تُعد قصيدة «إنّي امرؤ مِن رَعَى عَيني رعيتُ لَه» للشاعر إبراهيم بن هرمة، إحدى أهم القصائد التي عرفها تاريخ الشعر العربي، والتي حفظها العرب، وتناقلوها فيما بينهم.
ويعرف «إبراهيم بن هرمة» كأحد أبرز الشعراء في العصر العباسي، الذين كتبوا قصائد تميزت بالغزل والمدح والفخر، وعلى رأسها قصيدة «إنّي امرؤ مِن رَعَى عَيني رعيتُ لَه».
وتعتبر قصيدة «إنّي امرؤ مِن رَعَى عَيني رعيتُ لَه»، من أجمل ما قيل في الشعر العربي، ومن أشهر القصائد، وتحتوي على 27 بيتًا، تميز شعر بن هرمة بسلاسة الألفاظ وسهولة المعاني وصدق العاطفة كما جاء بالقصيدة.
وإليكم القصيدة:
إِنّي امرؤ مِن رَعَى عَيني رعيتُ لَه
مِني الذمامَ ومن أَنكرتُ أنكرني
أَما بَنو هاشِمٍ حَولي فَقَد فَزعُوا
نبل الضَبابِ الَّتي جَمَّعت في قَرَنِ
فَما بِيَثرِبَ منهم مَن اُعاتِبُهُ
إِلّا عَوائِدَ أَرجوهُنَّ مِن حَسَنِ
وَذاكَ من يأتِهِ يَعمَد إِلى رجلٍ
في كُلِّ صالحةٍ أَو صالحٍ قَمِنِ
لا يُسلمُ الحمدَ للسُوّام إِن سَخِطوا
بَل يَاخذُ الحَمدَ بالغالي مِن الثَمَنِ
ما زالَ ينمي وَزالَ اللَهُ يَرفعُهُ
طَولاً عَلى بغضِه الأَعداءَ والإجنِ
أَماتَ في جَوفِ ذي الشحناءِ ظِنَّتَهُ
وَكان داءً لِذي الشَحناءِ وَالظَنَنِ
إِذا بَنو هاشِمٍ آلَت بِأَقدُحِها
إِلى المَفيضِ وَخافت دولةَ الغبنِ
حازَت يَدا حَسَنٍ قَدَحينِ من كَرَمٍ
لَم يَعمَلا نشب المبراةِ وَالسَفَنِ
لا يَستَريحُ إِلى إِثمٍ وَلا كذبٍ
عند السؤالِ وَلا يجتنُّ بالجننِ
ما قالَ أَفعلُ أَمضاهُ لوِجهَتِهِ
وَما أَبى لُجَّ ما يأبى فَلَم يكنِ
ما اطَّلعَت رأسها كيما تُهَدِّدُني
حصا تطرَّحُ مِن يعيى عَلى شَزَنِ
إِلّا ذكرتُ ابنَ زيدٍ وَهوَ ذو صِلَةٍ
عند السنين وَعوّادٌ عَلى الزمَنِ
فاِسلم وَلا زالَ مِن عاداكَ مُتحمِلاً
غيظاً وَلا زالَ معفوراً عَلى الذقنِ
لَن يعتبِ اللَهُ أَنفاً فيكَ أَرغمهُ
حَتّى تَزول رَواسي الصخر مِن حضَنِ
إِذا خلوت بِهِ ناجيتَ ذا طَبَنٍ
يأوي إِلى عَقلِ صافي العقلِ مُؤتَمَنِ
طَلقُِ اليدينِ إِذا اضيافُهُ طرقوا
يَشكونَ مِن قرّةٍ شَكواً ومن وسَنِ
يأتوا يعدّون نجم اللَيلِ بينهُمُ
في مستحيرِ النَواحي راهقِ السِّمَنِ
ثُمَّ اِغتَدَوا وهم دُسمٌ شواربُهُم
وَلَم يَبيتوا عَلى ضَيحٍ من اللَبَنِ
قَد جَعل الناس حَيّاً حَولَ منزلِه
شَفاً كقرنِ أَثيثِ الرأسِ مدَّهنِ
فهم إِلى نائِلٍ مِنهُم ومنفعةٍ
يَعطونها ثكنٌ تَهوي إِلى ثكنِ
أَوصافُ زيدٍ بِأَعلى الأَمرِ منزلَة
فَما أَخذتَ قَبيحَ الأَمرِ بالحَسنِ
خَلّاتُ صُدقٍ وَأَخلاقٌ خُصِصْتَ بِها
فَلَم يَضِعنَ وَلَم يُخلطنَ بالدَرَنِ
تلقى الأيامِنَ من لاقاك سانحةً
وَجهٌ طَليقٌ وَعودٌ غير ذي أَبَنِ
وَأَنتَ مِن هاشِمٍ حَقّاً إِذا اِنتَسَبوا
في المنكبِ اللينِ لا في المنكبِ الخَشِنِ
بَنوكَ خَيرُ بنيهِم إِن حلفتَ لَهُم
وَأَنتَ خَيرهُمُ في اليُسرِ وَاللزنِ
وَاللَهُ آتاكَ فَضلاً مِن عَطِيَّتِهِ
عَلى هَنٍ وهنٍ فيما مَضى وَهِنِ