تُعد قصيدة «حَيِّيا صاحِبَيَّ أُمَّ العَلاءِ» للشاعر بشار بن برد، إحدى أهم القصائد التي عرفها تاريخ الشعر العربي، والتي حفظها العرب، وتناقلوها فيما بينهم.
ويعرف «بشار بن برد» كأحد أبرز الشعراء في العصر العباسي، الذين كتبوا قصائد تميزت بالغزل والمدح والفخر، وعلى رأسها قصيدة «حَيِّيا صاحِبَيَّ أُمَّ العَلاءِ».
وتعتبر قصيدة «حَيِّيا صاحِبَيَّ أُمَّ العَلاءِ»، من أجمل ما قيل في الشعر العربي، ومن أشهر القصائد، وتحتوي على 55 بيتًا، تميز شعره بسلاسة الألفاظ وسهولة المعاني وصدق العاطفة كما جاء بالقصيدة.
وإليكم القصيدة«حَيِّيا صاحِبَيَّ أُمَّ العَلاءِ»:
حَيِّيا صاحِبَيَّ أُمَّ العَلاءِ
وَاِحذَرا طَرفَ عَينِها الحَوراءِ
إِنَّ في عَينِها دَواءً وَداءً
لِمُلِمٍّ وَالداءُ قَبلَ الدَواءِ
رُبَّ مُمسٍ مِنها إِلَينا عَلى رَغ
مِ إِزاءٍ لا طابَ عَيشُ إِزاءِ
أَسقَمَت لَيلَةَ الثُلاثاءِ قَلبِي
وَتَصَدَّت في السَبتِ لي لِشَقائِي
وَغَداةَ الخَميسِ قَد مَوَّتَتني
ثُمَّ راحَت في الحُلَّةِ الخَضراءِ
يَومَ قالَت إِذا رَأَيتُكَ في النَومِ
خَيالاً أَصَبتَ عَيني بِداءِ
وَاِستَخَفَّ الفُؤادُ شَوقاً إِلى قُر
بِكَ حَتّى كَأَنَّني في الهَواءِ
ثُمَّ صَدَّت لِقولِ حَمّاءَ فينا
يا لقَومي دَمي عَلى حَمّاءِ
لا تَلوما فَإِنَّها مِن نِساءٍ
مُشرِفاتٍ يَطرِفنَ طَرفَ الظِباءِ
وَأَعينا اِمرَأً جَفا وُدَّهُ الحَيُ
وَأَمسى مِنَ الهَوى في عَناءِ
اِعرِضا حاجَتي عَلَيها وَقولا
أَنَسيتِ السَرارَ تَحتَ الرِداءِ
وَمَقامي بَينَ المُصَلّى إِلى المِن
بَرِ أَبكي عَلَيكِ جَهدَ البُكاءِ
وَمَقالَ الفَتاةِ عودي بِحِلمٍ
ما التَجَنّي مِن شيمَةِ الحُلَماءِ
فَاِتَّقي اللَهَ في فَتىً شَفَّهُ الحُب
بُ وَقَولُ العِدى وَطولُ الجَفاءِ
أَنتِ باعَدتِهِ فَأَمسى مِنَ الشَوقِ
صَريعاً كَأَنَّهُ في الفَضاءِ
فَاِذكُري وَأيَهُ عَلَيكِ وَجودي
حَسبُكِ الوَأيُ قادِحاً في السَخاءِ
قَد يُسيءُ الفَتى وَلا يُخلِفُ الوَعدَ
فَأَوفي ما قُلتِ بِالرَوحاءِ
إِنَّ وَعدَ الكَريمِ دَينٌ عَلَيهِ
فَاِقضِ وَاِظفَر بِهِ عَلى الغُرَماءِ
فَاِستَهَلَّت بِعَبرَةٍ ثُمَّ قالَت
كانَ ما بَينَنا كَظِلِّ السَراءِ
يا سُلَيمى قومي فَروحي إِلَيهِ
أَنتِ سُرسورَتي مِنَ الخُلَطاءِ
بَلِّغيهِ السَلامَ مِنّي وَقولي
كُلُّ شَيءٍ مَصيرُهُ لِفَناءِ
فَتَسَلَّيتُ بِالمَعازِفِ عَنها
وَتَعَزّى قَلبي وَما مِن عَزاءِ
وَفَلاةٍ زَوراءَ تَلقى بِها العينَ
رِفاضاً يَمشينَ مَشيَ النِساءِ
مِن بِلادِ الخافي تَغَوَّلُ بِالرَكبِ
