تبقى أرض سيناء، التي لطالما كانت مستهدفة على مر التاريخ، شاهدًا على استبسال أهلها في الدفاع عن أرضهم التي رويت بدمائهم، فضربوا بذلك أعظم الأمثلة في حب الوطن الذي هم جزء لا يتجزأ منه، والوفاء له عبر عدم التفريط في شبر واحد منه.
ويحل علينا اليوم الجمعة، الموافق 25 من أبريل، الذكرى الـ43 لتحرير سيناء من الاحتلال الإسرائيلي، لنتذكر بذلك تضحيات أهالي هذه الأرض، الذين لم يتوانوا في بذل دمائهم زودًا عنها.
وما بين نكثة حرب يونيو عام 1967، ونصر أكتوبر المجيد عام 1973، وقف أهالي سيناء في خندق واحد مع الدولة المصرية في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي الغاشم، وقد تكرر ذات الدور أثناء حرب الدولة المصرية على الإرهاب، الذي كاد يخطف أرض الفيروز.
التصدي لمخطط فصل سيناء
انتهت حرب يونيو عام 1967، باحتلال إسرائيل شبه جزيرة سيناء بالكامل بعد هجوم مباغت تعرضت له القوات المصرية، لتعمل بعد ذلك على تنفيذ مخطط يستهدف فصلها عن وطنها، مصر.
ففي عام 1968، حاول الإسرائيليون تحريض أهالي سيناء على الاستقلال بها، والإعلان عن دولة سيناء وحشدت إسرائيل في سبيل ذلك كل طاقاتها لتحقيق حلمها في نزع سيناء من مصريتها وعروبتها، وسعيًا وراء الهدف التقى موشية ديان وزير الدفاع في إسرائيل آنذاك، عددًا من مشايخ سيناء وأغدق عليهم بالهدايا والأموال لإقناعهم بفكرة تحويلها إلى دولة مستقلة.
وقد علمت الدولة المصرية بتفاصيل المخطط الإسرائيلى، فقامت بدورها بتكليف الضابط السيناوى محمد اليمانى بمتابعة القضية، حيث طلب من المشايخ وفق تعليمات من القاهرة بمواصلة خداع ومجاراة إسرائيل في طلبها، وقام برصد تحركات العدو الصهيونى واتصالاته الدولية.
وفي سبيل تحقيق المخطط العبري، اجتمع "ديان" بالشيخ سالم الهرش وبعدد من كبار المشايخ معلنين موافقتهم على المقترح مبدئيًا، إلا أنهم طالبوا بمهلة للحصول على إجماع شيوخ القبائل في سيناء.
وفي الـ31 أكتوبر عام 1968، أعدت إسرائيل عدتها لإعلان سيناء دولة منفصلة وحشد ديان وزير الدفاع عدته، حيث حشدت في هذا الإطار وكالات الأنباء وعشرات القنوات العالمية، حتى يكون أمر "التدويل" على العلن فيما عرف بمؤتمر "الحسنة".
وجرى تفويض الشيخ سالم الهرش من قبيلة البياضية للحديث عنهم أمام الإسرائيليين فقال: أترضون بما أقول؟ فقالوا: نعم، وبينما ديان ينتظر لحظة التدويل قال الهرش:" إن سيناء مصرية وقطعة من مصر ولا نرضى بديلًا عن مصر وما أنتم إلا احتلال ونرفض التدويل وأمر سيناء في يد مصر، سيناء مصرية مائة في المائة ولا نملك فيها شبرًا واحدًا يمكننا التفريط فيه".
وعلى أثر هذا الموقف السيناوي، قامت السلطات الإسرائيلية عقب المؤتمر باتخاذ إجراءات قمعية عنيفة ضد الأهالي واعتقل 120 من المشايخ والمواطنين.
التصدي للإرهاب
تؤكد الشواهد الدور الوطني لأهالي سيناء في مواجهة الإرهاب وحماية الحدود ضد أي اعتداء يمس أمن الوطن، وجراء ذلك الموقف خسرت الكثير من العوائل أبناءها في المواجهات مع الإرهاب.
وفي إطار حرب الدولة المصرية على الإرهاب في سيناء، قدمت قبائل سيناء الدعم المعلوماتي واللوجيستي للأمن، كما أنها ساعدت في القبض على الإرهابيين، وحاربتهم إلى جانب قوات مكافحة الإرهاب.
وخلال حرب الدولة المصرية على الإرهاب، خاصة بعد انطلاق عملية "حق الشهيد" في سبتمبر 2015، لعبت قبائل سيناء، وفي مقدمتها الترابين دورًا رئيسيًا في دعم جهود القضاء على الإرهاب، حيث ساعدت في الكشف عن هوية العناصر التكفيرية والطرق التي تستخدمها في الاختباء ونقل الأسلحة.
وفي المقابل، كان لأهالى سيناء النصيب الأكبر من الهجمات الإرهابية سواء عبر استهدافهم بشكل مباشر أو عبر استهداف المرافق الخدمية التى يستفيد منها المواطنين، وذلك كان الدافع الرئيسي للدخول عبر خط المواجهة جنبًا إلى جنب مع قوات مكافحة الإرهاب ضد العناصر التكفيرية، بينما ما زالت تخوض مع الدولة معركة البناء الكبرى حتى الآن.