تطور خطير شهدته الأوضاع في شبه القارة الهندية، بتصاعد الحرب بين الهند وباكستان، بعدما أقدمت نيودلهي على قصف عدة أنحاء في باكستان وجامو وكشمير، مساء أمس، وذلك بعد أيام من تصاعد التوتر في أعقاب الهجوم الذي أودى بحياة 26 شخصًا من السياح الهنود في كشمير، في منطقة باهالجام، في 22 أبريل الماضي.
يأتي التصعيد الجديد، كحلقة من حلقات الصراع الهندي الباكستاني على منطقة كشمير المتنازع عليها بين الجارتين النوويتين، تسيطر كلٌّ من الهند وباكستان على أجزاءٍ من كشمير، لكنهما تطالبان بها كاملةً
ما جذور أزمة كشمير؟
خاضت الهند وباكستان ثلاثة حروبٍ على هذه المنطقة الجبلية، ولطالما كانت كشمير نقطة اشتعال في العلاقات الهندية الباكستانية منذ استقلال البلدين عن بريطانيا في أغسطس عام 1947، حيث تطالب الدولتان - الهند ذات الأغلبية الهندوسية وباكستان ذات الأغلبية المسلمة - بكامل كشمير، وبعد أشهر من استقلالهما، خاضتا أول حروبهما الثلاث.
كشمير منطقة متنوعة عرقيًا في جبال الهيمالايا، تشتهر بجمال بحيراتها ومروجها وجبالها المغطاة بالثلوج، وحتى قبل استقلال الهند وباكستان عن بريطانيا كانت المنطقة محل نزاع محتدم، وبموجب خطة التقسيم التي نص عليها قانون الاستقلال الهندي، كان لكشمير حرية الانضمام إلى الهند أو باكستان.
أراد المهراجا الهندي هاري سينج، في البداية أن تصبح كشمير مستقلة، لكنه اختار في أكتوبر 1947 الانضمام إلى الهند، مقابل مساعدتها له ضد غزو رجال القبائل الباكستانيين، وحينها اندلعت حرب، وطلبت الهند من الأمم المتحدة التدخل. وأوصت الأمم المتحدة بإجراء استفتاء شعبي لحسم مسألة انضمام الولاية إلى الهند أو باكستان، إلا أن البلدين لم يتفقا على اتفاق لنزع السلاح من المنطقة قبل إجراء الاستفتاء، ثم في يوليو 1949، وقّعت الهند وباكستان اتفاقيةً لإنشاء خط وقف إطلاق نار بناءً على توصية الأمم المتحدة، فانقسمت المنطقة.
وتبع ذلك حربٌ ثانية عام 1965، ثم في عام 1999، خاضت الهند صراعًا قصيرًا مع قوات مدعومة من باكستان، وحينها باتت الهند وباكستان قوتين نوويتين، تُطالب كلٌّ منهما بكشمير بالكامل، لكنهما لا تسيطران إلا على أجزاء منها.
في كشمير، تتباين الآراء حول شرعية الإقليم، حيث لا يريد الكثيرون أن تحكمه الهند، مفضلين الاستقلال أو الاتحاد مع باكستان، كذلك يلعب الدين عاملًا مهمًا، حيث تضم جامو وكشمير أكثر من 60% من المسلمين، مما يجعلها الجزء الوحيد في الهند الذي يشكل المسلمون أغلبية سكانه.
وفي عام 1989 اندلعت ثورة مسلحة ضد الحكم الهندي في المنطقة أودت بحياة عشرات الآلاف، حيث تتهم الهند باكستان بدعم المسلحين في كشمير، وهو ما تنفيه جارتها.
إلغاء الحكم الذاتي لكشمير
في عام 2019، جردت حكومة نيودلهي الجزء الخاضع للإدارة الهندية من كشمير من وضعه شبه المستقل وسط حملة أمنية واسعة النطاق، حيث قررت حكومة الهند إلغاء الحكم الذاتي الدستوري لكشمير عام 2019، مما جعلها تحت السيطرة المباشرة لنيودلهي، مما أثار احتجاجات واسعة النطاق.
وفي العام نفسه، أدى تفجير بولواما، الذي أودى بحياة أكثر من 40 من أفراد القوات شبه العسكرية الهندية، إلى شنّ غارات جوية هندية في عمق بالاكوت وهو أول عمل من نوعه داخل باكستان منذ عام 1971 مما أشعل التوتر والصراع بين البلدين.
وبعد عامين، في عام 2021، اتفقا على وقف إطلاق النار على خط السيطرة، على الرغم من الهجمات المسلحة المتكررة في الجزء الذي تديره الهند من كشمير.
القصف الهندي لباكستان
عادت التوترات إلى الارتفاع في أبريل الماضي بعد سنوات من الهدوء النسبي بعد حادث مقتل السياح الهنود، والذي وصف بأنه الهجوم الأكثر دموية على المدنيين منذ عقدين، لترد ردّت الهند بعد أسبوعين بضربات صاروخية على أهداف في باكستان والجزء الخاضع لإدارة باكستان من كشمير، مما أثار مرة أخرى مخاوف من مزيد من التصعيد ودعوات لضبط النفس.
إذ أعلنت القوات المسلحة الهندية في بيان لها، مساء أمس الثلاثاء، أنها أطلقت عملية مستهدفة البنية التحتية للإرهاب في باكستان وجامو وكشمير، وإنها لم تُستهدف أي منشآت عسكرية باكستانية، مضيفة: "استهدفنا 9 مواقع في إطار العملية سيندور"، حيث إنها نفّذت ضربة دقيقة على معسكرات لإرهابيين.
وأكد الجيش الهندي، أن "تحركاتنا كانت مركّزة ومحسوبة ولا تنطوي على تصعيد"، وفقًا لـ"رويترز".
فيما أكد الجيش الباكستاني، في بيا ردًا على الهجمات الهندية، قائلًا: "الهند هاجمت 3 مواقع بالصواريخ.. وباكستان سترد على تلك الهجمات ضد بلادنا"، موضحا ، أنه "سيتم الرد على الهجمات الهندية في الوقت والمكان الذي نحدده".