أعاد الانقطاع الأخير للتيار الكهربائي في إسبانيا والبرتغال إشعال الجدل حول إغلاق محطات الطاقة النووية في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي؛ حيث حثت قوى سياسية مثل حزب الخضر الأوروبي، ومنظمات بيئية مثل المكتب الأوروبي للبيئة وأصدقاء الأرض، الاتحاد الأوروبي على التخلص التدريجي الكامل من الطاقة النووية، والانتقال الكامل إلى مصادر الطاقة المتجددة.
وبحسب مجلة (إينكومباس) الأوروبية فإن حادث 28 أبريل، الذي أثر على الدولتين (إسبانيا والبرتغال) اللتين تستمدان 90% و75% من الكهرباء من مصادر متجددة، أثار مخاوف جدية بشأن موثوقية مثل هذا الانتقال.
وذكرت المجلة المتخصصة في الشأن الأوروبي أن الحرب في أوكرانيا شكلت نقطة تحول في استراتيجية الطاقة الأوروبية. فبالإضافة إلى آثارها البيئية، فإن للوقود الأحفوري عيبا يتمثل في جعل الدول تعتمد على واردات الطاقة في عالم مليء بالتوترات الجيوسياسية، ولم يعد هذا الأمر قابلاً للتطبيق.
وأوضحت أن اعتماد الاتحاد الأوروبي في الماضي على الغاز الروسي قد كشف عن هشاشة أمن الطاقة لديه، مما دفعه إلى البحث عن بدائل أكثر استقرارا وسيادة.
وفي هذا السياق، تبرز الطاقة النووية كحل مناسب بشكل فريد. فهي تنتج الكهرباء دون انبعاث ثاني أكسيد الكربون، مما يسهم بشكل كبير في تحقيق الأهداف المناخية. ويمكن القول إنها أنظف وأأمن شكل من أشكال الطاقة تم اكتشافه على الإطلاق.
وعلاوة على ذلك، تولد المحطات النووية إمدادات مستقرة ومستمرة من الكهرباء، على عكس مصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، التي تعتمد بشكل كبير على الظروف الجوية وتتطلب أنظمة موازنة معقدة لضمان الاتساق، بحسب المجلة التي أشارت إلى أن الشكوك الأوروبية تجاه الطاقة النووية جذورها عميقة، وقد اشتدت بعد الحوادث النووية الكبرى،في تشيرنوبيل عام 1986 ولاحقا في فوكوشيما عام 2011. وأثارت هذه الكوارث خوفا عاما واسع النطاق ومقاومة سياسية، مما دفع دولا مثل ألمانيا وإيطاليا وبلجيكا إلى الإعلان عن خطط للتخلص التدريجي من الطاقة النووية.
وتراوحت المخاوف بين مخاطر السلامة والنفايات المشعة وتكاليف البناء. ونتيجة لذلك، تضاءلت ثقة الجمهور في الطاقة النووية في معظم أنحاء أوروبا.
وأفادت المجلة بأنه إلى اليوم، لا تزال عملية التخلص التدريجي من الطاقة النووية غير متكافئة. فقد أكملت ألمانيا إغلاقها في عام 2023. ولم يكن لدى إيطاليا أي محطات نشطة منذ عام 1990. وأغلقت بلجيكا العديد من المحطات وتحافظ على عملية إغلاق تدريجي. واختارت سويسرا عدم بناء محطات جديدة. وتعارض النمسا ولوكسمبورج الطاقة النووية تماما. ولم تشغل البرتغال أبدا أي محطة نووية. ولا يزال لدى إسبانيا سبعة مفاعلات قيد التشغيل، ومن المقرر إغلاقها بين عامي 2027 و 2035 بموجب الخطط الحالية.
وقالت المجلة إنه يجب على ووبك هوكسترا، مفوض الاتحاد الأوروبي لشؤون المناخ، أن يستغل منصبه للدفاع عن الطاقة النووية باعتبارها مكونا محوريا في استراتيجية إزالة الكربون في أوروبا.. ويجب عليه أن يدعو إلى زيادة الاستثمار في الطاقة النووية، التي توفر مصدرا موثوقا ومنخفض الانبعاثات للطاقة.
وتابعت أنه يمكن أن يكون لنفوذه السياسي دور فعال في تشجيع الحكومات الأوروبية على إعطاء الأولوية للطاقة النووية، وضمان لعبها دورا مركزيا في تحقيق أهداف الاتحاد الأوروبي المناخية، مثل هذا التركيز لن يعزز أمن الطاقة فحسب، بل سيُظهر أيضًا التزام الاتحاد الأوروبي بنهج متوازن وعملي تجاه سياسة المناخ.
وأكدت المجلة أنه يجب على الاتحاد الأوروبي إعادة تقييم نهجه، ليس للتخلي عن مصادر الطاقة المتجددة، بل للاعتراف بأن الطريق إلى مستقبل طاقة آمن ومستدام يجب أن يشمل الطاقة النووية.