تحل اليوم ذكرى وفاة الأديب الإنجليزي دانيال ديفو مؤسس الرواية الإنجليزية الذي بدأ حياته تاجرًا للملابس والأقمشة والعقارات والسفن، ثم كتب أول رواية في تاريخ الأدب الإنجليزي حققت شهرة واسعة في العالم أجمع باسم "روبنسون كروزو"، لتتوالى أعماله الكتابية فينتج أكثر من 300 كتاب، وكتيب، ومجلة في مختلف المجالات، بما فيها السياسة، والجريمة، والدين، والزواج، وعلم النفس، كما كان من رواد الصحافة الاقتصادية.
ولد ديفو في لندن وكان والده جيمس فوي بائع شحم وعضوا في شركة وورشيبفول للجزارة. شهد ديفو في بداية حياته بعض الأحداث الاستثنائية في التاريخ الإنجليزي: ففي عام 1665، قتل ما يزيد عن 70٬000 بسبب طاعون لندن العظيم وفي العام الذي يليه، كان حريق لندن الكبير، ولم يبقى في الحي الذي يقيم فيه إلا منزله ومنزلين آخرين.
وتلقى تعليمه في قس مدرسة جيمس فيشر الداخلية في بيكسهام لين في دوركين، وعندما وصل سن 14 التحق بأكاديمية المعارضة في نوينغاتون غرين بلندن التي تديرها تشارلز مورتون، وكان من المؤمنين للحضور إلى كنيسة نوينغاتون غرين للموحدين وخلال هذه الفترة، اضطهدت الحكومة الإنجليزية أولئك الذين اختاروا العبادة خارج كنيسة انجلترا.
عمله في التجارة
دخل ديفو عالم الأعمال تاجرًا عامًّا، فعمل في صناعة الملابس، والسلع الصوفية العامة، والنبيذ، وكانت طموحاته كبيرة، وكان قادرا على شراء العقارات والسفن، وكان كثير الديون وفي عام 1684 تزوج ديفو من ماري تفلي ابنة تاجر لندن، بمقابل مهر يقدر 3,700 جنيه استرليني وهو مبلغ كبير جدًا حينذاك، وقد سبب هذا الزواج إزعاجًا له مع ديونه والصعوبات السياسية، لكنه استمر 50 عاما، وأنجبت له ثمانية من الأطفال.
أعماله الكتابية
بدأ ديفو بكتابته لعدد كبير من المقالات عن الأحزاب التي دعمها في حياته، وكان ديفو ماهرا في علم الاقتصاد ففي 1698 ثم كتب منشورا ضمنه أراءه في دار المصارف وشركات النقل ومكاتب التأمين، لكنه أصدر أول رواياته في 1719 وتناول خلالها حياة ومغامرات روبنسون كروزو الغريبة المدهشة، وقد اعتبرت رواية روبنسون كروزو أول رواية حديثة في الأدب الإنجليزي.
وتميزت الرواية عن كل ما سبقها بحبك متواصل تناول الأحداث والشخصيات بانتظام وتناسب، ثم واصل ديفو كتاباته لينتج أكثر من 300 كتاب، وكتيب، ومجلة في مختلف المجالات.
و"روبنسون كروزو" تعد الرواية الأولى في الإنجليزية، وهي سيرة ذاتية تخيلية تدور أحداثها حول شاب انعزل في جزيرة ما مهجورة عاش فيها 28 سنةً على الساحل الأمريكي، بالقرب من مصب نهر أورينوكو الكبير، وحيدا لمدة طويلة دون أن يقابل أحد من البشر وكان ذلك إثر تحطم سفينة على شاطئ شيبرك، هلك جميع ركابها باستثنائه، ثم بعد عدة سنوات يقابل أحد المتوحشين ويعلمه بعض ما وصل إليه الإنسان المتحضر من تقدم فكري وجعله خادمه، وفي نهاية القصة عاد روبنسون كروزو ومعه خادمه إلى أوروبا، حيث العالم المتحضر، وهي قصة تمثل بالنسبة للكثيرين حلم الانعزال عن هذا العالم الظالم والحياة في ظل الطبيعة الرحيمة بالنسبة لهذا العالم كما تظهر مدى التحضر الذي توصلت له الأمم الأوربية.
وتعالج القصة قضية المدنية لدى البشر وكيفية عيشهم وحدهم خاصة في ظل الظروف الصعبة جدا دون أي تفاعل مع بشر آخرين.
و"روبنسون كروزو" أول رواية معربة 1835، ترجمها إلى العربية الكاتب المصري الراحل كامل كيلاني وصدرت ضمن سلسلة "أشهر القصص" عن دار المعارف بالقاهرة، تحت عنوان "روبنسن كروزو".
وفي عام 2007 صدرت ترجمة أخرى لأسامة أسبر ضمن منشورات وزارة الثقافة السورية، وفي عام 2012 أصدرت مؤسسة هنداوي بالقاهرة طبعة جديدة من الصياغة التي قدمها كامل كيلاني للرواية.
وهناك ترجمة عربية مبكرة جدا لنص الرواية تحتفظ دار الكتب المصرية بنسخة منها طبعت في مالطة عام 1835، لكنها لا تشير إلى اسم المؤلف أو المترجم.
وفاته
توفى ديفو في 24 أبريل 1731 داخل منزل فخم كان قد شيده في 1724 وعاش فيه بقية أيام حياته الأخيرة.