فَضاءً مَوصولَةً بِفَضاءِ
قَد تَجَشَّمتُها وَلِلجُندُبِ الجَونِ
نِداءٌ في الصُبحِ أَو كَالنِداءِ
حينَ قالَ اليَعفورُ وَاِرتَكَضَ الآلُ
بِرَيعانِهِ اِرتِكاضَ النِهاءِ
بِسَبوحِ اليَدَينِ عامِلَةِ الرِج
لِ مَروحٍ تَغلو مِنَ الغُلواءِ
هَمُّها أَن تَزورَ عُقبَةَ في المُلكِ
فَتَروى مِن بَحرِهِ بِدِلاءِ
مالِكِيٌّ تَنشَقُّ عَن وَجهِهِ الحَر
بُ كَما اِنشَقَّتِ الدُجى عَن ضِياءِ
أَيُّها السائِلي عَنِ الحَزمِ وَالنَج
دَةِ وَالبَأسِ وَالنَدى وَالوَفاءِ
إِنَّ تِلكَ الخِلالَ عِندَ اِبنِ سَلمٍ
وَمَزيداً مِن مِثلِها في الغَناءِ
كَخَراجِ السَماءِ سيبُ يَدَيهِ
لِقَريبٍ وَنازِحِ الدارِ ناءِ
حَرَّمَ اللَهُ أَن تَرى كَاِبنِ سَلمٍ
عُقبَةِ الخَيرِ مُطعِمِ الفُقَراءِ
يَسقُطُ الطَيرُ حَيثُ يَنتَثِرُ الحَب
بُ وَتُغشى مَنازِلُ الكُرَماءِ
لَيسَ يُعطيكَ لِلرَجاءِ وَلا الخَوفِ
وَلَكِن يَلَذُّ طَعمَ العَطاءِ
لا وَلا أَن يُقالَ شيمَتُهُ الجودُ
وَلَكِن طَبائِعُ الآباءِ
إِنَّما لَذَّةُ الجَوادِ اِبنِ سَلمٍ
في عَطاءٍ وَمَركَبٍ لِلِقاءِ
لا يَهابُ الوَغى وَلا يَعبُدُ المالَ
وَلَكِن يُهينُهُ لِلثَناءِ
أَريَحِيٌّ لَهُ يَدٌ تُمطِرُ النَي
لَ وَأُخرى سُمٌّ عَلى الأَعداءِ
قَد كَساني خَزّاً وَأَخدَمني الحو
رَ وَخَلّى بُنَيَّتي في الحُلاءِ
وَحَباني بِهِ أَغَرَّ طَويلَ الباعِ
صَلتَ الخَدَّينِ غَضَّ الفَتاءِ
فَقَضى اللَهُ أَن يَموتَ كَما ما
تَ بَنونا وَسالِفُ الآباءِ
راحَ في نَعشِهِ وَرُحتُ إِلى
عُقبَةَ أَشكو فَقالَ غَيرَ نِجاءِ
إِن يَكُن مِنصَفٌ أَصَبتُ فَعِندي
عاجِلٌ مِثلُهُ مِن الوصَفاءِ
فَتَنَجَّزتُهُ أَشَمَّ كَجَروِ ال
لَيثِ غاداكَ خارِجاً مِن ضَراءِ
فَجَزى اللَهُ عَن أَخيكَ اِبنَ سِلمٍ
حينَ قَلَّ المَعروفُ خَيرَ الجَزاءِ
صَنَعَتني يَداهُ حَتى كَأَنّي
ذو ثَراءٍ مِن سِرِّ أَهلِ الثَراءِ
لا أُبالي صَفحَ اللَئيمِ وَلا تَج
ري دُموعي عَلى الخَؤُونِ الصَفاءِ
وَكَفاني أَمراً أَبَرَّ عَلى البُخ
لِ بِكَفٍّ مَحمودَةٍ بَيضاءِ
يَشتَري الحَمدَ بِالثَنا وَيَرى الذَم
مَ فَظيعاً كَالحَيَّةِ الرَقشاءِ
مَلِكٌ يَفرَعُ المَنابِرَ بِالفَض
لِ وَيَسقي الدِماءَ يَومَ الدِماءِ
كَم لَهُ مِن يَدٍ عَلَينا وَفينا
وَأَيادٍ بيضٍ عَلى الأَكفاءِ
أَسَدٌ يَقضُمُ الرِجالَ وَإِن شِئ
تَ فَغَيثٌ أَجَشُّ ثَرُّ السَماءِ
قائِمٌ بِاللِواءِ يَدفَعُ بِالمَو
رِجالاً عَن حُرمَةِ الخُلَفاءِ
فَعَلى عُقبَةَ السَلامُ مُقيماً
وَإِذا سارَ تَحتَ ظِلِّ اللِواءِ