أكد الدكتور أيمن سلامة، أستاذ القانون الدولي، متحدثًا عن تزايد التوتر بين الصين والهند، وهما الجارتان النوويتان، أنه تلوح في الأفق بين البلدين ذكريات حروب الماضي المؤلمة في أعوام 1948 و1965 و1971، موضحًا أن هذه الصراعات، التي خلفت ندوبًا عميقة في الذاكرة الجماعية للبلدين، تطرح سؤالًا ملحًا: هل يمكن أن تتكرر هذه السيناريوهات مرة أخرى؟ الإجابة، للأسف، ليست قاطعة بالنفي، خاصة في ظل التحديات المعاصرة، وفي مقدمتها الترسانة النووية التي يمتلكها الطرفان.
وشدد سلامة على أن جذور الصراع التاريخي ما تزال قائمة، تتغذى على قضية "كشمير" المتنازع عليها، والخلافات الحدودية المستمرة، واتهامات متبادلة بدعم الإرهاب، حيث إن هذه القضايا تمثل بؤر توتر دائمة يمكن أن تشتعل في أي لحظة.
ويؤكد أن امتلاك الهند وباكستان للأسلحة النووية يمثل عامل تعقيد بالغ من جهة، حيث يمكن للردع النووي أن يمنع تصعيد أي نزاع محدود إلى حرب شاملة، موضحًا أن فكرة "التدمير المتبادل المؤكد" (MAD) تخلق حالة من التوازن الهش، حيث يخشى كل طرف من شن هجوم نووي أول خوفًا من رد نووي مدمر.
ولكن من جهة أخرى، فإن وجود الأسلحة النووية يزيد بشكل كبير من مخاطر أي مواجهة عسكرية -حسب أستاذ القانون الدولي- حتى صراع تقليدي محدود يمكن أن يخرج عن السيطرة ويتصاعد بشكل خطير إذا شعر أحد الطرفين بأنه على وشك الهزيمة أو إذا وقع خطأ في التقدير، مؤكدًا على أن سيناريو "الاستخدام المبكر" للسلاح النووي، وإن كان مستبعدًا، يظل احتمالًا مرعبًا.
وأوضح أنه إلى جانب التحديات التاريخية والنووية، هناك عوامل أخرى تزيد من تعقيد المشهد، منها السياسة الداخلية، حيث إنه يمكن للضغوط السياسية الداخلية في كلا البلدين أن تدفع نحو مواقف أكثر تشددًا، كذلك التدخلات الخارجية، حيث إنه يمكن لقوى إقليمية ودولية أن تلعب دورًا في تأجيج أو تهدئة التوترات، أيضًا التطورات الإقليمية، حيث إنه يمكن للتغيرات في ميزان القوى الإقليمي أن تؤثر على حسابات كلا البلدين.
وأضاف أنه " لا يمكن الجزم بوقوع حرب أخرى بالسيناريوهات نفسها التي شهدناها في الماضي، حيث إن الردع النووي يفرض قيودًا جديدة على خيارات القيادة في كلا البلدين، ومع ذلك، فإن خطر نشوب صراع محدود يتصاعد إلى أزمة خطيرة يظل قائمًا".
وفي الختام، يؤكد الدكتور أيمن سلامة، أنه في ظل التحديات التاريخية المستمرة ووجود الأسلحة النووية، فإن شبح الماضي لا يزال يخيم على العلاقات الهندية الباكستانية، وذلك على الرغم من أن تكرار سيناريوهات الماضي بالضبط يبدو غير مرجح، إلا أن خطر نشوب صراع له تداعيات كارثية يظل حقيقيًا، مشددًا على أن الأمر يتطلب حكمة سياسية وجهودًا دبلوماسية مستمرة لتجنب الانزلاق نحو مواجهة جديدة.