى إنشاء الصناعات الكبرى واقتباس العلوم والفنون الخاصة بالصناعة من المعاهد الأوروبية، وكان عدد هذه البعثة لفرنسا 34 تلميذًا لتعلم صناعة الألات الجراحية، والري، وصناعة الساعات، والصاغة والجواهر، وشمع العسل، وتعلم صناعة نسيج الأقمشة الحريرية وصناعة النقش والدهان، وتعلم صناعة الأجواخ، والسراجة، وتعلم صناعة السيوف وتعلم صناعة الشيلان، وتعلم صناعة البنادق والطبنجات، وتعلم صناعة الأحذية، وتعلم صناعة السفن، وتعلم صناعة شمع الاختام، وتعلم صناعة صبغ الأجواخ..

أما في 1844 أوفد محمد علي بعثة علمية كبرى إلى فرنسا وهي البعثة الرابعة من الطلبة لتلقي العلوم والفنون الحربية مؤلفة من سبعين تلميذا اختارهم القائد سليمان باشا الفرنساوي من بين تلاميذ المدارس المصرية، ثم لحق بهم غيرهم، وكان بينهم أربعة من الأمراء، منهم اثنان من أبناء محمد علين وهما الأمير عبد الحليم والأمير حسين، واثنان من أبناء إبراهيم باشا هما الخديوي إسماعيل والأمير أحمد، ولهذه البعثة الأخيرة انشئت المدرسة المصرية التي تولى إدارتها اسطفان بك واستمرت تؤدي عملها وهو تأهيل الطلبة لاتقان اللغة الفرنسية وممشاة المدارس العليا بفرنسا، إلى أن اقفلت سنة 1848، وقد اوفد بعثة صغيرة سنة 1847 إلى فرنسا من طلبة الأزهر لتلقي علم الحقوق فتعلم هؤلاء جميعا بإرشاد المسيو جومار وتحت رقابته، وأرسل غير هؤلاء بعض التلاميذ إلى إنجلترا والنمسا.

وكانت البعثة العلمية الخامسة إلى فرنسا في 1847 والتي تألفت من خمسة طلبة أزهريين، لتعلم الحقوق والوكالة في الدعاوى.

 يذكر أنه فى سنة 1826 تولى جومار رئاسة أول بعثة علمية مصرية كبرى أرسلها محمد على إلى فرنسا لتلقى العلوم فى مدارسها، فأمد تلاميذ هذه البعثة والبعثات التى تلتها برعايته العلمية والأدبية، وأنجبت هذه البعثات طائفة من علماء مصر الذين كان لهم فضل كبير فى ازدهارها، وكان لجومار مكانة كبيرة عند محمد على، وأنعم عليه بالوسام المجيدي، وعندما أعيد إنشاء المجمع العلمي المصري أسندت إليه رئاسته الفخرية سنة 1861، فكان صلة الاتصال الباقية بين المجمع العلمي المصري القديم وبين الحديث، وظل مواصلًا أبحاثه العلمية إلى أن توفى في 1862 وعمره 85 عاما، وهو معدود فى فرنسا من كبار علماء الجغرافية والآثار القديمة.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة