أكد الدكتور أيمن سلامة، أستاذ القانون الدولي، أن فكرة فرض إدارة مؤقتة دولية على قطاع غزة بعد انتهاء العمليات العسكرية تثير تساؤلات قانونية وسياسية معقدة، تستدعي تحليلًا معمقًا في ضوء مبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة.
وأضاف "سلامة" -عبر صفحته على منصة التواصل الاجتماعي "فيسبوك"- أنه في حين يهدف هذا المقترح المعلن إلى تحقيق الاستقرار وإعادة الإعمار وتلبية الاحتياجات الإنسانية الملحة، فإنه يصطدم بجملة من التحديات القانونية والواقعية التي لا يمكن تجاهلها.
التحديات القانونية
وأبرز أستاذ القانون الدولي، هذه التحديات على النحو التالي:
أولًا، يبرز مبدأ السيادة الوطنية للدولة الفلسطينية على أراضيها المحتلة، والذي يكفله القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة. أي إدارة دولية قسرية، ما لم تتم بموافقة السلطة الفلسطينية الشرعية، قد تُعد انتهاكًا لهذا المبدأ الأساسي، وتقويضًا لحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإدارة شؤونه بنفسه.
ثانيًا، تستدعي تجربة الإدارات الدولية السابقة في مناطق النزاع، كما في كوسوفو وتيمور الشرقية، دراسة متأنية لمدى فعاليتها وإمكانية تكرارها في سياق غزة الفريد. فالاختلافات الجوهرية في طبيعة الصراع، والكثافة السكانية، والوضع السياسي المعقد، ووجود فصائل مقاومة فاعلة، كلها عوامل تجعل من تطبيق نماذج سابقة أمرًا بالغ الصعوبة.
ثالثًا، يثير الحديث عن "دعوة دول أخرى" للمشاركة في الإدارة تساؤلات حول الشرعية القانونية لهذا التدخل، وآليات المساءلة والرقابة على هذه القوات، وتحديد ولايتها القانونية وحدود سلطاتها. فغياب إطار قانوني واضح ومحدد قد يؤدي إلى فراغ قانوني واختلالات أمنية وإنسانية.
رابعًا، لا يمكن إغفال حقيقة أن أي حل طويل الأمد للوضع في غزة لا يمكن أن يتم بمعزل عن تحقيق سلام عادل وشامل بين الفلسطينيين والإسرائيليين، يرتكز على قرارات الشرعية الدولية وحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف. فالإدارة المؤقتة، في أفضل الأحوال، قد تكون إجراءً انتقاليًا، لكنها لا تغني عن تسوية سياسية جذرية تنهي الاحتلال وتضمن الأمن والاستقرار للجميع.
وفي ختام حديثه، أكد أن التعامل مع مستقبل غزة يتطلب مقاربة قانونية حذرة ومتوازنة، تحترم سيادة الشعب الفلسطيني وحقوقه، وتستند إلى مبادئ القانون الدولي، وتستفيد من دروس التجارب السابقة مع مراعاة الخصوصية الشديدة للوضع القائم، موضحًا أن أي حلول قسرية أو أحادية الجانب محكوم عليها بالفشل، ولا يمكن أن تحقق السلام والاستقرار المنشودين.